|
هل سيتغير وجه التأريخ بانتفاضة العراقيين ؟؟!!
محمود الوندي لكل انتفاضات التاريخ الكبرى مفرداتها الخاصة بها التى تعبر عن مبادئها الأساسية والأهداف التى تصبو إلى تحقيقها. وكان متمثلا فى ثلاث مفردات هى الحرية والمساواة والقضاء على الفقر والبطالة ، وعزم الشعب ان ينتصر فيها وان كلفه ذلك حياته ، ان يحيا حياة حرة كريمة دون قهر او استبداد او خوف ، وادت الانتفاضات الى سقوط الحكومات المستبدة وتنحي حكامها الفاسدة .. بصلابة منقطعة النظير بعد ان رويت ارضه بدماء ابنائه . وشاهدنا انتفاضة آذار عام 1991 لقد كانت انتفاضة شعبية واسعة ضد حكم البعث الفاشستي ، والتي واجهها النظام الدموي البعثي وجلاوزته بمنتهى الشراسة والقسوة ، وضحى الشعب العراقي اكثر من 300 الف شهيد .. واليوم الحماهير العراقية مستاءة جدا من استئثار الزمر الحاكمة وذويهم بالمال العام وحرمان الجموع الكبيرة من ثروات العراق الطائلة ، لان هذه الزمر الذين مستغلين الدين والمذهب لتمرير مصالحهم الخاصة ، أثبتوا فشلا ذريعا في إدارة الدولة العراقية ، لانهم غارقين في سبات السطو على المال العام واللهاث وراء الامتيازات وبمبتعدين عن هموم الشعب العراقي الذي يعيش أكثر من 50% منه تحت خط الفقر ، ولم تكون لديهم النية الخالصة في مواجهة المفسدين والمختلسين الذين تجاوزوا كل حدود المعقول في إستغلال المال العام ، وتجاوز الصلاحيات الممنوحة لهم من أجل مصالح خسيسة تتقاطع مع المصالح العامة المنتهكة على الدوام ... لذلك بادرت الجماهير العراقية للاحتجاج على الوضع المأساوي لحياتها المزرية ، وعلى استعداد لبذل جهودا وتقديم ارواحا على تحقيق هدفهم حتى لو ضحى بحياتهم من اجل كرامتهم وعيشيهم الكريمة ، وكشف عن المسيئين والمختلسين والفاسدين الذين يتعاملون مع بناء شعبنا كالحجارة على قطعة شطرنج يتحكموا فيها كيفما شاؤوا ، ومطالب الجماهير الى قطع الحكومة العراقية ارتباطها باجندات اقليمية ولم تجعل الوصاية الاقليمية وهيمنتها على رقاب العراقيين ، ولم تبيح لها مؤطئ قدم عسكرية وامنية وديمغرافية واقتصادية بالعراق ، هذه الاجندات التي كانت وما زالت وراء عمليات العنف بالعراق باغلب عملياتها .. تريد هذه الجماهير من خلال التظاهرة القادمة في 25 شباط / فبراير ضد الطبقة الحاكمة الفاسدة في العراق ، انقاذ المجتمع العراقي من كل مسيئين او فاسدين الذين إنتهكوا عرض الدولة العراقية وإغتصبوا مستقبلها المنتظر ، وتقديمهم الى المحاكم لكي ينالوا جزائهم العادل ، واخراج البلاد من الفساد الاداري والمالي الذي ينتشر في جميع هياكل الدولة ومؤسساتها ، والعمل على تحقيق المطالب التى طالبت بها على مدار الفترة الماضية ، لإيصال مكونات الشعب بصفاء نحو المستقبل ، لان الجماهير تعرف أبطال قصص الفساد المالى والأخلاقى فى العراق ينتمى معظمهم إلى الطبقة الحاكمة وأقرباء المسئولين ، إضافةً إلى اعضاء البرلمان ذى الأغلبية التابعة للاحزاب الحاكمة ، وقصصهم يرويها ويتداولها الشعب العراقي بمرارة عن الحكومة وثلة مفسديهم .. وعلى مدى سبعة سنوات سيطرت الزمر من الاحزاب الاسلامية على حكم العراق ، نهبت البلد وما فيه وحولته الى موطن للفقر المدقع لأغلبية الشعب ، والثراء الفاحش للزمرة الحاكمة ، ويحرم الشعب من حقه في التعبير والآراء والتنفس الحر وكما يحرم الطبقة الفقيرة والمسحوقة من حقه في العمل داخل المؤسسات الحكومية ، وابعاد الكفوئين والاكاديمين عن المراكز الحساسة لصالح الحزبيين ، والاعتداء على حرية التفكير والتعبير وغلق جميع الاتحادات والجمعيات الفكرية بحجة محاربة المرتدين عن الدين الاسلامي ، وسلطت على الشعب قطعان المليشيات لتخويفه وارهابه ، الى جانب الارهاب الدولي وعصابات إجرامية أجيرة ، إضافة الى تردي الخدمات الحياتية والانسانية ، وتفشي الفساد والرشوة في دوائر الدولة ، لا تتم تمشية معاملة اي مواطن إلا بعد دفع رشوة للموظف المسؤول ، ورغم هذا الفساد والارهاب المنتشر يطل على الشعب بين آوانة واخرى دعائيو الاحزاب الحاكمة من شاشات الفضائيات ويقدموا خطابات مفعمة بالعجرفة عن استقرار العراق وديمقرطية العراق وبهذا كذبهم يريدون الضحك على ذقون الناس البسطاء ، ويخدعون المجتمع العالمي .. لقد عمدت الحكومة المعزول عن الشعب والغير قادرة على معالجة الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي إلى تعمق الطائفية وخلق شرخ بين مكونات الشعب اي طبقت الشعار ( فرق تسد ) كوسيلة وحيدة للاحتفاظ بكرسيها . وهكذا بادرت الحكومة إلى دعم التطرف الديني ومده بالإمكانيات كي يعادي الديمقراطية والفدرالية ومعاداة الفكر التقدمي ومحاربة الاشخاص الكفوئين والاكاديمين الذين لدبهم طاقات وابدعات وقدرات لبناء مستقبل العراق .. ان تراكم القهر والحرمان لدى الشعب من خلال تمرير صفقات الفساد المالي والاداري الهائلة التي تصب في جيوب الفاسدين والمفسدين على حساب ملايين العراقيين الفقراء ، وما رافقها من إيغال الحكومة في سياستها الخاطئة والمدمرة ، خلق وعياً جديداً لدى العراقيين الذين يتمتعون بالقدرة على تلمس الطريق الحقيقي نحو إنجاز الحكم الديمقراطي وتطبيق العدالة الاجتماعية وعدم هضم حقوق مكونات الشعب العراقي ، إن العراقيين أدركوا أنه بدون حرية وديمقراطية لا يمكن الحديث عن البناء واستقلال البلاد وبناء المجتمع المدني وكل ما تحلم به لبلدهم . الانتفاضة القادمة سوف تغيير العقل العراقي ، وإيجاد الوعي السياسي لدى المواطن العراقي ، كما تغير وجه تأريخ في العراق ، وتقوية الهيكل الاساسي للممارسة الديمقراطية في العراق ، وتجلي الحقيقة على وجه الفاسدين والقاتلين بعد ان ذابت أشعة الشمس الحارقة كل ما كساه من مساحيق التجميل في وجوههم من مساحيق الكذب والنفاق والدجل ، الانتفاضة القادمة تكشف خداع الذين يجلسون تحت قبة البرلمان ويدعون دائما الدفاع عن حقوق الشعب وعن ديمقراطية العراق ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |