|
صادق البلادي رغم كل التخويف، وإشاعة الفزع والرعب برفع خِرّاعة عودة البعث ، التي أذاعها نوري المالكي رئيس الوزراء ، نيابة عن وبتخويل من رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، والكتل السياسية الأخرى في البرلمان، والذين استطاعوا مع الأسف إقناع جهات أخرى، لا سيما المرجعية الدينية ، بسحب تأييدها الذي قدمته ليوم الغضب الشعبي بداية، وإستمالة قوى وشخصيات محسوبة على التيار الديمقراطي و اللبرالي للوقوف ضد الغضبة الشعبية، التي أعلنت تمسكها بالطابع السلمي ، وهتفت أثناء الغضبة ، صائحة : سلمية... سلمية، لكن قوات الحكومة استخدمت مختلف الاجراءات لمنع أو تضييق التجمع في ساحة التحرير، واستخدمت العنف لإفشال التجمع، مما دفع ليس فقط منظمة العفو الدولية ، وهيومان رايتس لإدانة هذا التدخل ، بل عبَّر حتى رب البيت الأبيض عبر بيان المتحدث باسم مجلس الامن القومي بالبيت الابيض تومي فيتور عن إنزعاجه العميق لما قامت به حكومة المالكي من أعمال عنف ، وكذلك عبر السفير الأمريكي ، حاكم نيوتكساس/ العراق سابقا ،حسب اللافتة التي رفعها جندي أمريكي عند دخول الفاو في أيام بداية الغزو، بعد تبريربوش للغزوبالأكاذيب ، و بدون موافقة الأمم المتحدة. ومثلما تبين لاحقا كذب الحجج التي فبركتها إدارة بوش ، ولكن دون تقديم إعتذار عنها، ناهيك عن إتخاذ ما يفرضه القانون الدولي من عقوبات باعتبارها جريمة حرب، وافقت الأمم المتحدة بقرار على اعتبار العراق دولة محتلة. فكذلك المالكي لم يعتذر بعد ما تبين أن ما أشاعه حول التظاهرات والداعين لها ليست صحيحة، فلم يتحول الغضب الى أفعال عنفية، رغم إجراءات واستفزازا ت الحكومة وقواتها، والتي أدت الى وقوع قتلى وجرحى بين المتظاهرين، دون إنكار قيام بعضهم بتصرفات غير سلمية، وغير حضارية، لكنها لم ترقَ الى درجة العنف. واجتمع مجلس الوزراء إجتماعا إستثنائيا قرر فيه المالكي إعطاء وزرائه مهلة مائة يوم للإستجابة لمطالب الجماهير بتوفير الخدمات ومحاربة الفساد ، مؤكدا انه سيقوم بإتخاذ إجراء تغييرات على ضوء نتيجة تقييم المائة يوم. إن حكومة المالكي الثانية، والذي صرح بعد أنتفاضتي تونس ومصر أنه لن يرشح لمرة ثالثة،، قد جاءت عن طريق المحاصصة، كما كانت حكومته السابقة، لا يغير من طابعها تسميتها بحكومة الشراكة الوطنية بدل حكومة الوحدة الوطنية، فتيتي تيتي مثل ما رحتِ جيتي. ومع القبول بالمحاصصة، أو بالشراكة الوطنية فالمستوزرون ليسوا هم من أصحاب الإختصاص والكفاءة في الوزارة التي صارت لهم من حصتهم كمكون. والمتوقع لذلك أن المائة يوم لن تحقق مايعتقد الشعب بالإمكان تحقيقه في هذه الفترة. المالكي اعلن بعد عدة إشهر من تشكيل حكومته السابقة أنه سيقوم بتغييرات وتبديلات في الوزارة الأولى، لكنها انتهت ولم يتمكن من إجراء تغيير وزاري، رغم كثرة ما أعطاه من مواعيد لاجراء التعديلات. وها نحن نقترب من إنصرام عام على أجراء الانتخابات ولم يتم تشكيل الوزارة كاملة، فالمالكي مثلا ما يزال يقوم بمهام وزير الدفاع والداخلية والأمن القومي بالوكالة، فكيف يتخيل أنه سيستطيع تغيير الوزراء بعد تقييم مائة يوم ، وكل وزير سيقول : ليش آنه انطيها حتى ياخذها غيري.!!. فلن يبق أمام الشعب ، وخاصة إن واصل تظاهره جمعة بعد أخرى، إلا المطالبة بإجراء إنتخابات جديدة. ولا بد من الرضوخ لهذا الطلب فعزيمة وأصرار الشبيبة لن يتمكن أحد من الوقوف أمامها بعد الآن، خاصة بعد إنتفاضة الشعوب العربية ، والإدانة الدولية لخرق حقوق الإنسان بقرار مجلس الأمن 1970، وتحريم إستخدام القوة المفرطة تجاه المواطنين . وقد حدد الدستور في المادة (64) شروط الحل، وتحديد موعد الآنتخابات الجديد ة: اولاً :ـ يُحل مجلس النواب، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه، او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء. ثانياً :ـ يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية. وأجراء إنتخابات جديدة لا يغير من النتائج كثيرا إن أجريت وفق القانون الحالي، وانحازت المرجعية في الانتخابات الى تفضيل " مكون طائفي " كما حصل في السابق، وهذا يتناقض مع ما صرحت به أنها تنأى بنفسها عن الخوض في الشؤون السياسية ، والانتخابات شأن سياسي كبيرلا يجوزلها التدخل فيه، وليس من الأمور التي تتطلب من المرجعية إسداء النصح والمشورة من أجل دعم مسيرة العراق نحو الاستقرار والرفاهية ، ولا أظن أن المرجعية ترضى أن تكون ممن يقولون ما لا يفعلون. فبعد إقرار مجلس النواب التعديلات على القانون في عجالة قبيل الإنتخابات في 7 آذار من العام الماضي ،أصدرت المحكمة الأتحادية قرارا يتطلب تعديل قانون الإنتخابات لعدم موافقته مع الدستور. لقد جرت الإنتخابات الأولى وفق القائمة المغلقة ، الأنتخابات النسبية باعتبار العراق كله منظقة إنتخابية واحدة. والانتخابات الأخيرة جرت وفق القائمة المفتوحة ، انتخابات الأغلبية، وفي الأسلوبين إيجابيات و سلبيات، لكن سلبيات المفتوحة أكثر لأنها تحرم بعض التيارات والاتجاهات من التمثيل في مجلس النواب. ولهذا فإن قانون الأنتخابات الألماني يجمع بين النظامين النسبي والآكثرية، بانتخاب النصف حسب االدائرة الواحدة و النصف الأخر حسب الدائرة الأنتخابية، والمفروض أن المفوضية العليا للانتخابات تعرف مختلف الأنظمة الانتخابية لزيارات أعضائها المتعددة الى كل البلدان ومشاركتهم في مراقبة انتخابات بعض الدول. وأن على مجلس النواب أن يضع في أولى مهامه إقرار قانون جديد للإنتخابات. أن التسمر أمام شاشات التلفزيون منذ إندلاع الإنتفاضة التونسية ومشاهدة البث المستمر المتواصل لقناة الجزيرة لا بد وأن جعل كلا منا يفكر بواجبه في الإسهام ، مهما ضؤلت المساهمة ، في المساعي من أجل ترسيخ و توطيد الدولة الديمقراطية المدنية ، المتحررة تماما من الهيمنة الدينية وتأثيراتها الضارة، والضارة بسمعة الدين نفسه ، فالجميع يرى ماذا يفعل الذين دخلوا السياسة باسم الدين والطائفية، فصاروا يكنزون الذهب والعقارات، ويرتكبون الكثير من الكبائر المحرمة، التي يتطلبها نجاحهم في خضم السياسة ومستنقعها. وآمل أن هذا يدعونا الى مناقشة فكرة إجراء أنتخابات جديدة ، وتقديم الاقتراحات والدراسات حول قوانين الأنتخاب، ودراسة ضرورة أعتبار الخارج ، دائرة أو دائرتين انتخابيتين وفق ما سيبينه الإحصاء، والذي يجري تأجيله لمصالح حزبية، لا مصالح وطنية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |