الإعلامي بالهراوات ...والسياسي يترنّح ...مَن يُعاقب مَن؟
د.كامل القيّم
المشهد التظاهري الذي أضاء مدن العراق ...عّبر عن الخلل الذي يحكم ديمقراطية الإعلام ..وكشف بشكل غير مسبوق المسارات الكاذبة التي تم التغني بها رتوشاً للعملية السياسية التي يتباكى عليها السياسيين وليس غيرهم ... مشهد مؤلم كان الإعلام على مر السنوات السبع الماضية يناضل لبناء منظومة دفق وعمق جماهيري لإنعاش حرية التعبير وإمكانية ان يجسد ُسلّمه من السلطات ( على إنها الرابعة ) ولكن العقلية السياسية التي تتربع على مقدرات رسم الديمقراطية في العراق، كانت قد استنفذت الجهد الإعلامي بكل مفصلاته ... ربما في أحيان كثيرة كان على حساب قوى واليات تشكيل الرأي العام ...كان لحساب الوجوه التي نفسها اليوم تلجم حرية التعبير،وتعاقب كاميرات الإعلام بالغلق ومراوح هراوات العسكر ...مشهد مؤلم ومخزي ولا ينتمي الى حاضنة كنا نحلم بمغادرتها بعدما غادرنا الطاغية الى الأبد .
الم يكن الإعلام عزيزاً ومُغيراً وشريان ابهر(لدعايتكم الانتخابية) ...أيام التحسر على لقطة او كذبة انتخابية ...الم ترفعوا هاماتكم لاسترضاء ناشييء الإعلام ..أملا في تصريح او ظهور او تلميح بأنكم موجودون ومنقذون ... خارطة حزينة تجمع وجوه كرهنا حتى الشاشات من نفاقها وكذبها وفشلها ...واليوم وقت ان تنقل الحقائق وبوادر النشاط الديمقراطي يعاقب الإعلاميون ...أية معادلة تعيشون ...اليوم تحولت الصورة والحقيقة الى الجمهور ..ليس لدينا في العراق فحسب بل هذه هي خريطة حتمية التكنولوجيا ..الجغرافية ما عادت أرضية بل فضائية بكل تقنياتها وتفجرها المعرفي لها اليد الطولى لإخراج مشهد مجتمعات التغيير بكل سوادها وبياضها...غادروا معادلة مملكة الإعلام الموعودة ...غادروا مفهوم: ان المجتمع سجين سابق ...لا يعلم ولا يفهم ما يجري ...وعليكم تقبل ان الجماهير هي الرسالة في شوارع ومحاضن المجتمعات المدنية ...السياسي متلقي وليس صانع أمجاد او مفاهيم كما في السابق ، لماذا استكبرتم على زاد الشعب الإعلامي؟ والى اي مدى ستبقون تحتلون صور الفضائيات والمواقع والصحف؟ ...وحصة التنمية والطفل والحضارة والتاريخ ...في مهب الريح ..من قال ان العملية السياسية هي الأساس؟ وليس الثقافة والتربية والتنمية ...من قال إنكم مصدر إنقاذ العراق وليس الطفل العراقي او المتظاهر او العالم الأكاديمي...او الفلاح... ؟جعلتم أيامنا سياسة وحديثنا سياسة وشكلنا سياسة واليوم تريدون غلق صور السياسة ،أيام كلها عجب !! ...المتظاهرون شباب يحبون بلدهم بشغف يعبرون حالة من جحيم العوز والخراب والفساد والبطالة ...كان يجب ان تفرحوا لهذا الجيل الرائع الذي أراد بتلقائية ان يعّبرعن المواطنة ...والانتماء،والإجماع العراقي،أراد ان يضع بصمته كباقي شباب الأرض...أراد أن يقول أنا موجود، عليكم أن تنحنوا وتسمعوا له، لأنه حريص ومؤمن ويريد الإصلاح والتغني بوطن حر غير مستباح، وليس شيئا آخر... ونحن حالة أخرى من توحد العراقيين منذ سقوط الصنم ...بعد الانتخابات...فوز الفريق العراقي في أمم آسيا ...والتظاهرات السلمية الأخيرة التي وحّدت الشارع العراقي بكل مطالبها المشروعة.وهذه علامات خير ونماء سياسي لأننا من (المفترض) نعيش في بلد المواطنة والتصحيح والكشف والاستحقاق والتسريع.
لماذا يُلاحق الإعلامي ويُهان وهو يزاول عمله بعدما اقسم على ان يكون مهنياً ...لماذا تلاحقوه ...وأنتم لا يجوز أن تلاحقون ...من قال إنكم أفضل من طفل يقطع 6 كم يذهب الى مدرسته يومياً لكي يتعلم ويحلم بالتحاف العراق ( مفارقات عجيبة بين الحضارة والجهل ) في بلد الحضارة ..... الزملاء الإعلاميين كنت قد نوهت في مقال سابق( قبل أشهر ) على ضرورة معاقبة السياسيين بالحجب والقطيعة...الم يحن الوقت لكي تحجبوا وجوه من يرفع العصي وكلمات القبح في مقامكم( كحراس الرأي العام والديمقراطية )...هل يمكن ان يُعاقب السياسي..فقط احجبوا عنه( التغطية )الادعاء وبطولات...الأفعال المضارعة( سنعمل ...وأجرينا ...وبعد أشهر ..ومن المؤمل .... وشكلنا لجنة ...) فالساحات والدوائر والمدن مليئة بأبطال العمل والنزاهة والتنمية ...البلد يحتاج مزيداً من جرعاتكم على ان تشركوه في تقاسيم...وبوصلة فائقة المضمون للإبداع والتجديد، الجميع يحتاج كاميرات وأقلام الإعلام لأنها بلسم التنوير والتحضر والتعلم وكشف الزلل...أرجوكم وأرجو نقابة الصحفيين ومرصد الحريات الصحفية والجمعية العراقية لحماية الصحفيين ان يضعوا وثيقة عمل فورية لكي تتوقف تلك المهزلة ...مهزلة ( كل الأيام لي ...ولا يوم لغيري ) وستبقى عيني على الإعلام ...وابكي لان الحل العلمي غائب .ولازلنا بلا شوارع تمهد لإقرار قوانين او ضوابط تشرعن سلوك السلطة مع الإعلام والإعلاميين .
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب