أضواء من سلسلة أعلام الهداية عن المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام

 

 

محمود الربيعي

 mahmoudahmead802@hotmail.com

المقدمة

لقد إعتدت منذ بضع سنين أن أقدم سلسلة من الرمضانيات، ورمضانيات 2010 نتناول فيها بعض أدعية الصحيفة السجادية للإمام ازين العابدين عليه السلام منها دعاء رؤية الهلال والثاني بمناسبة حلول شهر رمضان، وقد دفعتني مطالعة أجزاء من سلسلة أعلام الهداية الصادرة عن المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام الى التعليق على بعض الجوانب فيها خصوصاً فيما يتعلق بالحوادث والمناسبات المتعلقة بشهر رمضان المبارك، ومن هذه المناسبات فتح مكة.. ومن اللطيف أن نذكر أن فتحها يصادِفُ ليلة القدر بناء على ماجاء في بعض الروايات.

نرجو من أولياء الأمور ترويج هذه السلسلة التثقيفية في أوساط الناشئة والشباب من أبناءنا وهي نافعة للكبار " وقل ربي زدني علما " وسأتناول في هذه المقالة جوانب من حياة النبي صلى الله عليه وآله وحياة المسلمين قبل وأثناء وبعد فتح مكة. 

عقد صلح الحديبية فرصة ومرحلة إعداد للمستقبل

إن العمل السياسي يتطلب أحيانا ً على أرض الواقع ممارسة سياسية منظمة تتفق وحقائق مايجري على الأرض، ومن هذا المنطلق كان عقد هذا الصلح محاولة لضمان عدم الإعتداء من خلال الإلتزام بعدم خرق بنود هذا الإتفاق بين الطرفين وحقناً للدماء وطريق للعمل السياسي الحر بين الجماعات المتجاورة. 

إستقطاب القبائل وضمها الى التحالف

وقد استطاع المسلمون بعد عقد صلح الحديبية أن يمارسوا نشاطهم السياسي ويبدؤا مرحلة الإمتداد الجماهيري والإنفتاح عليهم، وعرض مشروعهم السياسي الإصلاحي الجديد الذي يعتمد بالدرجة الأساس على رعاية حقوق الإنسان وحرية الرأي والعقيدة، وتنظيم شؤون الدعوة وكسب الرأي العام لغرض تنفيذ المشروع السياسي والبرامج العملية التي تعمل على تخليص المجتمع من آثار الجاهلية، وآثار الفوضى في القانون والسلوك الإجتماعي، وتنظيم حياة الأفراد بالشكل الذي يحقق النمو الإجتماعي والإقتصادي ويخلق حالة من التوازن في رأس المال.

وقد حقق هذا الإنفتاح ضم العديد من القبائل التي دخلت طوعاً في هذا التحالف الذي حقق ثماره فيما بعد عندما ظهر للأعداء أن لامجال لإقصاء المصلحين مهما بذلوا من جهد لإيقاف هذا التيار. 

إندحار المشركين واليهود في العام الخامس للهجرة

وبعد الإنتصارات التي حققها النبي صلى الله عليه وآله وقياداته الميدانية وجماهيره الشعبية بقيام الدولة وإعطاء الشكل الهيكلي لها أَحَسَّ المشركون واليهود أن لامجال لهم في الوقوف أمام هذا الزحف المتنامي، أو الوقوف بوجه القيم الجديدة التي حققت نجاحاً كبيراً.. فقد غزت هذه القيم قلوب الناس، وبدت علائم النصر تلوح في الأفق بعد حالة الإستسلام التي أضحت واضحة في نفوس الأعداء الذين أعلنوا إستسلامهم من دون قتال.

فتح مكة في العام الثامن للهجرة

وبعد فتح مكة نشطت حركة البناء والإعمار ووضعت القوانين والتشريعات الجديدة موضع التنفيذ بعد أن حلت محل القوانين الجاهلية الواهنة التي لم تحقق الحياة الفاضلة ولم تصون حقوق الناس، فدخل المسلمون مكة فاتحين منتصرين بعد الهزيمة التي لحقت بقيادات قريش واليهود.إنفتاح قبائل شبه الجزيرة على المسلمين بعد الفتح في العام التاسع

إن إنفتاح قبائل شبه الجزيرة لم يكن ليحدث لولاتواصل الحركة في مجتمع الجزيرة ووصول أخبار المسلمين لها، فالحركة التجارية التي كانت سائدة دفعت سكان قبائل الجزيرة الى اللقاء بالمسلمين والإطلاع على معالم الدين الجديد وورؤية الصور الإنقلابية التي أحدثها الإسلام في المجتمع.

وقد نقل هؤلاء  هذه الصورة الى قبائلهم خصوصاً بعد إنكسار شوكة المشركين واليهود وانطفاء بريقهم، وقد سهل هذا الأمر من إندفاع رؤساء هذه القبائل ورجالها الى الدخول في الدين الجديد والإلتحاق بحركة التغيير التي طالت المجتمع الجاهلي.

وقد أدى هذا التغيير الى حالة من الرغبة الى التطلع  والنظر في حالة النمو التي أحدثها الإسلام والعمل على التعجيل بنقل التجربة الى تلك المجتمعات التي تعيش في شبه الجزيرة والتي كانت تحيط بمكة والمدينة والطائف. 

حجة الوداع في العام العاشر بداية مرحلة الإعداد والتمهيد للدولة العالمية المنشودة

إن أهم ماتميزت به حجة الوداع هي الوصية المهمة التي أرسى فيها النبي القواعد العامة للدولة فيما بعد الفتح، والتي أوضح فيها المعالم الرئيسية في الحكم والإدارة والقانون، وكان من أبرز جوانب تلك الوصية  تنبيه الأمة الى ولاية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، ولقد استغل النبي صلى الله عليه وآله فرصة وجود الآلآف من الحجاج المسلمين ليبلّغ بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأن يلقي الحجة على الناس. فقد جاء في أعلام الهداية ج 1 ص 33 محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (خاتم الأنبياء) المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام. ط 6 2009 م بيروت مانصه: " ورد الله كيد الأحزاب واليهود معاً في العام الخامس بعد أن أبلى المسلمون بلاءاً حسناً ومهد الله بذلك للفتح المبين بعد أن أيست قريش من القضاء على شوكة المسلمين وانطلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد صلح الحديبية يتحالف مع القبائل المحيطة به ويستقطبها ليجعل منها قوة واحدة أمام قوى الشرك والإلحاد جميعاً حتى فتح الله له مكة في العام الثامن ومكنه من تصفية قواعد الشرك في شبه الجزيرة بعد أن أخضع عتاة قريش لدولته وسياسته المباركة..ثم كانت السنة التاسعة عامرة بوفود القبائل التي أخذت تدخل في دين الله أفواجاً.وكان العام العاشر عام حجة الوداع وهي آخر سنة قضاها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) مع أمته وكان يمهد لدولته العالمية ولأمته الشاهدة على سائر الأمم ".  

الإنجازات اليي تحققت في مرحلة بناء الدولة الإسلامية

أولاً: تطهير أماكن العبادة من مظاهر الشرك: وقد تم ذلك بكسر الأصنام والتخلص منها.

ثانياً: تأسيس المركز الإسلامي: وذلك ببناء المسجد الكبير لإقامة الصلاة العبادية وإلقاء الخطب السياسية.

ثالثاً: بناء المؤسسة الإسلامية: ومهمتها مزاولة النشاط الداخلي للجماعة وقد بدأت عملها داخل المسجد الكبير بدلاً من إقامة الندوات في البيوت.

رابعاً: تشكيل لجان الدعوة: وهدفها إقامة العلاقات الخارجية مع القبائل المحيطة بشبه الجزيرة وذلك بالإعتماد على جهود المهاجرين والأنصار.

رابعاً: الإهتمام ببناء القواعد الشعبية والإنفتاح على الجماهير: كان المسجد منطلقاً للإنفتاح على الجماهير قبل إقامة الصلوات وبعدها خصوصاً أوقات التجمعات التي تسبق الأحداث المهمة لما فيها من مجال للتوعية وقد أدت هذه النشاطات الى إنخراط الكثير من الناس الى التجمع والدخول في العمل المنظم تحت قيادة النبي صلى الله عليه وآله.

خامساً: كتابة الوثيقة السياسية التي تنظم العلاقات الخارجية بين القبائل: وقد نظم النبي صلى الله عليه وآله العلاقة بين القبائل بوثيقة تحفظ تلك العلاقات وتضمن الحقوق للجميع على أسس من التكافؤ والمساواة وفق الدستور الإسلامي وقوانينه.

سادساً: حفظ المعاهدات الموقعة مع اليهود: كما أمضى النبي صلى الله عليه وآله معاهدة مع الكتل اليهودية ليحفظ هيبة النظام الجديد، كما يحفظ لأهل الكتاب حقوقهم وحياتهم وممارساتهم العقائدية بشرط عدم  الإخلال بقيم الدولة الجديدة. جاء في أعلام الهداية ج 1 ص 31 – 32  محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (خاتم الأنبياء) المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام. ط 6 2009 م بيروت مانصه: " وأسس النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم أول دولة إسلامية أرسى قواعدها طيلة السنة الأولى بعد الهجرة بدءاً بِكَسْرِ الأصنام وبناء المسجد النبوي الذي أعده مركزاً لنشاطه ودعوته وحكومته وبالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ليقيم بذلك قاعدة شعبية صلبة يقوم عليها بناء الدولة الجديدة، هذا مضافاً الى كتابة الصحيفة التي نظم فيها علاقة القبائل بعضها مع بعض والمعاهدة التي أمضاها مع بطون اليهود حيث كانت تشتمل على الخطوط العامة لأول نظام إداري وحكومي إسلامي " 

خاتمة

لقد وجدنا في سلسلة أعلام الهداية خير مختصر يجمع المعلومات التأريخية ويعرضها بصيغة عصرية حديثة، وقد حاولنا أن نتوسع في عرضها خصوصاً تلك الإثارات التي تتعلق بالتغيير الإجتماعي،  نسأل الله التوفيق للجميع، وجزى الله النبي وآله والعاملين معهم على سبيل إعلاء كلمة الله خير الجزاء إنه سميع مجيب.

 

 

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com