|
سيدي الرئيس...هل تقبلني مستشاراً؟؟
ان من اسوا ما يمكن ان يتصرف به الحاكم هو عدم التمييز بين التمنيات والواقع... فكثير من الحكام يضع الاماني مكان الحقائق.. وعندما يضع امكانات الدولة تحت تصرف امانيه فانه يضحي بدماء الناس، وجهدهم، وتوازنهم النفسي ، واستقراراهم الفكري، والنتيجة انه لا يحصل على شيء مما يتمناه لان الشروط الموضوعية اللازمة لتحقيق طموحاته ليست متوفرة .البعض يريد مناطحة الكبير وهو هش التكوين فيصح عليه قول القائل كناطح صخرة، يوما، ليوهنها فلم يضرها واوهى قرنه الوعل قبل الطموحات، اذن، لا بد من تحضير المسلتزمات او الامكانات وتوجيهها نحو الهدف.. وقبل خوض اي صراع لا بد من موازنة بين القوى في صغائر الامور وكبارها ليعرف حجم قوته من حجم قوة العدو.. اما الاقتحام غير المحسوب فهو مغامرة نتيجتها الفشل... والامر الآخر الذي ينبغي ان يتحلى به الحاكم هو حسن اختياره لمستشارية بحيث يكونوا من ذوي العلم كل في مجال اختصاصه، وليسوا من ذوي القربى او ذوي الطائفة، او ذوي الحزب... فماذا ينفع القريب والصاحب، والطائفي، والعشائري والحزبي اذا كان خالي الوفاض من اية معرفة؟... ان عمل المستشارين والحالة هذه لن تتعدى النفاق للحاكم... اما ان يقول (لا) للخطا فهذه ليست من صفات الجهلاء... وكل ذو علم يتصف حتما بالتواضع فالعلماء متواضعون اما الجهلاء فمتكبرون.... وكما حصل ويحصل فانهم يغلقون الابواب بوجه الناس ويقطعون الصلة بين الحاكم والمحكوم ويوسعون المسافة، ويبعدون العناصر المدركة والعناصر الخيرة لينفردوا بالمواقع... انا اعتقد ان حاكما دون مستشارين سيئين، متكبرين، يعرفون انهم ليسوا جديرين بمناصبهم هو افضل في اتخاذ القرار الصحيح منفرداً... وكل جاهل هو متعجرف، ومتكبر بالضرورة لانه يفترض ان المنصب مكانه عليا تجعله فوق الناس وليس وظيفة لخدمة الناس. انه من الاهمية بمكان ان لا يحشر الحاكم خصومه في زاوية لا يملكون معها الا المغامرة وليكن بعد ذلك الطوفان، او الا المقاومة بكل وسيلة ولتكن النتائج ما تكون... الحاكم الصالح هو الاب حتى في النظم الديمقراطية ولا يجوز للاب ان يميز بين افراد عائلته فيعامل بعضهم كابناء عاقين واخرين صالحين لانهم مطيعون... فقد يكون المشاكس اكثر نفعا من المطيع لانه متمسك بالصواب متجاهلاً المصلحة الشخصية. ثم ان الحاكم الطائفي والعشائري والمناطقي فقد يصلح مختاراً او ملا او (فريضة عرب) لكنه لا يصلح حاكما ولا سياسيا بحال. اما المكاسب التي يقدمها الحاكم فيجب ان تكون شاملة والا فان اقتصرت على فئة فانها تثير حفيظة فئات اخرى والحسد من طبائع النفوس، والشعور بالغبن هو الخطوة الاولى للعداء.. فلماذا مثلاً ياخذ المتقاعد بعد الاحتلال اكثر من المتقاعد قبله مع ان الثاني قدم الخدمة في اسوأ الظروف... ولماذا يتحول المقعد البرلماني الى امتياز مالي وهو المفروض ان يكون منصبا تمثيلاً يستمد قيمته من شرف تمثيل الشعب وليس من حصيلة المال؟ كل دولة من دول العالم بامكانها ان تكون ذات نفع للبلد.. تمده بالعلم والتقنية، او بالخبرة، او بالعون المالي، او بالتدريب، او بالسلع او باستيراد سلعه، او بالمواقف في المحافل الدولية... اما اذا ناصبنا دولة ما العداء فهي قادرة ان تلحق بنا اكثر من ضرر او الاقل تفرض علينا كلفة مقاومة الضرر.. لقد مضى زمان العداء على اساس مناطق النفوذ، والقواعد، وطرق المواصلات، وبهارات الهند، والقطن المصري، والحرير الصيني، والنفط العربي.... واصبح كل شيء متاح مقابل ثمن... وفي ظل الطيران بعيد المدى والصواريخ العابرة للقارات لم يعد هناك مكان معين ذو اهمية ستراتيجية خاصة. والآن نأتي الى النقطة الاكثر اهمية من كل ما ذكرنا... وهي ان الناس لم يعودوا يعتاشون على المصطلحات الرثة كالاشتراكية، والمشروع النهضوي العربي، ولا على المصطلحات العامة كالعدالة، والمساواة.. ان الناس يريدون: - فرص عمل مجزية الاجر. - تعليم متقدم في مناهجه ووسائله واساليبه. - سوق مليئة بالبضائع. - تجارة حرة. - مصانع تعمل. - كهرباء، وماء، ووقود.- مستشفيات ومستوصفات حديثة. - حرية في القول والفعل ملتزمه. - سكن لائق. - شوارع نظيفة، وساحات مطرزة بالخضرة... وبالمناسبة فانه في كل مخططات امانة بغداد والمحافظات العمرانية هناك مساحات مؤشر عليها في الخرائط حدائق او متنزهات لكنها صارت في الواقع اماكن لخزن القمامة والازبال خوفا عليها من الضياع. - الناس لا يريدون خطابات فهناك الكثير من الاطفال يجيدون القاء الخطب افضل من الكثير من السياسيين. - الناس يريدون حاكم يوفر لهم السعادة والامن، والحرية. والناس يريدون: محافظ يرفع من مكتبه اكوام الزهور الورقية الملوثة بالتراب ليفكر بتقديم الخدمات. اما التجاذبات الحزبية... واعتبار بعض النواب انفسهم ممثلين لاولادهم في المجلس... ومستشارين متكبرين يعتبرون انفسهم الهة اغريقية فهذا هو الذي سيجعل سفينة البلاد تغرق ايا كان الفائز في الانتخابات
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |