(( علاقة العراق بعليٌّ وعلاقة الحسين بالعراق ))

 

 

 حميد الشاكر

alshakerr@yahoo.com

لايرتبط اسم العراق والعراقيين بالامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب من جهة وبالامام الحسين سيد شباب اهل الجنة من جانب اخربعلاقة تاريخية فحسب ، بل تتعدى علاقة العراق بامامي اهل البيت عليهم السلام هذين بالخصوص باشكال متنوعة وفريدة من العلاقة تبدأ بالفعل تاريخيا الا انها لاتنتهي عند العلاقة العقدية الفكرية ومن ثم العاطفية الروحية وهكذا السلوكية والفنية والاقتصادية والتربوية والسياسية .....الخ وباقي مُتبنيات وبُنيات الاجتماع العراقي القائم منذ تعارف عليٌّ والحسين مع العراق وتعّرف العراق عليهم حتى اليوم !!

وكذا من الجانب الاخرللمعادلة فهناك بالخط المعاكس علاقة فريدة ايضامن نوعهابين باب مدينة علم الرسول ابي الحسن عليٍّ عليه السلام وابنه الامام الحسين بطل الاسلام الخالد من جهة وبين العراق وشعبه من جانب اخر ولعلنا هنا نزحف ومن حقنا ذالك بهذه العلاقة بين اهل بيت الرسالة والنبوة وبين العراق كبداية لوضع اللبنة الاساس لهذه العلاقة على اساس انها علاقة لاتخلوفي بدايتها من البعد(الالهي) قبل ان تتبلورانسانيا بين عليٍّ ع وابنه ع وبين العراق وشعبه وهذا طبعا اذا اخذنا بمقولة ان اهل هذا البيت لايحركون ساكنا اذا لم يكن لله سبحانه فيه أمر ، فما بالك بعليٍّ امير المؤمنين وهو يتحول بخلافته العملاقة من المدينة هجرة الاسلام الاولى الى العراق هجرة اهل بيته ليؤسس لخط وتيار وتاريخ ومجتمع اسلامي جديدهو وعائلته الى استشهاده ومدفنه عليه السلام في العراق ؟!.

فهل من المعقول لعاقل متشيع لعليٍّ عليه السلام مثلي ومثل غيري ان يذهب الى ان ليس لله سبحانه نصيب من انتخاب عليّ للعراق ليقيم به دولته وينشئ فيه خلافته ويكون بلد ثورته وصولته ومقر شيعته وعاصمة سلطانه ، وهو مَن هو من الذين قال الله فيهم (( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )) وقال سبحانه : (( يايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ))

طبعا لايمكن لعاقل ابدا ان يتصور ان العراق لم يكن لله رضا ، وله فيه مأرب فيذهب اليه امير المؤمنين لاقامة دولته فيه كما انه لايتصور عاقل ان يكون العراق وارضه منبت بور لاهل بيت النبوة حاضرا ومستقبلا ثم يتحول عليٌّ اليه وهو القائل خير البلاد ماحملك والعراق كان ولم يزل خير حامل لعليٍّ واهل بيت نبوة رسوله محمد ص فتأكدت العلاقة واُقيمت الرابطة واشتدّ البنيان بين عليٍّ والعراق والحسين واهل بيت الحسين عليهم السلام جميعا بعلاقة ابتدأت الاهية ولم تنتهي عند حد يُعرف !!.

نعم في الطرف المقابل من العلاقة المؤنسنة بين عليّ بن ابي طالب والحسين الشهيد من جهة وبين العراق وشعبه من جانب اخرلاتظهر معالم هذه العلاقة بجلاء ووضوح اذا لم نتوقف عند رؤية العراق لعلي وللحسين عليهم السلام قبل ان نتوقف عند رؤيةعلي بن ابي طالب وولده الحسين لهذا الصقع من الارض فماذاوكيف كان العراق وشعبه قبل ان يتحول اليه عليّ بن ابي طالب ع بخلافته المباركة ؟.

وكيف كان ينظر غير عليٍّ بن ابي طالب للعراق ، قبل ان يتحول العراق على يد عليٍّ عليه السلام لشيئ اخر ؟.

في خلافةعمر بن الخطاب كان العراق مجرد حامية عسكرية متقدمة يُصنع فيها الموت والقتل اكثرمن صناعة الحياة والعمران وهكذا استمر العراق في خلافة عثمان بن عفّان ، ليتحوّل الى مجرد منجم لجني الاموال والثروات الطائلة من ارضه السوداء المعشبة والغنيةبالكنوز لينتقل خيرالعراق وثروته الى عاصمة الاسلام انذاك وليتمتع بها من ثم كباراصحاب الدولة والسلطان ويصهروا جبالا من الذهب لاتكسربالفؤوس من اجل ان يعيش الاخرين على خيرات العراق المنهوبةباسم الخراج بينما يتحول العراق بشعبه الى مجاميع هائلة من طوابير الجوعى والمعوزين واهل الذلة من الفقر والحاجة وعبيد في نهاية المطاف لدولة ال امية وحاكمهم الوهمي في المدينة وغيرهم !!.

أما عندما تحول الملك والسلطان الى خلافة وامامة وشورى وانتخاب من قبل الامة في زمن علي بن ابي طالب تحوّل العراق من تابع الى متبوع ومن بقرة حلوب يصب لبنها في افواه الاخرين الى عاصمة يُجبى لها خراج الدنيا والدين ليوزع بالسوية بين الرعية ومن ثم ليتحول العراق على يد وبفضل علي بن ابي طالب وليكون دولة خلافته وقلعة للعمران والحياة وعاصمة للعلم والاخبار والعالم بدل ان كان مقصلة للحرب والقتل لاغير في زمن غيره من السلاطين السابقين !!.

ان هذه الرؤية للعراق نحو علي بن ابي طالب ع وبغض النظر عن اي ابعاد الاهية او دينية ، تصنع من علي بن ابي طالب بطلا وطنيا وقوميا وتاريخيا للعراق القديم والحديث لهذا البلد الحضاري على اساس انه مُعيد تاسيس العراق في الاسلام من جديد بعد ما تحوّل العراق في زمن من الازمان الى معطن لابل محاربي الصحراء الجائعين للغزوومغانمه، ويمكننا فهم حيوية هذه النقطة لصالح علي بن ابي طالب في تاريخ العراق الاسلامي القديم لو فرضنا ان عليً ع لم يفكر بالعراق ليكون عاصمة دولة الاسلام ومنطلق امامته المباركة ، فهل كان هناك من يفكر غيره بان يكون للعراق شأنا يذكر في هذا الدين الجديد ؟.

ام ان العراق لولا علي بن ابي طالب ع في الاسلام وصناعته او اعادة صناعته لعراق جده نبي الله ابراهيم الخليل ع لانمحى ذكره من الخارطة ولاصبح اثرا بعد عين في تاريخ الحضارات والشعوب والامم المبادة ؟.

الحقيقة من حقنا ان نجزم انه لولا التفاتة علي بن ابي طالب الاسلامية نحو العراق واتخاذه بأمرالاهي او بتدبير سياسي لهذا الوطن مركزا لخلافته وعاصمة لدولته المباركة لما سمعنا اليوم ولاراينا شيئا في هذا العالم اسمه العراق او وطنا يسمى بهذه التسمية بل لقرأنا كما نقرأ اليوم عن تاريخ الدول والاقوام المندثرة في التاريخ ان العراق كان يوما من الايام بلدا يسمى بهذه التسمية وان شعبه كان يحيى حياة قبل ان يندثر وينمحي من الوجود في ظل التمدد الاسلامي الذي صهرالكثيرمن معالم الدول السابقة ليقضي عليها وعلى ذكرها ووجودها بزحفه الساحق !!.

اما وبمفهومة ان عليَّ بن ابي طالب هو من استطاع اعادة انتاج العراق اسلاميا ،بل وهو من وضع اللبنة الاولى وفتح الباب لتكون بعده وتصنع على اثره الحضارة الاسلامية كلها في العراق وفي عاصمة العراق بغداد بعده ع بقرن لاغير فان لكل ذالك دلالات بالنسبة للعراق كوطن وكشعب يجب عليه الاعتراف بفضل علي بن ابي طالب باعادته للحياة ، وانه لولا الرجل الالهي الاسلامي العظيم علي بن ابي طالب ع لكان العراق بالفعل شيئا اخر لايختلف عن دولة الحبشة التي كانت قبل الاسلام عظيمة وانتهت بعده بفعل فتوحاته التي غيرت بالخارطة البشرية والجغرافية بشكل كبير جدا !!

وهكذانرى كيف ان العراق الاسلامي اليوم هوصناعة علوية مئة بالمئة بل ونرى ان فضل علي بن ابي طالب من وجهة النظر العراقية الوطنية والقومية كذالك لاتقدربقيمة باعتباره بطل اعادة انتاج الفعل العراقي على الخارطة البشريةلكن بوجه اسلامي كان جديدا انذاك على الحياة الانسانية وهوالحاكم بالاوطان وبمن يتقدم وبمن يتأخر ومثلما كان للاسلام ومحمدرسول الله ص الفضل العظيم في اعادةعقارب البشرية لتبدأ من مكة ومن ثم المدينة لتتحول من قرية كانت تسكنها قبيلتان الى عاصمة لدنيا الاسلام اينما وصل كذالك كان امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام رائدا وقائدا ، وبطل اعادة انتاج العراق اسلاميا ليكون هو الفيصل الاعظم في الدولة الاسلامية وهو المنبت الاروع فيما بعد لحضارتها ،وهو الذي اليوم اسمه يقترن بعلي بن ابي طالب العظيم الذي لااعلم رفعًة بعد رسول الاسلام في الاسلام ارفع من علي بن ابي طالب لتنتسب الاوطان اليه !!.

لكنّ مع هذه الرؤية الوطنية العراقية لعلي بن ابي طالب ع كشخصية اسلامية ساهمت باعادة الحياة للدور العراقي الحضاري داخل الدين الاسلامي علينا ان لانغفل سؤال :ما الذي هدف اليه علي بن ابي طالب عليه السلام من الجانب الاخرعندما وضع لبنته الاسلامية في العراق ليحوّل العراق من المفعول الى الفاعل ومن التابع الى المتبوع ومن الذليل الى العزيز ومن الخربة الى عاصمة الحضارة الاسلامية ؟
وهل كانت غايةعلي بن ابي طالب من انشاءالعراق كدولة للاسلام وقطب لرحاه هي فقط لوجودانصاروشيعة له في هذا الصقع من العالم ؟.

أم ان علي بن ابي طالب مثلما اعادالحياة للعراق اراد منه في الجانب الاخرتحملّ مسؤولية دعوته ونهضته ورؤيته الاسلامية التي لم يجد عليٌّ والاه علي سبحانه ارضاوشعبا بامكانها تحمل امانةعلي بن ابي طالب ودين رسوله محمدالكريم غير العراق وشعبه ولهذا وقع اختيار السماء وعلي بن ابي طالب على العراق وشعبه !!.

الواقع يمكننا الاجابة على مثل هذه الاسألة اذا نظرنا لاختيار علي امير المؤمنين ع للعراق على اساس انه اختيار غير منقطع التسلسل التاريخي لحركة عليٍّ الاسلامية وان عليًّ ع كان يفكرباختيار العراق كعاصمة لخلافته وهو يحمل بجعبته تلك الرؤية الالهية الغير منقطعة التسلسل الزمني لمستقبل حياة الاسلام كمشروع كتب الله سبحانه له الاستمرارية في هذه الدنيا!!.

وعلى هذا الاساس ندرك اهداف علي بن ابي طالب عليه السلام الحقيقية من انتخاب العراق ليكون منبت خلافته ومنشأ دولته وارض زراعته فهو لم يكن ليضع حجر اساس في هذه الارض الا لكونه مدرك بانه بنيان سيستمر بعده في حمل الامانه حتى الوصول الى غايته الكبرى وهدفه العظيم ومنتهى أمله الاخير !!.

فياترى ماكان ذالك الهدف العظيم الذي يسعى للوصول اليه عليٌ ع في انتخابه للعراق ارضا لعاصمة دولته الوليدة ؟.

وما كانت تلك الغاية الكبرى التي من اجلها تحوّل عليٌّ ع للعراق وشعبه ليعيدفيهم الحياة ويزرع بداخلهم العلّوية بل وليختار ليكون مثواه الاخيرالارض العراقية بدل اي ارض اخرى وهو يدرك معنى ان يكون مثوى علي بن ابي طالب الاخير هو الارض العراقية ؟.

الحق اننا اذا قلبنا الدفاتر وبحثنا في الوقائع والمصائر لم نجد هدفا حقيقيا لكل مسيرة علي بن ابي طالب العراقية ، ولكل ما سعى بكل جهده لصناعته على هذه الارض المباركة وتهيئتها لاستقباله ، سوى هدف وغاية ومنتهى وأمل ((الثورة الحسينية العظمى )) التي ستقيم ملحمتها على هذه الارض وتقدح شرارتها في هذا الوطن من الاوطان الاسلامية !!.

اي اننا فعلا اذا اردنا ان ندرك هل انتخاب عليٌّ للعراق كان غاية بحد ذاته لصناعة خلافته المباركة فحسب ؟.

او لماذا انتخب عليٌّ العراق ليكون موطن دولته ؟.

وهل لاجل خلافته المباركة فحسب ؟.

أم ان هذاالانتخاب العلوي للعراق ليكون وطن عليٍّ ع وانصاره كانت الغايةالعظمى من خلفه هي تهيئة العراق ليستقبل الثورة الحسينية العظيمة فيما بعد ، وليكون لها حاضنا ولمبادئها واستمرارها ناصرا ومعينا ؟.

نقول وبجزم: ان علي بن ابي طالب وانتخابه للعراق كعاصمة لدولته لم تكن سوى مجرد خطوة او قلب لتربة الارض العراقية وتهيئتها اسلاميا لتكون منصة فيمابعد لانطلاق شجرة الثورة الحسينية التي ستعيد اعادة انتاج الاسلام كله وليس اعادة انتاج مسؤولية العراق والعراقيين كشعب ووطن فحسب امام هذه الثورة الاسلامية الحسينية العظمى !!

بمعنى اخر لايمكننا فهم ماهية علاقة العراق بعلي بن ابي طالب ع تاريخيا ، وعلاقة عليٍّ بالعراق الا اذا ادركنا علاقة العراق بالحسين وماهية علاقة الحسين الشهيد بالعراق ايضا !!.

فهي علاقات مترابطة ولايمكن تفكيكها مطلقا لانها بُنيت من اجل غاية واحدة وهدف اعلى مشترك صنعه بالفعل علي بن ابي طالب ع في العراق كبداية لمشروع مختلف اسلامياعن ما هوقائم انذاك ولكن لايمكن فهم غاياته الا اذا ربطناه بغايته ونهايته ونتيجته الطبيعية وهي النتيجة الحسينيةالتي اكملت الدائرة بثورتهاالاسلامية العظيمة على الارض العراقية التي شاءت الاقدار لها ان تخط اسلاما محمديا اصيلا لايوجد الا بهذه البقعة من الارض وداخل عقول وقلوب هذا الشعب من الامة انذاك !.

اما لماذا عليّ ع اصبح مقدمة لغاية حسينية على الارض العراقية ، مع ان امير المؤمنين لايصلح الا ان يكون دوما غاية بحد ذاتها ؟.
فهذا بحث واسع الذيل وبحاجة فعلا لمساحة مستقلة وموضوع منفصل عن ما نحن بصدده ونريد الوصول اليه !!.
لكن اذا سأل متسائل عن ماهية العلاقة الذي ابتغاها الحسين من علاقته وثورته مع العراق وشعبه ؟.

فنقول : ان فلسفة الثورة الحسينية كانت فلسفة استشهادية ، اي انها ثورة من اجل الشهادة ومبادئها، وليست ثورة من اجل السلطان والدنيا والدولة والحكم وفرق عظيم بين نهضة يقوم كل كيانها على فلسفة استشهادية (( اي تحاول ان تكون شاهدة على الامة ،ومصلحة لهم من خلال تاثيرها المعنوي الفكري الغير مباشر وليس المادي وبانها بلّغت رسالات ربها لتكون حجة لله سبحانه على الناس)) ،وبين فلسفة ثورية تكون غايتها الوصول للحكم والدولة وصناعة تاريخ واصلاح مختلف عن تاريخ الشهادة وفلسفتها !!.

ففلسفة الشهادة الحسينية ،ومن ضمن خصائصها المميزة انها ترى نصرها في تاثيرها واستمرارها في قلوب وعقول القادمين من بعدها وحياتها الحقيقية تبدأ بعد استشهادها وانتقالها من عالم الانسان الى عالم الشهادة ، بعكس الفلسفات الثورية التي تحاول الوصول للدولة والحكم ، فانها لاترى لها نصرا الا عندما تصل للحكم والدولة وتمارس فعل الهيمنة على الواقع القائم وبدون قطع او التفات الى مابعد غياب الثورة وانصارها والحكم والدولة وسلطانها !!.

وطبيعي ان فلسفة الثورة الحسينية الاستشهادية تخطط لحياتها بعد نهايتها من هذا العالم المادي وتستهدف نوعا من الانصار يأتي بعد غيابها من العمل المتحرك على ارضهم الواقعية الدنيوية ، فانصار الثورة الاستشهادية مختلفون نوعيةً عن انصار فلسفات الثورات المادية الدنيوية السياسية ،فأولئك تستقطبهم المبادئ والافكار التي استشهد من اجلها الانسان الثوري البطل بينما هؤلاء تحركهم المطامع وتجتذبهم الانفعالات وتصنعهم الاحداث والضغوط الانسانية القائمة فوق رؤوسهم لاغير !!.

والامام الحسين ع عندمايريد ان ينتخب انصاره وشعبه الذي يتمكن من حمل مبادئه ويسير بطريق ثورته لايلتفت كثيرا لكمية المتواجدين على الساحة ممن هم مهيئون للموت معه بقدر ما يلتفت الى الوطن والارض والشعب الذي لديه الامكانية بالحفاظ على هذه الثورة والاستمرارعلى مبادئهاوادامة الحياة لها فيمابعد

استشهاد الحسين والانتقال من هذه الدنياجسديا ليبقى روحيا وفكريا فقط في هذا العالم ،ولهذا عندما نصحه بعض السياسيين للذهاب الى اليمن ليقيم ثورته هناك بدلا من العراق لان فيها انصارا كُثرا لمبادئ ابيه علي بن ابي طالب عليه السلام ، كان الحسين ع يفكر في واد اخر ، لم يكن ابن عباس وغيره ممن نصحه بتغيير بوصلة ثورته الوطنية من العراق والى اليمن يدرك معاني انصار الشهادة ، واختلافهم عن انصار ثورة الدولة والسلطة والحكم ، فربما شيعة اليمن قادرون على نصرة الحسين بالالاف ولكن هل هم قادرون على الحفاظ على تراث الثورة الحسينية وفلسفة استشهاده بعد موته وانتقاله للرفيق الاعلى اذا لم يصل للحكم والدولة ؟!!.

ام انهم سيسقطون ويُسقطون معهم مبادئ الثورة الحسينية ، لتموت وتندثرمع اول منعطف وهجمة شرسة من اعداء الحسين واسلامه وثورته ومبادئه عليهم ؟.

بهذه النوعية من الرؤيةوفلسفة العلاقة اختار الحسين ع العراق وشعبه ليكونوا انصارا له ولثورته الكبيرة والعظيمة والثقيلة والمكلفة جدا وليس طبعا ليزيدوا الاستشهاديين في ارض كربلاء فحسب ، ولكن اراد الحسين العراق وشعبه ان يبدأوا عملهم بعد ان تنتهي المعركة وتقع الشهادة ويبلّغ الحسين رسالته بدمه الطاهر ، الذي سيكون زيتا لنور الثورة توقد مشكاة الاسلام الى اخر يوم في هذا العالم في الارض العراقية ؟.

وبالفعل منذ الثورة الحسينية في كربلاء العراق ، وحتى اليوم تحوّل العراق ارضا وشعبا الى خلية نحل متحركة بلا هوادة في سبيل خدمة القضية الحسينة ومبادئ ثورتها التي من اجلها استشهد وفي سبيل ايصال كلمتها هيئ علي بن ابي طالب العراق لتكون ارض الثورة الحسينية قبل ان تكون ارض خلافته المباركة ، والحق ان العراقيين يجب ان يعترف لهم العالم والاسلام ومحمد رسول الله ص وعلي امير المؤمنين ع ، والحسين عليه السلام : انهم كانوا اوفياء في هذه المسؤولية التي تحملوها والتي بسببها نال العراقيين مانالهم من اذى وتسلط فراعنة وارهاب قتلة ، ومجرمين وجوع وذل وسفك للدماء وابادة للرجال واستحياء للنساء ولكن مع ذالك كان العراقيون ولم يزالوا يقطعون من رغيف عيالهم ليطعموا الثورة الحسينية للبقاءويقيموا الذكريات ويصرخوا باعلى اصواتهم ، ليسمعوا العالم والسماء فقط اسم الحسين ع فوالله لااعلم ايهما اعظم من الاخر الصانع ام المصنوع !!!!.

 

  
العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com