|
التظاهرات العراقية المزمع قيامها يوم 25 فبراير التي سميت بأسماء عديدة حسب المدعين بها والداعين اليها "جمعة الغضب"و"انتفاضة شعبية"و" ثورة الخبر والحرية" وهذه التظاهرات يبدو لاهميتها من حيث الزمان والمكان أيقظت مضاجع السلطة الحاكمة وأقلقت الشعب الغاضب لحقوقه المهدورة. مما دعا السيد رئيس الوزراء للتدخل شخصيا في خطابه الاستباقي للتشكيك بالتظاهرات والتحشيد الأعلامي والعشائري والمدني من خلال أقناع منظمات المجتمع المدني والنقابات المتنوعة وابناء الشعب عامة بعدم الانخراط بتلك التظاهرات المشبوهة. التي يراد بها أجهاض التجربة السياسية الجديدة والعودة الى المربع الاول, من خلال تسويق مقولة المؤامرة التي تحاك من قبل أزلام النظام الصدامي وبقايا البعث المجرم. قال الامام علي (ع) "انظر لما يقال لا لمن يقول". هذه المخاوف ربما مبالغ فيها من قبل الحكومة لانها لم تعرف هوية المتظاهرين ونواياهم مسبقاً. فقد أصبح البعث بعبع العصر وشماعة الاخفاقات, رغم موته الفكري في نفوس الشعب العراقي وتشظي رموزه بين السجون والمنافي. والاحزاب السياسية التي تشكل الحكومة العراقية لها القدرة على محاكات قناعات الشعب العراقي عاطفياً, بتلك المقولات التي تسوق بعناية فائقة في الازمات الحرجة رغم ضعف مصداقيتها, وبذلك يستنفرالشارع لها ويتعاطف ويتفاعل معها بجدية. وحتى السيد المالكي يقول المظاهرات هي حق دستوري للعراقيين وليس لأحد أن ينكر ممارسة هذا الحق ، فالاحتجاجات طلب مشروع و عادل خلال الأوقات الصعبة التي يمر بها العراقيين. والتظاهرات لها مبررات موجبة من خلال أهدافها الواضحة التي تهم حياة المواطن العراقي الذي أنتظر كثيرا وعود الحكومات الفارغة خلال السنوات الثمانية. فهناك نقص كبير في الخدمات العامة كالماء والكهرباء والصحة والتعليم والامن وقلة في الرواتب واهمال العاطلين عن العمل والايتام والارامل والفقراء. والخشية من توقيت التظاهرة تكمن في مجموعة من المخاوف التي تحيط بالتظاهرات والمتظاهرين. 1- التوقيت له شبه بثورة مصر من حيث الزمان والمكان, وبالذات لايزال لهيب الثورة تحرق الافئدة. 2- هناك مخاوف من تسييس التظاهرات من قبل بعض الاحزاب. 3- التوجس من بقايا البعث المراهنين على فشل التجربة السياسية الذين يتصيدون الفرص في بقع الظلام. 4- مخاوف من المندسين بين صفوف المتظاهرين والراكبين لموجة التظاهرات من الخاسرين في الانتخابات. 5- هناك بعض السيناريوهات تتضمن سلسلة من الاعمال التخريبية التي تطال مؤسسات الدولة كالبنوك ومحطات الوقود ووزارات ومؤسسات مهمة على يد مجموعة من المخربين. 5- مهاجمة السجون وتهريب السجناء من قبل جماعات أرهابية. 6- هناك بعض الأعمال الاجرامية تنفذها خلايا نائمة تتخفى بمناطق قريبة الى ساحة التحرير. تتحرك بأجندات خارجية تهدف الى هدم العملية السياسية والعودة الى المربع الاول. تلك المحاذير وضعتها المؤسسات الامنية وبعض المنظمات التي أنسحبت من التظاهرات, كأدلة قطعية توصلت لها من خلال معلومات سرية. هذه مخاوف مشروعة تراها الدولة وهي المسؤولة على حماية المجتمع ونسيجه الاجتماعي من خلال ممارسة سلطتها في حفظ وتامين حماية الشعب. والخوف يكمن في خروج التظاهرات عن مساراتها الحقيقية, من خلال أستفزاز قوى الامن مما يؤدي الى صدام بين المتظاهرين والشرطة. من هنا بات التوقيت مثير للشك والريبة, فالحضور للتظاهرات يبدو أصبح محرجاً للمواطن الذي يخاف ان يصبح جسرا لعبور الأنتهازيين والمندسين لتحقيق مآرب معينة. لذلك دئبت بعض منظمات المجتمع المدني والنقابات ورجال الدين أعلان براءتها من التظاهرات أمام وسائل الاعلام. التأجيل للتظاهرات والتي دعها لها كثير من القادة السياسيين باعتبارها مطلب شعبي فقد دعا لها رئيس الوزراء نوري المالكي لوقت آخر لكي تفوت الفرصة على المراهنين على زمان التظاهرة ومكانها. وكذلك دعوة السيد مقتدى الصدر الذي وضع لها برنامج استفتائي. وتكمن دواعي التأجيل في الاسباب السالفة الذكر التي تدعى مخاوف الحكومة لكون المنطقة العربية المحيطة بالعراق ملتهبة بالثورات. ولكون التجربة السياسية جديدة العهد, والحكومة الجديدة عليها التزامات زمنية ولم تمارس عملها سوى شهرين, وهذا غير كافي لتقييمها. علماً أن بوادرالضغوط الشعبية حققت بعض المكاسب داخل قبة البرلمان بألغاء المنافع الاجتماعية وتقليل رواتب الرئاسات الثلاثة الى 50%. وبالتأكيد كلما زادت الضغوط الشعبية ستحقق مكاسب كبيرة على المستوى الخدمي وعلى هيكلية النظام الوزاري والاداري وتحسين حياة الشعب من خلال الاهتمام بالسكن ودعم البطاقة التموينية وتعديل رواتب الموظفين ودعم الرعاية الاجتماعية وخلق وظائف وفرص عمل للعاطلين, والنظر بكل الملفات المطالب الشعبية المهمة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |