|
اليابان خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة ومحتلة ومستسلمة لقوات الحلفاء. اليابانيون بوذيون ويحكمهم امبراطور كانوا يعتبرونه الهأ او مقدسأ. وتهافتت تلك القدسية من ضمن شروط الأستسلام التي فرضتها قوى الأحتلال وفرضه الواقع السياسي الجديد ! امبراطور اليابان لم يتخلى عن دوره القيادي ومسؤليته الأخلاقية اتجاه شعبه. نعم لقد فقد قسط كبير من سلطته ولكنه لم يفقد الأرادة ولم تفتر متابعته لشؤون البلاد بكل تفاصيلها ! كان يمارس عمله كرجل دولة فتأتيه التقارير عن مجريات الأمور في البلاد. لفت نظره خبر مفاده ان الشباب الياباني بدأ يستعمل بعض المصطلحات الأنجليزية ! فأغمه هذا الخبر واستدعى مستشاريه تباعأ ليقف على رأيهم باسلوب علاج هذه المشكلة الخطيرة ! ولكن لم يسمع منهم ما يقنعه فدعى مستشارأ حكيمأ يلجؤن اليه في الأمور العظام فأشار عليه بالدعوة الى اجتماع عام يحضره كل اطياف المجتمع الياباني من اجل التصدي لهذه المشكلة العصية ! كلف الأمبراطور الحكيم بتنظيم الأجتماع وكتابة النتائج التي تتمخض عنه. وكانت النتيجة توصية بالعناية بجهاز التعليم ! والحل الذي وضع يتمثل في برنامج دورات ثقافية تعنى بالثقافة اليابانية وتطوير المناهج العلمية والصناعية والأدارية بما يواكب الحداثة في التطور العالمي. لقد وضعت اربع مراحل للدورات الثقافية والذي يجتاز الدورة بنجاح فانه يحصل على مكاسب مادية ومعنوية مجزية. والمرحلة الأخيرة يصل راتبها لدرجة وزير ! وارسلت بعثات الى الغرب وكان الهدف منها اكتشاف اسرار تقدم تلك الدول ولم يكن هدفهم الحصول على القاب علمية ! ولعل من عاصر عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي يتذكر السمعة الرديئة للمنتجات الصناعية اليابانية والتي تشبه الى حد كبير مستوى بعض منتجات الصين حاليأ ! وكان الغربيون يتحسسون من وجود اليابانيون من زيارة مصانعهم ! استطاعت اليابان بالرغم من عدم توفر المواد الأولية للصناعة لتصبح خلال عقود قليلة تحتل الدرجة الثانية اقتصاديأ بعد الولايات المتحدة ! واستطاعت ان تتحدى المجتمع الغربي بتقديم معايير اقتصادية-اجتماعية كانعدام البطالة وتمويل استثمارات من دون ارباح ربوية او قليلة جدأ. تسعى الى امتلاك سلاح نووي بشكل مباشر او غير مباشر ! بل على العكس فهي احد دعاة الى عالم خال من الأسلحة النووية ! هل العالم العربي والأسلامي اقل عقلأ وحكمة ؟ بالرغم من الأمكانات الكبيرة التي يتمتع بها من ثروات طبيعية وحضارية وامتداد جغرافي وسوق تجارية كبيرة ! نعم هناك معوقات ومشاكل ولكنها ممكنة التذليل بالحكمة والمثابرة والصبر. ولاية الفقيه لم تعد اطروحة مقبولة سياسيأ بعد تعثرها في ايران بالرغم من النجاحات التي حققتها في بعض الأصعدة. والديمقراطية تهافتت عند التطبيق في العراق وباقي الدول العربية والأسلامية ما عدا تركيا ! وتركيا هي الأخرى لا تزال تعاني سياسيأ من استيعاب القوميات الكردية والعربية في نظامها السياسي ! مع انها حققت نجاحأ من خلال تخطيها التناقض الحضاري بين السلطة والأرادة الشعبية بشكل عام. وقد نجحت في بناء مؤسسات دولة عصرية على اسس حضارية حديثة تقود عملية البناء وتوفير الخدمات وتنظيم التجارة وتطوير الصناعة والزراعة والحفاظ على الأمن. اما السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية فهي منفصلة نظريأ ولكن التطبيق العملي لا يزال في دور مخاض. وكما هو واضح فان النموذج التركي بعيدأ عن الكمال. فهل تصبح تركيا مثلأ يحتذى به ونواتأ لأستقطاب باقي الدول المسلمة في الحقبة القادمة ؟ ان التحرك التركي باتجاه ايران وسوريا والعراق والقضية الفلسطينية تدعو للأمل والتشجيع والمساندة !
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |