ديمقراطية منع التجول !
 

 

جاسم الحلفي

يتخبط المتنفذون في خطواتهم لوقف حركة الاحتجاج ومحاصرتها بكل السبل. فبعد فشلهم في إيهام الناس بأن هذه الحركة من تدبير البعثيين الصداميين و" القاعدة "، واتضاح زيف وبطلان ذلك، قيموا المظاهرات ايجابيا واكدوا على شرعية مطالبها. ولكن خطابهم تبدًل مرة أخرى الى النقيض بعد يوم واحد، وغلبت عليه سمة الانفعال والارتجال. فتارة يدعون انها – اي المظاهرات - عفوية ومحدودة العدد وغير مؤثرة، وأخرى يتهمون قوى بانها تقف وراءها، يعتصرهم التشنج والضيق من صوت الحق الغاضب على الفساد والمفسدين والمحاصصة وتركيز السلطة والمال بيد حفنة من المتنفذين.

وتجلت رهبتهم اللامعقولة من ممارسة المواطنين لحقهم الدستوري في التظاهر في استحداث ومضاعفة التدابير الرامية لتقييد التظاهر عوضاً عن

اصدار القانون المنظم والميسر لممارسته كما يقضي الدستور، فعمدوا الى فرض حظر التجوال، وتطويق ساحة التحرير بالحواجز والأسلاك الشائكة ونشر واسع لقوات الجيش والشرطة، ووضعهم في حالة تأهب. فبدت ساحة التحرير وكأنها معسكر اعتقال، الدخول اليها والخروج منها محسوب بدقة يحسدون عليها، وفرض حظر قاس على المتجمهرين للتظاهر حيث منع حتى إدخال قناني الماء والأقلام.

وتمادوا بالتصعيد ولم يتوانوا عن خرق الحقوق الأساسية للمواطن التي تكفلها المواثيق الدولية والدستور باللجوء إلى الاعتقال الكيفي وإساءة معاملة الناشطين في إجراءات تعسفية مسعورة تذكر بالحملات القمعية التي نفذتها أجهزة الاستبداد التابعة للنظام المقبور، تلك الأجهزة التي لاحقها الخزي والعار.

ادرك تماماً الديمقراطية في العراق لا تزال تعيش زالت مخاضات الولادة العسيرة، كما لا تخفى علي عيوب النظام السياسي الجديد، حيث الفسادوالمفسدون والمحاصصة، ولا تغيب عني مقولة لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، لكن لم أكن اتصور ان الامور تختلط على الحكومة لدرجة عدم التمييز بين مطامح الناس الراغبين في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمتطلعين الى التخلص حقا من الفساد والمحاصصة وبين " البعثيين والقاعدة "!.
 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com