|
ديمقراطية وحقوق انسان ... حقوق الوطن
ناصر سعيد البهادلي
من مستلزمات الدولة اي دولة ان يكون هنالك نظام تربوي وتوجيه معنوي ينبثق من النظام العام المعتمد في الدولة ليحقق اهداف ترسيخ هذا النظام العام وبنائه ، والدولة بمفهومها الشرقي المتخلف تتماهى مع السلطة لتصبح شيئا واحدا لايمكن تمييز احدهما عن الآخر ، بل وتمادت بعض الدول الشرقية وخصوصا العربية منها لتتماهى فيها مفاهيم الدولة والمجتمع و الوطن بالسلطة ، والاكثر من ذلك تماهت السلطة المختزنة لهذه المفاهيم في شخصية الحاكم ليصبح الحاكم هو السلطة والدولة والوطن والمجتمع ، وهذا مارأيناه جليا في نظام الحقبة الصدامية البغيضة حتى صدحت ابواق التطبيل والتمجيد بهتاف اذا قال صدام قال العراق!!! وكان النظام التربوي والتوجيه المعنوي للمجتمع ترجمة لارادة ومصالح الحاكم باعتبار رؤية الحاكم وارادته ومصالحه هي النظام العام الذي تدور جميع افلاك ومفردات الحياة العراقية حوله ، ولذا رأينا في الشطر الاخير من عمر الطاغية وجود مناهج تدريسية في الجامعات العراقية سميت فكر القائد كمنهج تربوي وتوجيه معنوي للمجتمع العراقي ، وايضا كان درس التربية الوطنية في المدارس يسهم بشكل فاعل في التربية المنعكسة من السلطة لانتاج مجتمع القطيع والعبودية و الهمج الرعاع ، وفعلا تمكن الطاغية واعوانه وابواق التطبيل من انتاج مجتمع القطيع واستحداث معايير جديدة للتفاضل والتميز جعلت الوضيع رفيعا وبالعكس ، وكذلك اصبح اصحاب ابواق التمجيد والتطبيل من الشريحة التي تحظى بالرعاية لما لها من دور فاعل في تعبئة الجمهور في الانسياق القطيعي الاعمى .... وبعد سقوط الطاغية ولما يحمله المواطن العراقي من انساق معرفية وتعبئة وجدانية متخلفة سرعان ماهب للانتقام من الطاغية الحاكم والذي تمثل بالهجوم الفظيع على الوطن والدولة ومؤسساتها نتيجة حالة التماهي التي رسخها الطاغية من خلال ابواف التمجيد والتطبيل والنظم التعبوية في المدارس والجامعات ، وللغباء المفرط لطبقتنا السياسية وانبطاحها الاعمى امام الطروحات الغربية في مجال التنشئة الاجتماعية سرعان ما رأيناهم يتسابقون لاضفاء الديمقراطية وحقوق الانسان على شخصياتهم ومناحي تفكيرهم حتى وصل الامر ان تستبدل المناهج التعليمية في الجامعات من ثقافة قومية وفكر القائد الى ديمقراطية وحقوق انسان اتوجيه المجتمع نحو الفتوحات الجديدة في عالم التحضر ، واللطيف ان الكوادر التدريسية التي اضطلعت بهذه المهمة هي نفسها التي كانت تدرس ثقافة قومية وفكر القائد !!! ، ولم يكتف الساسة والحكومة بذلك بل استحدثت وزارة لحقوق الانسان اضافة الى خطاب سياسي في وسائل الاعلام سواء من قبل الساسة او من قبل رعاة العراق الجديد وهي الدول الغربية يركز ويكثف جهوده على تخليق مجتمع ديمقراطي ينعم بحقوق الانسان .... ويبدو ان حراك الساسة نحو الديمقراطية وحقوق الانسان نابع من ردة فعل متسلحة بالتخلف ضد الثقافة الديكتاتورية او نابع من مصالح شخصية وحزبية ، فهذا الحراك القى بحقوق الوطن والدولة واالمجتمع عرض الحائط وجسد حقيقة ان الساسة لازال في تفكيرهم حالة العداء للدولة والوطن والمجتمع باعتبار هذه المفاهيم صور من صور المقبور صدام حين تماهت بشخصيته ، وربما كانت المصالح الشخصية والحزبية قادت الساسة لاستثمار ثقافة القطيع المنتجة من نظام الديكتاتورية من اجل انتاج صور اخرى من صور الديكتاتورية واستعباد الناس ، وكلا الاحتمالين قائمين في ساستنا نتيجة هذا الانهيار في الدولة والوطن والمجتمع دون ممانعة منهم او احتجاج ملحوظ بل على العكس نراهم يتمادون في الاجهاز على الدولة والوطن ، حتى وصلنا الى حالة تبلور لفرق تطبيل وتمجيد لبعض الساسة وخصوصا المسؤولين منهم ، فلم نعدم من كتاب او فنانين او مثقفين سخروا طاقتهم للتغني بدولة الرئيس او معالي الوزير او سعادة النائب ، والانكى ان نشهد احد الوزراء وفي لقاء مواطن في مكتبه حينما قال المواطن نوري المالكي دون القاب مسبقة احتج الوزير على المواطن ليعطيه محاضرة في وجوب ان يذكر رئيس الوزراء بدولة الرئيس والوزير بمعالي الوزير ومن هذه الترهات المخزية .... ، فاذا كان الوزير هذه ثقافته فنعم الديمقراطية المقبلة !!! وخلاصة الملخص ان الاولوية الى ان يثقف ويربى ويوجه المجتمع على حقوق الدولة والوطن بعد تفكيكها عن شخصية الحاكم والسلطة وهذا ما لم نره سواء على مستوى المناهج التعليمية في الجامعات او على مستوى الخطاب الثقافي للمجتمع من قبل ساسة الفخامة والدولة والمعالي والسعادة .... وتستمر المأسآة
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |