|
كل عام نفرغ محتويات خزانة الكتب لنعثر على عشرات الملازم لكل المناهج للدراسات الثانوية .. فيزياء ، كيمياء ، عربي ، أنكليزي وأحياء وغيرها من الملازم الدراسية المختلفة التي ابتدعها المافيا التي تنهش جيوب أولياء الأمور ، وعقول أبناءنا ، وتلك المافيا تتكون من المعلم أو المدرس الذي يعد الملزمة ، المطبعة التي تطبع مئآت الآلاف منها والمدرس في المدرسة . فالمدرس في المدرسة في ظل الظروف التي يمر بها البلد من تضخم كبير وأسباب أخرى لم يعد يقدم المادة الدراسية بالطريقة التي تدفع الطالب الى الأعتماد عليه فقط في فهم المادة ولم تساهم وزارة التربية بوسائلها الاعتيادية على دفع المدرس للعمل بجد لتأدية واجباته تجاه الطلبة ، والمدرس الآخر هو المدرس الخصوصي الذي قد يكون قد ترك التدريس في الدولة لكونه ،التدريس، لا يوفر له أحتياجات عائلته مع التطور الحاصل في الحياة الأجتماعية ومن هؤلاء أسائذة خسرت جهودهم وزارة التربية وبالتالي خسر جهودهم الطلبة الذين هم بأشد الحاجة الى مدرس كفؤ قادر على إيصال المادة . لقد أوقعنا طلبتنا في فوضى فكرية كبيرة بالسماح بأنتشار تلك الملازم بشكل هائل فما أن تمر في شارع المتنبي مثلاً حتى ترى المئآت من أولياء أمور الطلبة وهم يتجمهرون أمام باعة الملازم الدراسية وكل منهم يحمل قائمة بالملازم المطلوبة لأبنائه وهو مرغم على شراءها لكون مايتم تقديمه من مستوى تعليمي في مدارسنا وصل الى مستوى متدني الى أقصى مدى .. كذلك فأن الاستخدام السيء لتلك الملازم سيؤدي بالتالي الى "تحنيط عقولهم" ، أبناءنا ، وفقدانها لأهم مميزات العقل لدى الطلبة وهو أن يكون قادراً على البحث والتفكير عن الحلول الممكنة لأي معضلة دراسية وهي بذاتها ، تلك الميزة ، من ستؤهل الطلبة للتفكير المستمر الذي ينتج عنه القابلية على المناورة في استخدام المعلومات المتيسرة له من المنهج ، الكتاب المدرسي ، في حل مختلف الأسئلة وتفتح أمامه مجالاً رحباً لاستيعاب مساحات واسعة من المعرفة المدرسية .. أنه تحنيط لعقولهم .. ونعود بعد سنين لنتسائل لما تجمدت عقول أبناءنا ولماذا لم تتجمد عقولنا نحن ، والسبب لكوننا في السابق لم نكن نعتمد على الملازم المدرسية ولم تكن هناك أصلاً ملازم مدرسية لكون جميع المدرسين والمعلمين عملوا في حينها بمنتهى الأخلاص والمهنية وقدموا لنا صورة رائعة لمستوى التعليم في العراق وهم ذاتهم الذين استقطبتهم دول الجوار لكونهم صنعوا لأنفسهم سمعة كبيرة في المنطقة بتفانيهم وإخلاصهم الكبير في العمل وجديتهم وشعورهم الكبير بالمسؤولية تجاه وطنهم .. لا نعلم مالذي تغيير لتظهر تلك الموجة المؤلمة المؤسفة من الملازم المدرسية الذي أصبحت عبئاً مادياَ ثقيلاً على أولياء الأمور وعبئاً فكرياً على أبناءهم .. علينا أن نضع حداً لها والآن قبل أن نساهم في تدمير عقول أبناءنا ونزحف بالتعليم الى أسوء مراحله وكل ذلك في سبيل المنفعة الشخصية لبعض تجار الملازم الذي شبعت بطونهم من تلك العملية التي ستفضي يوماً الى الانقضاض على عقول أبناءنا الطلبة إذا لم تكن قد فعلت ! نحن جميعاً مسؤولون عن تحنيط عقولهم بقصد أو بدونه وعلينا أن نرعوي الآن ونضع أنظمة وقوانين تحدد من طباعة ونشر تلك الملازم وعلينا أن نراقب كيف تجري الأمور في قاعات الدرس في كل مدارسنا أو على أقل تقدير الثانوية منها لنعرف كيف يقوم المدرس والمعلم بتقديم مادته ، علينا أن ندربهم على أنجع الطرق الحديثة في أيصال المادة للطلبة وأن نفقههم في وسائل التعليم الحديث من وسائل أيضاح مختلفة ، مع قدرة كبيرة على التفاعل بحكمة مع الطلبة ليس لكونهم عماد المستقبل بل لأنهم المستقبل بعينهم وحذاري من ضياعه .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |