|
من يحفظ كرامة هذا العراقي؟
غادر العراق الى لبنان في ظروف معقدة .لم يكن يقرأ أو يكتب لكن التهمة الجاهزة التي أستقبل فيها .ك.ع . حين إعتقاله في مديرية أمن كربلاء مطلع ثمانينيات القرن الماضي هي :أنك عضو في حزب الدعوة العميل! طبعا .ك. لم يكن يعرف من حزب الدعوة سوى ماكان يتداوله العامة من الناس من اخبار عن الذين كا نوا أعضاء فيه وماكان يروج من أخبار عن عمالة هؤلاء لإيران بينما كان صاحبنا يعمل في بيع الاغراض والبضائع البسيطة وينقلها بين المحافظات الى أن أسقطه سوء حظه في كماشة رجالات الامن..هو لم يكن عضوا في حزب الدعوة وبالتالي لايجد مبررا لإقتلاع أسنانه أو لتعذيبه بطريقة وحشية..ولايجد الآن مبررا ليدعي انه كان ناشطا في الدعوة لأنه لايرغب في الإرتزاق على دماء ضحايا كانت النوايا البسيطة تدفعهم في اكثر من إتجاه وربما إنتفع من هذا الإدعاء لو أراد لكن كرامته تمنعه من الرضوخ لذل الكذب والإدعاء الموهوم وبعد فترة من التعذيب والإذلال خرج من السجن ،وكان يحتفظ بشبابه كله لكنه سيق قسرا الى جبهة الحرب وفر منها بعد شهرين .لم يطق البقاء في الجبهات وتسلل مثل ألوف الى خارج الوطن الى أن وصل لبنان ليعيش قساوة الحياة والحاجة والعوز والذل الذي يضرب أعماق كل غريب عن وطنه. بقي هناك لثلاثين عاما يتقلب في الاعمال الصعبة ولم ينتم لقوى المعارضة العراقية برغم أنه كان يلتقي في احيان بشخصيات معارضة ، وهو يعزو سبب عدم حصوله على فرصة او مكسب في النظام الجديد الى إبتعاده عن التنظيم الحزبي .وكان يعمل في مهن لاتبن مستقبلا كسائق جرافة مثلا أو مصور بدائي. وكان قد تزوج من مواطنة لبنانية أنجب منها ولدا يقف اليوم على ابواب الجامعة اللبنانية ولايسمح له بالدخول لأن أوراقه غير مكتملة ولأنه محسوب عراقي !! وهو لايعرف من العراق إلا بمقدار ماكان أبوه يعرف من حزب الدعوة ! وربما لسان حاله كان يلهج بكلمة ..شو يعني عراق متفهمني يابابا ؟ منين بيروحو عالعراق دخيل الله يا بابا. بعد ثلاثين عاما عاد الابن تحمله أجنحة الشوق الى وطن تحول الى دراكولا يمص دماء أبنائه وينهش أجسادهم ..أستقبل اول الامر إستقبال الابطال من الاهل والاحبة..وبقي مع أهله مدة عام تخلله العراك والمشاكل ..ويصف السبب بلهجته اللبنانية ...مامعي مصاري هو اليوم لايستطيع العودة الى لبنان ويصوم صوم الوصال لانه لايجد طعاما وكأنه باكستاني أجتاحت منزله السيول ولم يعد يجد ماءا ولاطعاما في حين هو يعيش في العراق وليس باكستان ...العراق الذي قال فيه المرحوم جبار عكار رائعته الشهيرة: هلي يهل المحمس والبريج ...وقوله هلي المالبسوا خادم سملهم ...!!!لكن هل صلخوا إبنهم في 2010 . وقد سكن في غرفة سيئة التهوية ولاتكييف فيها أنسته هواء لبنان العليل ولسان حاله يقول: خايب إشجابك إشرجعك مو جنت محترم نفسك بلبنان هو هذا بلد واحد يرجعله؟؟ يشرب الماء من قنينة بلاستيكية لفها بقطعة قماش مبللة لعلها تبرد قليلا!!! ولايجد من الطعام إلا مايجود به عليه بعض أبناء القرية دون أن يجد من أهله وأخوته حنية تكفي لتعيد له الكرامة في وطن اللاكرامة. جاءني من مدة وكان بعض الناس أخبروه أن يلجا إلي ووعدته خيرا وأتحت له فرصة الاتصال بولده اللبناني الذي تجاذب معه أطراف الحديث: كيفك ياإبني ياحبيبي؟وكان الابن يرد .كيفك أنت ياأبي؟ وقلت له ..تكلم ولايهمك طز في الرصيد.. هذا عراقي تقطعت به السبل وجنى عليه وطنه ثم جنى على ولد أنجبه في الغربة ووزارة المهجرين لاتساعده لأنه لايمتلك اوراقا تثبت أنه كان مسجونا في العهد السابق .بينما أبنه في لبنان يحتاج إليه لإكمال أوراق دخوله الى الجامعة. من جانبي اقٌول...وين أهل المروة وين أهل الغيرة ..فد فرصة عمل خل نرجع كرامة هذا الانسان.. الذي يعيش الذل بين أهله ولم يعد قادرا على الهرب مرة اخرى من وطنه الذي لفظه.. وهذا نداء لوزارة المهجرين والمهاجرين ولأمانة بغداد ولأي مؤسسة يمكن أن تتيح فرصة عمل تستر على هذا الرجل ..الله يستر على ولاياكم الاتصال بالعبد الفقير جنابي وانا أجئ به مخفورا لكم في حال وجدتم له فرصة..ولابأس أن نهين أنفسنا من أجل عزة إخوان لنا ذلوا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |