وما الغريب في منع الموسيقى والغناء ؟الأمة العاقلة لا تُظلم .... الشيخ محمد عبده

 

محمد ناجي

muhammednaji@yahoo.com

أثار خبر إلغاء فقرات الموسيقى والغناء في مهرجان بابل استياء عدد من المثقفين ، ظهرت في تصريحات وكتابات في أكثر من وسيلة إعلام . وحسنا فعلوا ، فالصمت يحشرنا ويحشرهم سوية في خانة واحدة مع الشيطان ... الأخرس والعياذ بالله !

ولكن في الحقيقة ، لا نجد في هذا المنع غرابة ، لأن ما حدث في بابل يجري في كل العراق ، باستثناء كردستان، التي لها تفاصيل أخرى . فأين هي الموسيقى والغناء والمسرح والسينما في بغداد نفسها ؟ وماذا يسمع الناس حين يركبون (الكيا) أو التاكسي ؟ وما هي اللافتات المعلقة في الشوارع ؟ وماذا يباع في المكتبات وعلى الأرصفة ؟ وكم مرة تستنفر الأجهزة الأمنية في السنة ، وتقطع الشوارع ، وتحشد كل إمكانياتها لمنع هجمات الإرهابيين

الثقافة السائدة اليوم في العراق ، كل العراق ، ونكررها هنا مرة أخرى ، هي ثقافة الاستبداد ، ولكن بإخراج ومفردات وخطاب يتناسب مع أصحاب السلطة ، في الدولة والشارع . أي بعبارة أكثر وضوح ، إن العراق والعراقيون لم يخرجوا بعد - ولا يُراد لهم أن يخرجوا -  من ثقافة تقديس السلطة السياسية / الدينية ... ورفع الصور والهتاف والتصفيق . ولم يتغير شيء غير صورة الشخص المقدس ومفردة الخطاب والهتاف ، وبدلا من الغطاء القومي البعثي الواحد تحول إلى أكثر من غطاء وشعار وفقا للجهة ومنطلقاتها ، وبالطبع ما يحتاجه هذا الخطاب من مستلزمات الديكور والطقوس . ولذلك لم يكن من طبل وزمّر للبعث وصدام بحاجة لتقديم كشف حساب واعتذار عما فعل ، ولم يكن مطلوبا من أي منهم غير أن يغيّر الولاء ، ويسير مع الركب بل أحيانا في مقدمته !

إن هذا الإجراء ، يتفق مع ما هو سائد ، ومصالح أصحاب القرار . وطالما هناك فعاليات ونشاطات ومناسبات كثيرة توفر لمن يمسك بزمام السلطة المزيد من السيطرة على الشارع ، وتوفر لهم الفرصة لسرقة القرار من خلال تحجيم المواطن – صاحب القرار في النظام الديمقراطي الحقيقي – وخداعه وتحويله إلى رقم هامشي ، بعد أن تُسطح وتُغيّب عقله ، فمن الطبيعي أن يصبح الفن والموسيقى ، وكل ما يطور وعي الإنسان ويرتقي بشخصيته ، من المحرمات والممنوعات ، وهذا الإجراء لن يكون الأخير .

ومن المناسب الإشارة إلى أن الذين أصدروا هذا القرار المثير للإستياء ، هم أشخاص يملكون تخويلا من المواطن . وهو الذي منحهم الثقة بإرادته الحرة ، بواسطة ورقة وضعها في الصندوق ، ولون إصبعه بالحناء البنفسجية في عرس الانتخابات . وهذه الحقيقة ، مع بعض مظاهر ندم المواطن هنا وهناك ، تفرض على المحتجين أن يشحذوا همتهم وأدواتهم في الانتخابات المقبلة ، ويفرضوا وجودهم كطرف فاعل في المعادلة ويعيدوا كل مفرداتها إلى حجمها ودورها الطبيعي ، وصدق من قال : كيفما تكونوا يوّل عليكم .

 

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com