|
صـــوت الجـــوع
زاهر الزبيدي كم هو مؤلم الجوع .. والأكثر إيلاماً أنك في بلد يمليء الجياع أرضه ويزرعون جثثهم الخاوية في ترابه .. ذلك الذي يسمى "الوطن" لا أدري لماذا لا نحب الوطن مثلما تحب بقية الشعوب أوطانها.. ولا أدري لماذا نحن محتمة علينا الهجرة دائما .. قد نكون قمنا بأكبر هجرة في تأريخ البشر الحديث .. ملايين منا نزفوا حبهم لوطنهم وجعلوه في جعبة علقوها على خصورهم أو من حولته الى خارطة تطرز جيدها .. لماذا الجوع ينهش بشعب الذرى .. في وطن من أغنى أوطان الكون وأبهاها ، ونجلس دائماً للتحدث عن خارطة واسعة من الموارد والثروات فهنا الكبريت وهناك النفط وهنا الفوسفات وتلك الجبال من الذهب والنهران الغافيان على وسادة الغرين الذي سيطمرهما يوماً . وصوت الجوع يبقى يأن في قلوبنا كسيمفونية قديمة من زمن الضياع في البحث عن لقمة العيش .. هل للجوع صوت .. نعم صوته كصوت الثكالى من نساءنا والموبوءون بالمرض من رجالنا وعجائزنا والمحرومون من أطفالنا وأيتامنا وقتلانا مجهولوا الهوية .. ومن يكتم هذا الصوت .. يدٌ من خير حباها الله حباً مفرطاً للوطن وإذن صاغية لصوته تستشعره أينما وجد في أرض السواد لتكتمه بعمل صالح يلم شتات من ضاعوا وتغربوا في وطنهم .. وصوته هناك منتشر على بقاع الأرض فما من بقعة في العالم لم تحوي على صوت جوع لعراقيّ نأى بنفسه وأهله من الموت ليقع في حبائل الجوع .. وتلك الأذن الشريفة بعيدة عن إكتشاف صوته المبحوح الذي أحيطت به نغمة الغربة فغناها لأطفاله ليلهيهم عن جوع اليوم بأنتظار صباح جوع أخر تشرق عليهم به شمس الغربة . متى نشعر أننا في وطننا .. في بيتنا أو متى يكون لنا بيت به نخله نعلق على سعفها احلامنا وأحلام أطفالنا البسيطة وأمل شيوخنا وعجائزنا لنا أن نعود بعد الغربة نغتسل بماء دجلة ونأكل من بساتين الفرات ، أن نعيش لا نرتقب الموت في شوارعنا أو أن يدخل عليها شبابيك أخر العمر .. وآخر العمر تلك مصيبة وأنت تودع الوطن الضائع المباع في بورصة الأوطان الرخيصة ومعك الى قبرك تذهب أحلامك لأبناءك مثلما ما ذهبت احلام أبيك لك ولم يعلقها على نخلة من نخيل الوطن ..عبثاً نحلم .. يا أسفي على الوطن !
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |