|
شعرت الميلشيات النظامية التابعة لمجلس التعاون الخليجي بفرحة غامرة, وسعادة ما بعدها سعادة, وهي تخوض معركتها الطائفية غير المتكافئة, وغير العادلة ضد المظاهرات السلمية, وعكست رغبتها الجامحة لتنفيذ مهمتها في قمع الحشود الجماهيرية, التي خرجت لتحتج على نظام الملك الوسيم, وتطالبه بمساواة الشعب البحريني بالمجنسين الوافدين من الهند والباكستان وقلقيزستان, ووجدت مليشيات درع الجزيرة نفسها في المكان المثالي لخوض معركتها الطائفية المعززة بالتأييد المطلق من القبائل والعشائر والفقهاء, الذين كانوا يتحينون الفرص لإعلان (فريضة الجهاد) وتفريغ شحناتهم الطائفية الراقصة على أنغام سيمفونيات التكفير والتحريض والتشرذم والتمزق, فتحول الجسر الذي كان متنفسا للرغبات السعودية الباحثة عن التهتك الجنسي في ملاهي البحرين, إلى (معبر) جهادي حمل على أكتافه جحافل المليشيات المُشَفرة ذهنيا, والمُبَرمجة عسكريا, والمُهيأة نفسيا لسفك الدم البحريني, الذي استرخصته المنابر المتطرفة منذ زمن بعيد, فلوحت مليشيات هولاكو الجزيرة بعلامة النصر قبل بدء المعركة المحسومة سلفا ضد اضعف الناس وأكثرهم فقرا وبؤسا ومسكنة, وعَبّرت تلك المليشيات عن طيشها وتعطشها للانتقام من خصوم الملك الوسيم, الذين تحولوا في خطابات فقهاء الفيس بوك إلى (أعداء الله) و(أعداء الإسلام) و(أعداء العروبة), وظهر عليهم الغلو في أول منازلة لهم عند مقتربات ميدان اللؤلؤة, وكانوا ينظرون إلى الفئات المسحوقة من الشعب البحريني الأعزل نظرة استعلائية تكفيرية, ويتعاملون معهم باحتقار فاضح, وكأنهم يتعاملون مع (حشرات زاحفة), في حين راحت قناة (العربية) تنقل الصورة المعكوسة, وتشقلب الأحداث بالاتجاه الذي يصب الزيت على النار, وبالطريقة التي تضفي الخصال الجهادية والصفات الإيمانية على النظام السعودي, في محاولة منها لتحصينه من زلازل الثورة الداخلية, وحمايته من رياحها المنبعثة من شعارات (جمعية الحقوق المدنية والسياسية), التي وضعت النظام السعودي أمام خيارين لا ثالث لهما, إما ملكية دستورية, وإما جمهورية إسلامية, وكان من الطبيعي أن يأتي الرفض على لسان وعاظ السلاطين, الذي لا يرغبون بجمهورية إسلامية على غرار النظام الإيراني, ولا يرغبون بملكية دستورية على غرار النظام البريطاني, فالخيار الذي تطرحه الدولة الذي لا خيار بعده, هو النظام الملكي الوراثي, القائم على التصنيفات الشكلية للمجتمع, والقائم على السماح للناس بالتنفيس عن رغباتهم الجهادية خارج حدود المملكة, وتشجيعهم على الجهاد في أفغانستان, أو على الحدود اليمنية, أو في البحرين ومنحهم الفرصة لبناء مساكنهم في الجنة, التي رسم أبعادها رجال السلطات المستبدة في العالم العربي كله, من المغرب المتحجر على سفوح جبال أطلس, إلى العراق المتبعثر في أسواق السيرك السياسي, والغارق في مستنقعات المزايدات الطائفية المقيتة, فقد صارت الطائفية, من حيث ندري أو لا ندري, هي العنوان الرسمي لنا في المأكل والمشرب والملبس, وفي اختيار لون العقال واليشماغ, وفي قياس طول الدشداشة, وتحديد شكل اللحية, حتى ابتعدنا عن منهج القرآن الكريم, وانحرفنا كثيرا عن جادة الصواب, التي وضعت أسسها السنة النبوية المطهرة, ووجدنا أنفسنا على مفترق طريقين لا ثالث لهما, اما أن نقف مع الشعب البحريني المذعور من بطش ميليشيات هولاكو المدرعة بالإيمان الخليجي المشفر, أو الوقوف خلف تلك المليشيات التي هرعت لتفرغ شحناتها الانتقامية في البحرين بمباركة ومؤازرة شيوخ وأمراء دول مجلس التعاون, الذين كانوا أكثر تعاطفا وولاءا للقوات الأمريكية, التي اتخذت من السيلية (في قطر) ملاذا لقاصفاتها ومقاتلاتها الحربية, واتخذت من سواحل البحرين مستقرا لإيواء سفنها الحربية وفرقاطاتها وغواصاتها, وكانوا أكثر كرما وسخاءا مع شمعون بيريز, ووزيرة خارجية إسرائيل تسيفي سيبني, وصاروا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون. . . .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |