الاستثمار في الشباب .. لضمان حياة سياسية مستقرة
 


جاسم محمد جعفر*

الشباب رأس مال العراق وثروته الغنية ولا تضاهيه اي ثروة من الثروات وان الاستثمار بهم في مشروع وطني كبير مهم جدا . صحيح قد يحتاج الى اموال ومتطلبات ضمن خطط سنوية واضحة مع برنامج استراتيجي كبير، لكن من يضع هذا المشروع سوف يكسب طاقات الشباب التي تصب في مشروع بناء العراق . ان الاحصاءات والمسوحات المتوفرة لدينا تشير الى ان شعبنا شعب شاب له القوة والارادة في الحركة والفاعلية وما الاحداث التي تحدث آلان في الساحة العربية الا دليل على ذلك فانها حركة شبابية بامتياز. والفاعلية الشبابية سيف ذو حدين فمن اجاد التعامل مع الشباب ضمن المستقبل ومن اساء التعامل مع هذه الحركة خسر ذلك وللدولة الدور الكبير في استثمار الروح الشبابية ومراجعة سريعة تدل ان الدولة لم تستثمر فئة الشباب بشكل كبير ولم تستجب الى متطلباتهم وحاجياتهم بشكل منهجي ومدروس ، بالمقابل حصل انفتاح على شرائح اخرى كرؤساء العشائر والفنانيين والرياضيين ، مما ادى نوعا من الاحباط والتراجع ، فان تركهم بهذا الشكل قد يوجد ردة فعل معاكسة ، لذا هم بامس الحاجة الى لقاء ودي وعاطفي بين الحين والاخرمع مسؤولي الدولة لسماع افكار وتوجهات ابنائنا وبناتنا من الشباب .

ومن موقعنا في وزارة الشباب والرياضة كجهة قطاعية مسؤولة عن توعية وتطوير الشباب والتي رصدنا هذا التحول وهذه الظاهرة قبل مدة ونبهنا السادة المسؤولين عما يدور في هذا الوسط مطالبين اصحاب القرار احتضان هذه الشريحة بشكل سليم وبصورة متواصلة ومستمرة وان مغازلتهم وإظهار المودة لهم في المناسبات قد تكون له اثار ونتائج عكسية فالشباب مشاكلهم كثيرة وطموحاتهم كبيرة وهم ينتظرون برامج وافكارا واقعية وتطبيقية مقنعة . وعلى هذا أخذت الوزارة على عاتقها عملية تنظيم الحركة الشبابية بشكل أشمل للقضاء على كل ألوان التخلف والتمرد والبطالة في هذا الوسط الحساس وايجاد وعي وطني راق وفق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الشباب التي صادق عليها مجلس الوزراء عام 2008 بالتعاون مع الوزارات الاخرى لتنمية الشباب .

لقد اظهر شباب العراق بعد سقوط الدكتاتور مشاركة فاعلة لبناء العراق وطالب الشباب ان يكون لهم دور فاعل ومؤثر في تنظيم الخارطة السياسية في العراق في الوقت أسهموا بشكل واسع في دعم اركان المؤسسات الديمقراطية والدستورية عبر المشاركة في الانتخابات ولكن اصطدموا بالفاصلة الموجودة في الخدمات ومتطلبات الحياة بين العراق والدول الاخرى واضيف على مشاكلهم البطالة وخاصة عند الخريجين الذين امضوا زهرة حياتهم في الدراسة والتحصيل والتخصص العلمي ، هذا ما اوجد عند نسبة من شباب العراق نوعا من ضعف الانتماء والتمرد على الهوية والذي دفع بعضهم الى التفكير في الهجرة الى الخارج . وعلى هذا يعتبر الاسراع في العمل على إعادة الهمة الشبابية وتنمية روح الانتماء الى العراق في اوساط هذه الشريحة واجبا وطنيا وقوميا مقدسا من خلال فسح المجال لهم واعطائهم حرية اكثر لبيان ارائهم وافكارهم والاستماع اليها وهو أمر يوجه الى اصحاب القرار من مختلف الكتل السياسية للقاء بالشباب والاستئناس بافكارهم وتكليفهم واشراكهم بمسؤوليات وطنية للمشاركة الفاعلة في بناء العراق .

إن ملامح ثورة الاتصالات والفيس بوك التي ظهرت في هذه الايام تؤشر قيادة الشباب لهذا العالم باعتبارهم يشكلون أكثر من نصف سكان الأرض، وهناك بوادر عدة تؤكد هذا الدور الذي بدأه الشباب في مجالات قيادة الشركات أو في الاستثمار أو داخل معامل الاختراع. فثورة المعلومات وتراكمها رغم قصر الزمن قد اعطت لشباب العراق وعيا راقيا وانطلاقة مدهشة جعلته يتوجه للاستفادة من إنجازاتها دون حاجة إلى انتظار تراكم الخبرة الحياتية ، كما أن الشباب أصبح يمثل القوة الاستهلاكية المؤثرة ، وهم يضعون في هذه السوق مداخيلهم المبكّرة من سوق العمل في نوعية جديدة وغير تقليدية من البضائع.

إن جزءا كبيرا من شبابنا يعيش أزمة اغتراب حقيقي ، كما أن الشباب في الأنظمة البيروقراطية والانظمة التي لا تولي اهتماما بهم وتتركهم في معاناة التهميش والاقصاء والتهديد ما يجعله الشاب يشعر بالعجز وعدم القدرة على تحقيق ذاته. والاغتراب هنا هو مرحلة وسطى بين الانسحاب من المجتمع والتمرّد عليه. هو يلجأ إلى ثلاثة أنواع من التصرّفات: إما الانسحاب من هذا الواقع ورفضه ، وإما الخضوع إليه في الوقت الذي يعاني فيه النفور، وإما التمرّد على هذا المجتمع ومحاولة تغييره ولو كان ذلك بقوة السلاح.

وعلى هذا يمكن ان نضع بين ايدي المسؤولين في الدولة ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة مقترحات تتمثل بالنقاط التالية واملنا ان تنال الاهتمام اللازم ...

1 ـ على الدولة العراقية استثمار الشباب واحتضانهم وكسبهم ضمن خطط وبرامج تضع قضيتهم في مقدمة المسائل الوطنية مع الحلول وتطبيقها لمصلحة الشباب والاجيال الاحقة .

2 ـ على الدولة العراقية وضع خطوط عامة تنظم مجتمعاتنا وحياتنا وتشرع قوانين تنسجم مع واقع الشباب وحجم قوتهم ومدى تأثرهم بما يجري من حولنا .

3 ـ على الدولة العراقية ان تعطي للثقافة السياسية جزءا وشرطا مهما في ثقافة الشباب إن أردنا تدريبهم وتأهيلهم للقيادة في مرحلة لاحقة ، ونحن

بهذا ندخلهم في نسيج المجتمع بدلاً من أن يتحوّلوا إلى أدوات للهدم والتخريب .

4 ـ على المؤسسات الحكومية المعنية التأسيس لثقافة متوازنة للشباب تراعي تراثهم وتاريخهم الوطني والقومي ، وتسعى للحاق بالثقافة الحديثة المنفتحة على العلم والتكنولوجيا والفلسفة المعاصرة المتطلعة إلى مزيد من الكشف عن الكون وأسراره .

5 ـ وأخيرا من ثم لابد من مشاركة الشباب والاستماع الى آرائهم قبل اتخاذ القرارات المهمة والخطيرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، والعمل على توسيع دورهم في المشاركة العملية في كل ما يتعلق بحياتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم .

ان البرلمان الشبابي الذي اسس باشراف من وزارة الشباب والذي شمل اعمار من 15 سنة لغاية 29 سنة وشارك فيه كل شرائح الشباب ومن كل العراق يعتبر مشروعا استراتيجيا كبيرا يتعين على أصحاب القرار دعمه واسناده ليتحول الى مؤسسة ديمقراطية منتخبة من شباب العراق وفق اسس قانونية صحيحة ويكون الطاقة الكامنة والمخزونة في المجتمع لارسال شباب واعين ومؤثرين الى مجلس النواب العراقي بعد ممارسة طويلة من العمل البرلماني بين الشباب.

ولا بد من التاكيد ثانية ان الشباب يمثلون راس مال العراق ، ويعتبر الاستثمار فيهم لتطويرهم وتوعيتهم اغنى استثمار يضاهي الاستثمار في النفط والبنى التحتية ، فأي بنية تحتية اهم واغنى من الشباب وهذا ما يدعو الجميع الى إيلاء اهتمام بالغ لهذا الوسط وهذه الشريحة الواسعة عبر اللقاء الدوري معهم على اعلى المستويات والذي يعتبر فرصة لكسب الجولة لتولي مقاليد الحكم المستقبلي القريب في العراق .
 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com