|
عيد على بوابة القهر
الكاتب علاء الريماوي للعيد أهازيج وطقوس ... ثياب جميلة ولقاء أحبة ... أطفال يفرحون تزهوا في أيدهم العاب المرح ... وبنت وردية بعمر الزهر يزدان بها الثوب الأبيض المطرز بنسائم الورد الاحمر ... و بيوت امتلأت حباً وتراقصت كما السهل النرجسي في فصل الربيع .... وأمهات تفننت في اصناف الحلوى حتى ترسم البسمة على وجوه الملائكة الصغار. حتى الشمس ان نظرت اليها وجدتهافي حلة العيد باسمةً تحنو على الارض تشارك البلابل عزف الوان موسيقى الطبيعة الآخاذ أما ليلة العيد فحكاية فوق ألوان الرومانسية المألوفة ،فعتمتها يزينها القمر كأنه حورية تزينت للقاء حبيب ، ونسائم معطرة تذكي الشوق قصائد من جمال.على أوتار الروح مآذن هتفت نشيد العيد تعظيما لله وتمجيدا ، حتى ان تخيلت العيد واقعا قلت هو عرس جنة أو موكب علوي فيه الرحمات العيد في الزنزانة له حكايات تمتد من ذكريات الشوق حتى حدود الألم البعيد الذي تفننت فيه قساوة الجلاد وعتمة الزنزانة .حكايات اوقفت الانسانية امام محاكمة لن تنتهي حتى يصدر حكم الاعدام على غاصب يسرق وطن ويحتل امل ويقهر بسمة ، العيد هناك تفاصيل ارويها لكم في مشاهد حية مباشرة من غير تدخل ولا إضافة . استقبال العيد العيد في الأسر له طقوس يصنعها الاسرى لميزوه عن ايامهم العادية ، تنظيفات وتجميل للزنازين بقصاصات الورق الملونة التي يتفنن فيها الأسرى مضيفين عليها صور الأحبة من الأطفال لتكسر قتامة الزنزانة كي نميزها عن القبر ومع دنو الأيام أناشيد يتدرب عليها الشباب حتى تطرب قلوبهم الطاهرة الجميلة ولساعة المرح المعذب يجمعون ما تيسر من حلوى يصنعونها بأيدهم يسمونها كنافه ،هريسة ، والشوكولاته العالمية التي يتقنها الاسير محمد دغلس( الفرارو ) كلها تشترك بأنها مصنوعة من فتات الخبز المتبقي من طعام الاسرى يضيفون اليها ما تيسر من بعض المواد التي تدخل الكنتين ليسهل على الآكل تميز الفرق بينها . اما ملابس العيد تكون مخبأةً على مدار العام لا تمس الا في العيدين ويوم زيارة الأهل ، يحافظ عليها مكوية من خلال طيها ووضعها تحت فراش نوم اكثر الاسرى وزنا ليكون بذلك الفضل له في رؤيتك ثياباً مرتبةً مقبولة المظهر.كما يجتهد الاسرى في تهريب زجاجة عطر يحكون معها رائحة جديدة للمكان ، كأنهم يسمعون بأفعالهم الجلاد بأن أعيادنا لنا ولن تسرق عيد من دموع وقبل سجن تلموند من السجون الفريدة التي تجمع كافة الاسرى من اطفال ونساء وبالغين في اقسام معزولة عن بعضها لكن يسهل التواصل بينها عبر الفتحات الصغيرة للنوافذ في احد الاعياد وبعد ان صلينا الفجر وتجهزنا للصلاة في زنازيننا واذا بصوت بكاء يعلو في قسم الاطفال ، هرعنا الى النوافذ واذا به محمد ابن الثلاثة عشر ينادي بصوته الرقيق المثقل بحشرجة الدموع يا شيخ ضياء( بدي امي من شان الله بدي أروح ، أهلي اشترولي لبسة العيد ، امي حكتلي قبل اشوي هذا الحكي ) ثم جاء بعده صهيب ابن الخامسة عشر ينادي يا شيخ اولاد غرفتي بعيطوا على محمد .موقف اصابنا بالذهول واستنفر فينا عواطف جياشة كنا نخبؤها تجملاً بين الاحبة وجلداً نقهر به السجان .وبعد مفاوضة ووعد بهدايا سيطرنا مؤقتاً على دموع الاطفال ومضينا الى الصلاة وما ان اقتربنا من الانتهاء حتى عاد مشهد محمد و فؤاد الباكي طلبنا مدير السجن وبعد مفاوضة سمح بزيارة للاطفال لقسمنا حتى نهدأ من روعهم ،و جهزنا على جناح السرعة هديةً لكل واحد منهم من صنع ايدينا حتى نضيف للاطفال شيئا نفسيا يعيشونه في العيد . وصل الاطفال مرتبين في طابور فدخلو علينا في ساحة السجن وحين اللقاء ركضوا إلينا وركضنا إليهم و حضن كل واحد منا ولده و بكوا في أحضاننا ... وبكينا من غير دموع قبلنا رؤوسهم و مسحنا عليها وما ما زلت أعيش إلى اليوم المشهد بتفاصيله الإنسانية التي لن يسهل على احد فهما إلا من عاش التجربة .صمت في الليل وذكريات يمر نهار العيد نتبادل الزيارات نسلو بالقصص ننشد نغني يقوم بعضنا بعمل مشاهد مسرحية هادفة ترسم البسمة في المكان نبقى على ذلك حتى نصلي العشاء ونخلد الى النوم وفي النوم يبدأ شريط الذكريات يعبر المكان الى الديار الحبيبة حيث الام والوالد والزوجة والولد نطوف عليهم واحداً واحداً نرسم على جباههم القبل ، ثم نلوذ من الذكريات الى الدعاء بأن يمن الله علينا بالفرج . كان يقول الأسير علاء قفيشه المحكوم بالمؤبد " في ليلة العيد اتحسس تفاصيل اولادي في الصور واقبل همام حتى أنام ، وفي نومي أراه اعيش العيد معه حتى الصباح . اما عماد القواسمي احد الاسرى المؤبدات كان يعيش ليلة العيد بطريقته الخاصه يجلس على كرسيه قبالة الشباك ويضع أنشودة ... (للأحباب نغني ) في إذنيه وما ان ينام الجميع حتى يلوذ بشوقه الى صلاة الليل كأنه يعيد مشهد يعقوب عليه السلام وهو يقول (انما اشكو بثي وحزني الى الله ......) ليلة العيد صمت الظاهر وزحمة من الذكريات والاحلام الجميلة التي تسلو عن الاسير همه وحزنه ووجع الفراق. في حديث الذكريات تكثر القصص الكثيرة الجميل منها والحزين ، لكن ما تعجب إليه بعض ما نشرته الأوراق الصهيونية هذه الأيام التي تجهز فيها عائلة شاليط استقبال عيدها من غير ولدها كم التضامن الدولي الذي جاء من زعماء أوروبا ، والولايات المتحدة ، وحين الحديث عن أولادنا يباح لسجانهم انتهاك الحرمات دون معاتبة ولا استنكار . وقبل الختام لست أدري إن كان يباح لأولاد الزعماء الفرح ، حين يحرم خير الناس رؤية النور .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |