|
ديمقراطية الطائفة و الحزب !!
حيدر محمود شاكر كلمتان احداهما نقيض للاخر، لا تربط بينهما اي صلة قرابة إلا في العراق! وفي محاولاتهم لتثبيت دعائم الديمقراطية في العراق الجديد، صنعوا (برلمان الشباب)، وقالوا: هذا برلمان للشباب، فلتسعدوا أيها الشباب ولتمرحوا، هيا تعالوا الى البرلمان... تحت قبته ستجدون الحرية، الابداع، الانطلاق، كل ما تريدونه! وجاء الشباب، من رحم احزابهم وتياراتهم! فقد أختاروهم اختيارا ليعبروا عن ديمقراطية أحزابهم وديمقراطية طائفيتهم وجعلوا منهم قادة للشباب في الاعلام، في كل الامور، فهم المفضلون في كل المواقف، لانهم جاءوا من رحم الارادة الديمقراطية لبناء عراق جديد. هؤلاء المختارون من القادة الشباب، يعرفون جيدا مواعيد الساسة الكبار، من سيذهب منهم الى الخارج، من سيكون الرئيس الجديد للبرلمان، ماهي الامتيازات التي سيحصل عليها من ملابس جديدة وربطة عنق يتباهون بها، غافلين، متناسين همومهم كشباب، احلامهم، تطلعاتهم، بعيدين عن أقرانهم ممن يلتحفون الارصفة، ويتقاسمون خبز الجوع، ويبيعون أحلامهم على عتبات العبوات الناسفة وهم في طريقهم الى البحث عن فرصة (حلم) العمل! هل هذه ما يسمونها ديمقراطية للشباب؟ هل نحن مجتمعات تمارس ديمقراطيتها حقا؟ هل لنا دور – كشباب – في صنع ديمقراطيتنا؟ نحن كشباب، تحددت أتجاهتنا ما بين صخب الحياة وعنف الواقع، حياتنا مليئة بلائحة طويلة من الطلبات والمصاريف والثقافات الجديدة ما بين هادمة وبناءة، نصطدم بالواقع الاليم الذي يكشر عن أنياب الارهاب ليأخذ في كل يوم قطعة من جسدنا الشبابي المفخخ دوما بالامل وحب الحياة. بحثنا عن الديمقراطية التي تقول حكم الشعب للشعب، فاذا بنا أمام ديمقراطية حكم الحزب للحزب! لم نجد الديمقراطية في أزقة الحكومة ودهاليزها، وجدنا أنفسنا وجهنا لوجه مع الخدعة! مشكلتنا – كشباب – ، أننا ننتمي الى مجتمعات حبلى بالعنف، ودوما لديها عسر ولادة! مجتمعات لم تألف التفكير، لم تفهم معنى الاختيار، لم تمارس تجربة أن تكون حرة، حرة في ابداء رأيها، حرة في التعبير عن ذاتها، حرة في اختيار مفردات حياتها، مجتمعات أجترت ماضيها فبأس حاضرها وجاء مستقبلها هزيلا يتأرجح ما بين الخوف والقهر، كأمنية مصلوبة على قارعة الزمن مأساتنا – كشباب – ان الجميع ابتداء من اسرنا ومرورا بمدارسنا وجامعاتنا ومناهجنا الدراسية وانتهاءا بحكوماتنا، علمونا ان نجيد فن الصمت، وفن الاستسلام للقدر، وفن ذبح أحلامنا أذا لم نلبسها لبوس الرق! نعم، نحن ننتمي الى مجتمعات الصم والبكم، لم يعلمنا أحد ماذا يعني أن تكون لدينا القدرة على التفكير، على الابداع، على الحلم، حتى نتمكن من أن نكون قادة المستقبل. لذلك فأني اعتقد أن أزمة الديمقراطية في مجتمعاتنا، هي نفسها أزمة الانسان! أزمة رؤية.. أزمة فكر.. أزمة حب! ما نحتاجه نحن الشباب العرب، هو هذا ، أن نتعلم كيف نفكر.. كيف نحب. لو أجدنا هذين الفنيين (فن التفكير وفن الحب)، سنصبح قادة لمجتمعاتنا، قادة للعالم، وبالتالي قادة للديمقراطية. ولن نحتاج الى (برلمان للشباب) تصنعه لنا الاحزاب، او ديمقراطية تتمخض عن رحم الطائفية. أكاد أرى شمس ذلك اليوم الذي سنعلم فيه صغارنا كيف يحبون وكيف يفكرون.. على أرض تحكمها ديمقراطية لم تأتي من اروقة حكومة أو دهاليز أحزاب..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |