الجنس أنثى


فريال ألكعبي

بعد طول انتظار ونحن نرقب بعين الأمل لتشكيل حكومة تتمتع بمفاهيم الحكومة المتحضرة , تراعي حقوق المرأة بعد أن قطع العراق شوطا لا يستهان فيه في هذا المجال من حصة النساء في المقاعد البرلمانية ... وكان تفاؤلنا أكبر بنيل المزيد من هذه حقوق , وما شهدته الساحة النسائية من ممارسات لحقنا كناشطات ومدافعات عن حقوق المرأة سواء من خلال ورش العمل أو المؤتمرات أو الاعتصامات لزيادة تمثيل المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسسات والآليات الوطنية من اجل الوصول العادل والمشاركة الكاملة للمرأة في هياكل السلطة وإشراكها في عمليات صنع القرار, وربما كان حلمنا أوسع وأكبر ونحن نسعى إلى نسبة 25 % من المناصب الوزارية ...

لكن الصدمة أكبر وقعا علينا ونحن نشاهد ذكورية الوزارات وسط هذا الهيجان والصراع ألذكوري على المناصب الوزارية , وبدء هاجس جديد يعصف في عقولنا .. هل سنعود إلى المربع الأول ونبدأ الرحلة من جديد على طريق النضال من اجل أن تنال المرأة كامل حقوقها ؟ .. وهل سيذهب ما حققناه أدراج الرياح ونحن نرى من يمثلنا من النساء في البرلمان سوى كائنات من الدرجة الثانية ؟ , وأين نحن من إدماج النوع الاجتماعي في مراكز صنع القرار والذي اعتبرناه التحدي الأكبر الذي نواجهه لكسر حاجز التمييز ضد النساء ؟..

والسؤال المحرج الذي نوجه لأنفسنا قبل أن يوجهه الآخرون لنا .. كيف نطالب بحقوق نساء في اعتلاء مناصب وزارية والمرأة داخل البرلمان هي نفسها لم تطالب بهذا الحق لا لنفسها ولا لغيرها ؟

إن حقوق النساء في المجتمعات لا يمكن أن تصان ما لم تكن هناك نساء في هكذا مراكز من صنع القرار يدافعن عن هذه الحقوق , وألا ما فائدة وجود النساء في البرلمان و ما فائدة الكوتا والتي اعتبرناها جزء من حقوقنا ومن زيادة تمثيلنا في السلطة التشريعية , ماذا نرجو بعد الآن من نسائنا البرلمانيات وكيف نؤمن بهن كممثلات لنا وهن لم يدافعن عن ابسط حقوقنا التي ضمنها لنا الدستور وقبلن بوضعهن الحالي , قد يتذرع البعض بأن الأوضاع العامة وسط هذا الصراع كانت غير مهيأة لتولى النساء مناصب وزارية , والحقيقة أكبر من هذا فالهدف الحالي الذي يشغل الحكومة الدائرة في فلك تجاذب المصالح الشخصية هو إرضاء الذكور بمنحهم المزيد من الوزارات بعد أن أضيفت وزارات ومناصب جديدة أهدرت بميزانيتها المال العام , ولم تقتصر على هذا الحد بل وزعت الوزارات لأشخاص ليس بالكفاءة التي تتطلبها الوزارة .

وما أكثر النساء اللواتي وصلن إلى قبة البرلمان وحلمهن الوحيد هي المنافع التي سيحصلن عليها من خلال هذا المنصب ولتذهب حقوق المرأة في مهب الصراعات السياسية والتنافس بين مجتمعين , المجتمع الحديث الديمقراطي الذي يؤمن بحق المرأة فيه والمجتمع التقليدي القديم الذي لا وجود فيه للرأي والرأي الآخر.

أيقنت أن الكوتا في مفهوم دولتنا الحديثة ما هي ألا تمثيل بحت لجنس الإناث , والتعامل من هذا المنطلق يحول القضية إلى مفهومها البيولوجي وليس من منطلق الأدوار الاجتماعية للرجل والمرأة والقابلة للتغيير مع التطور الاجتماعي , وبذلك تصبح المرأة ميزة كمالية يجب أن تضاف إلى مقاعد البرلمان كالبهارات التي نشتم رائحتها في المطابخ السياسية , هنيئا فلتجلس نسائنا تحت هذه القباب وهي تحمل لقبها ... الجنس أنثى , ولتذهب أحلامنا سدى فالمأساة أكبر منا لأننا ولدنا ونحن نحمل هوية : الجنس أنثى

 

·   
العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com