مشروع تغريم الطلبة الراسبين .. هل هو حقيقة ؟

  

زاهر الزبيدي

zzubaidi@gmail.com

كشف السيد فلاح القيسي ، رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة بغداد ، عن وجود مشروع قانون مقدم لمجلس النواب يقضي بفرض غرامة مالية على الطلبة الراسبين قد تصل الى ألفي دولار .. والهدف من ذلك ، كما ذكر ، هو للأرتقاء بمستوى التعليم في العاصمة خلال الأعوام الدراسية المقبلة .

لماذا تكون وسائلنا لتطوير كافة مجالات الحياة في بغداد على حساب المواطن فمثل هذا القرار سوف لن يولّد ،برأينا، سوى التسّيب لآلاف الطلبة في الشوارع فالتعليم لا يرقى بمثل تلك القرارات العقيمة ،إذا ما شُرعت ،  .. التعليم يرقى بتحسين تدريب المدرسين والمعلمين على أحدث طرق التدريب وأكثرها فاعلية في شد الطلبة الى مقاعد الدراسة .. نحن لسنا بحاجة الى الفي دولار من كل طالب على الرغم من المبلغ عال جداً على مئآت الآلاف من الأسر البغدادية الفقيرة ، كي يرقى التعليم لدينا بحاجة لرؤيا جديدة وعصرية حديثة لقطاع التربية والتعليم بشكل عام .. نحن بحاجة لثورة علمية كبيرة على الواقع العلمي والتربوي في العراق .. بحاجة الى نظرة حكمة ومقدرة على تبني الوسائل الأكثر والأسرع تأثيراً في واقع طلابنا .

عندما تقدم الهيئة التعليمية كل ماهو مطلوب منها وتوفير كافة المستلزمات الدراسية المادية والفكرية وعلى المستوى الذي يقارب في أدناه مستوى التعليم في دول الجوار وعندما تقدم الأمن للطالب وعائلته وكافة مستلزمات الحياة الحرة الكريمة لهما .. عند ذاك تنتظر النتائج لترى هل سيكون هناك مبرر لفرض غرامة على طالب فقد أبويه أو أخيه في أحد الأنفجارات التي سببها خلل أمني أو من أرهبه منظر قتل شنيع وقع أمامه .. أو هل لديه مكان مستقل أو مكتبة عامة يمكنه بحرية الذهاب اليها والجلوس للمطالعة .. وهل هناك كهرباء ليرى كتابه أو حتى ليهيء نفسه للأمتحانات أو هل لديه مايرتديه ليكون مثل أقرانه في البلدان المجاورة أو حتى دول العالم المتحضر وهل قمنا بمراقبة حالة الطالب النفسية التي تأثرت بفعل العمليات الأرهابية الهوجاء التي تطال كل مرافق الحياة في الوطن وهل سعينا لعلاجها .

كلا .. فنحن حتى مستوى المدرسين والمعلمين لدينا بدأ في الأنحدار الى أتعس مستوى له بفعل المتغيرات التي حدثت في المجتمع العراقي وعلى سبيل المثال فـأن التضخم الحاصل في الوطن تسبب في أن أغلب الرواتب المصروفة للهيئة التعليمية وأسر الطلبة لم تعد كافية لتأمين الحياة الحرة الكريمة لهم ولعوائلهم مما دفع ببعض ضعاف النفوس من الأسرة التعليمية الى أتباع أساليب غير شرعية في تأمين حياتهم من خلال جمع الأموال وبشتى الطرق أسهلها الدفع بالطلبة الى الدخول في حصص التدريس الخصوصي التي يجني منها الكثير على حساب رداءة التدريس .. فكم من أستاذ لا يعطي المادة حقها في المدرسة وفي قاعة التدريس الخصوصي يصبح من أشهر علماء المادة .. وكم من مدرس فاوض طلبته على (كارت شحن موبايل ) في سبيل أنجاح أولئك الطلبة أو إدخالهم للأمتحان الوزاري ..

أيها السادة لم يعد هناك وجود لمدرسي ومعلمي السبعينات وبعض الثمانينات من القرن الماضي بحرصهم وتفانيهم وخبرتهم في التعليم لقد أنتهوا ولم يعقبهم جيل جديد بصفاتهم العلمية والخلقية .. والموجود لايسد رمق التعليم بشيء .. وعلى ذلك الأساس فأن نظامنا التعليمي قد يكبوا كبوة لا ينهض منها لعشرات السنين وقد تعود بالوبال على الوطن وطلبة العلم فيه .. ناهيك عن أن أبنية المدارس لم ترقى لمستوى المدارس في دول الجوار فأغلب مدارسنا قديمة تفتقر الى أبسط المقومات التي تجعل منها صرح علمي وتربوي حديث.

أننا أمام صراع كبير مع أنفسنا ولدينا أهدافاً كبيرة .. ففي بلدان العالم التي ارتقت قبلنا بعشرات السنين .. للمعلم دوراً كبيراً في الحياة فمن تحت يديه يتخرج حاملوا لوء المستقبل البهي والرجال الذين تناط بهم مسؤولية البناء المستمر أي أنهم ببساطة يبنون جيلاً ليحمل الرسالة وليس كالجيل الذين يجري الآن بناءه بلا مقاومات البناء الصحيحة وهو ينتظر الفرصة لكي ينسل بعيداً عن مقاعد الدراسة ليصبح رقماً صعباً آخر في قائمة العاطلين الذين يتكسعون في الشوارع في بلد الشباب والقوة .

علينا مراقبة وضع الهيئة التدريسية بأستمرار وتوفير كافة مستلزمات الحياة لضمان عدم بحدثهم عن عمل آخر ليكملوا به مستلزمات حياتهم فلا ضير من زيادة رواتبهم بحكمة ، فالكثير من أعضاء الهيئة التدريسية يعملون بعد أنتهاء العمل في مدارسهم ولساعات متأخرة من الليل فمنهم أصحب (التكسي) و(الجنابر) فما الذي ترتجيه من مدرس يأتي في الصباح متعباًَ مرهقاً .. بدلاً من أن يكون متفرغاً بصورة كلية بعد الدوام الرسمي للمطالعة وتطوير قابلياته العلمية والأطلاع على أحدث سبل في التعليم .

علينا التريث كثيراً في مثل تلك القرارات والبحث عن سبل أكثر واقعية للمرور من النفق المظلم الذي يسير فيه قطار التعليم في العراق  .

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com