|
عبد الرحمن الكواكبي عندما نشرت تقرير القناة الفرنسية الثانية ونشرة إنتلجنس أونلاين القريبة من أجهزة الاستخبارات الفرنسية أنباءً عن وجود طيارين سوريين مرتزقة يقومون بتنفيذ أوامر الإبادة الجماعية التي يقوم بها الطاغية القذافي ضد شعبه الذي لم يطالب بأكثر من حقه في الحرية والكرامة والعيش كسائر البشر على وجه الأرض الذين ينعمون بالأساسيات فقط مما كفلته الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بادرنا جميعاً نحن السوريون إلى تكذيب ذلك الخبر واعتبرناه خبراً ملفقاً من أجهزة الاستخبارات الفرنسية على الرغم من عدم وجود أي أسباب مباشرة أو مستبطنة لأي خلافات استخباراتية أو حتى سياسية بين فرنسا ساركوزي والقيادة السورية راهناً ولمعرفتنا شبه المتيقنة بأن الجيش السوري هو جيش وطني وليس تجمعاً من الميليشيات شبه العسكرية التي تستطيع تأجير المرتزقة لمن يدفع لها . ولكن الحيرة والذهول أصابا من مقتلاً حينما أكدت قناة الجزيرة تلك الأنباء التي رأيناها ملفقة سابقاً و استقر ذلك الذهول المهول حينما شيعت مدينة السلمية السورية جثمان العقيد الطيار أحمد الغريب في يوم الثامن من آذار للعام 2011 دون أن تصرح قيادة القوى الجوية السورية عن كيفية سقوط طيارته ومكان حدوث ذلك الذي إلى تشظي جثته و مقتله والذي لا أستطيع وصفه بالاستشهاد إن كان قد قتل وهو في صفوف كتائب القذافي الأمنية التي تذبح شعبنا المجاهد في ليبيا الجريحة . ولأننا تعلمنا في جميع مراحل دراستنا من الابتدائية و حتى الجامعة بأن هناك ما يدعى ثقافة قومية اشتراكية في سورية تعتقد بأن الوحدة والحرية والاشتراكية هي النواظم المنهجية للخيار الأخلاقي الصائب قبل أن يوسم بأي صبغة أو لون سياسي فإني أدعو القيادة السورية إلى أن تكذب تلك الحقائق بالأفعال الحقة وليس الكلام الخافت الذي بدى للجميع وكأنه كلام النعامة وهي تدفن رأسها وعقلها في التراب ، وأن تقوم بما تمليه عليها العقيدة التي يفترض اعتقادها بها والتي تنظر إلى نفسها بأنها الطليعة الثورية العربية التي تناضل لتأصيل الوحدة والحرية والاشتراكية في الوطن العربي وذلك من خلال إرسال الطيارين السوريين إلى مطار بنغازي المحررة للانضمام إلى الثوار الليبيين هناك وتأمين الغطاء الجوي الملائم لتقدمهم في زحفهم المظفر لتحرير ليبيا الجريحة من طاغيتها وحماية الصدور العارية لأولئك المجاهدين الأباة الذين أذهلوا الصحافة الغربية قبل العربية بمعنوياتهم العالية وإرادتهم الصابرة والمصابرة لتحرير كل التراب الليبي من دنس الطغيان والاستبداد . وقد يرد قائل باستهزاء و استخفاف على طرحي البديهي آنفاً والمنطلق من أوليات الفكر القومي التي تم توطينها في عقول المواطنين السوريين البسطاء خلال العقود الخمسة الماضية ، بأن السياسة ليست بهذه البساطة وأن إرسال الطائرات السورية إلى ليبيا سوف يترك وطننا السوري الصغير مكشوفاً أمام العدو الصهيوني الغادر إلى ما إلى ذلك من التبريرات الفذة التي قد يجود بها أشباه الرجال في أوقات امتحان الرجال الخلص الصادقين ، وهي التي لن يتقبلها العقل الجمعي في سورية لأن مساندة الثوار الليبيين واجب قومي لكل من يتفهم عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي وهم ، أي الثوار الليبيون ، في الحد الأدنى يجب اعتبارهم في حكم مجاهدي حزب الله اللبناني الذي لم تقصر سورية قيادةً وشعباً في دعمه الكامل خلال عقود والذي سوف يشكل سنداً ملائماً للدفاع عن سورية الأبية في وجه أي عدوان صهيوني غادر عليها حينما يكون طياروها العقائديون يساندون الثوار في ليبيا إلى حين أن يتحول كل مواطن سوري إلى مقاتل ومدافع عن أرضه تماماً كما هم كل مقاتلي حزب الله اللبناني خلال سويعات قليلة إذا ما حانت ساعة المواجهة مع العدو الصهيوني التي طال انتظارها لما يقارب العقود الأربعة و لكنها لما تأت بعد ! ولأن حكماء العرب علمونا بأن البعرة تدل على البعير وأثر الأقدام على المسير ولأننا حريصون على أن لا نشعر بالخزي والعار المستديم وأن كل ما زرقت به عقولنا من فكر عقائدي خلال خمسة عقود كان عبارة عن شعارات فقط ليس هناك من يعتقد حقاً بها من حامليها ، ولكي لا تخامرنا ظنون الشيطان عن العقيد السوري القتيل أحمد الغريب فلا بد أن تكون الطائرات السورية المقاتلة في صفوف الثوار المجاهدين الليبيين لكي تسجل لها ذاكرة كل المواطنين السوريين ذلك لأن ذاكرة وضمير الشعوب ومهما ظن البعض بأنها سوف تنسى فقد علمنا طوفان الغضب العربي عكس ذلك وأن من جرب المجرب عقله مخرب فقط.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |