من ذاكرة الحقد ألأميركي على البشرية
 



خالد محمد الجنابي
khalidmaaljanabi@ yahoo.com

خلال الحرب العالمية الثانية وبالتحديد بتاريخ 7/12/1941 جاءت الصفعة المفاجئة والقوية للولايات المتحدة من قبل الاميرال الياباني ( شويغو ناغومو ) الذي قام بمهاجمة الاسطول الاميركي السادس وقد استخدم ست حاملات طائرات وإثنتين من السفن الجوالة الثقيلة واُخرى خفيفة ، يتبعها عدد من الغواصات والطرادات وناقلات الوقود ليغرق الاسطول الاميركي السادس في ميناء اللؤلؤ ( بيرل هاربر ) بضراوة شديدة تمثلت في قيام الطيارين اليابانيين الانتحاريين ( الكاميكاز ) إثر نفوذ الاسلحة من طائراتهم بعمليات إنتحارية بالطائرات ليدلل على مدى الشراسة التي ولدها الاسطول الاميركي السادس لدى اليابانيين الذين تمكنوا من الاطاحة به في ضربة جوية موجعة ومباغتة حيث إن مهاجمة الاسطول جاءت بدون سابق إنذار أو إعلان للحرب على الولايات المتحدة من قبل اليابان مما أحدث صدمة للساسة والرأي العام الاميركي الذي طالب بدوره بالانتقام من طوكيو ، علما إن حاملات الطائرات الاميركية لم تصب بأذى كونها كانت تؤدي مهمات في عرض المحيط الهادىء ، كما قامت القوات اليابانية بغزو جنوب آسيا تزامنا مع قصف بيرل هاربر وبالتحديد ماليزيا ، واندونيسيا ، والفلبين ، بمحاولة من اليابان للسيطرة على حقول النفط الاندونيسية ووصف رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشيرشل حادثة سقوط سنغافورة بأيدي القوات اليابانية بأنه ( من اكثر الهزائم مهانة على الاطلاق ) وفي تلك الفترة أصبحت القوات اليابانية على مقربة من استراليا ، علاوة على ذلك فلقد قال تشرشل الذي نام نوما عميقا خلال ليلة تدمير الاسطول الاميركي لقد كسبنا الحرب لأن أميركا ستدخل المعركة الى جانبنا ، وفي تلك ألاثناء أرسل عالم الفيزياء إلبرت أنشتاين ألأميركي الجنسية واليهودي ألأصل رسالة سرية الى الرئيس الاميركي آنذاك فرانكلين روزفلت أخبره فيها بإمكانية صنع قنبلة تحدث دمارا لامثيل له في حالة التوصل إلى تشطير الذرة وقد وافق الرئيس الاميركي على ذلك وبعد مرور أكثر من ثلاثة سنوات وسبعة أشهر ، وبميزانية بلغت ملياري دولار أصبحت القنبلة الذرية حقيقة واقعة ، عبر رسالة تلقاها الرئيس الاميركي هاري ترومان الذي أستلم رئاسة الولايات المتحدة بعد الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت الذي توفي بتاريخ 2/4/1945وكانت الرسالة التي تلقاها الرئيس الاميركي ترومان خلال مشاركته في مؤتمر بوتسدام الذي عقد في تموز من عام 1945 تنص على مايلي ( الطفل ولد ولادة جيدة ) أي إن القنبلة الذرية أصبحت جاهزة .

وافق الرئيس الاميركي ترومان و بتأييد من رئيس الحكومة البريطانية آنذاك ونستون تشيرشل على استخدامها ضد اليابان من اجل تدميرها انتقاما لتدمير الاسطول الاميركي السادس بالرغم من ان بوادر الحل الدبلوماسي كانت تبشر بخير ، إلاً إن واشنطن مضت وراء رغبة التدمير والانتقام وكذلك نشوة التجربة للسلاح الجديد ، في تموز من عام 1945 كانت ثلاثة قنابل ذرية جاهزة للأستخدام لدى الولايات المتحدة فقامت في تموز من العام المذكور بإجراء إختبار على واحدة من تلك القنابل في صحراء المكسيك .

في الساعة الثامنة وخمس دقائق من صباح يوم 6/8/ 1945 كانت الطائرات ألأميركية قد أصبحت على مشارف مدينة هيروشيما اليابانية ، وفي الساعة الثامنة وست عشرة دقيقة من صباح ذلك اليوم المشؤوم في تاريخ البشرية على مر العصور ، كان المواطنون اليابانيون في مدينة هيروشيما في طريقهم إلى أعمالهم اليومية ، العامل يتجه الى مصنعه والحرفي يذهب الى معمله وكل منهم يلقي تحية الصباح ألأخيرة على من يصادفه في طريقه ، تلك التحية الخاصة بالوداع ألأليم على الرغم من انها تحية تحمل في ثناياها كل طيب واخلاق الشعب الياباني ، من جانب آخر كان البعض يهم بجلب طعام الفطور الى صبيته الذين كانوا في انتظار عودته فلا هو عاد لهم ولا هم تمكنوا من الذهاب اليه لأن اميركا أبت أن يتناولوا الطعام معا ، نساء حوامل كنً يجلسنً في شرفات الشقق كل واحدة منهنً تحيك مايلحوا لها لوليدها الذي كانت في انتظاره لكن لن يتحقق اللقاء ، في تلك ألأثناء كانت ثلاث طائرات من طراز ( ب 29 ) تحوم فوق هيروشيما إحداها تحمل القنبلة الذرية يقودها الكولونيل ( تيبتس جيرام ) أما الطائرتان الاخريان فقد استخدمتا للحماية والاستطلاع ، في تلك اللحظة المشؤومة اُلقيت قنبلة الهلع والتدمير الشامل وكان الخراب والقتل الذي يفوق الوصف لدرجة أن الكولونيل الذي نفذ العملية إكتفى بإرسال برقية مستعجلة للرئيس الاميركي ترومان من ثلاث كلمات فقط قال فيها ( رأيت المدينة فهدمتها ) ، وكانت تلك القنبلة قنبلة يورانيوم تزن أكثر من 4،5 طن وبقوة تفجير تزيد عن ( 10 ) آلاف طن وخلال أقل من دقيقة واحدة على سقوطها قُتل أكثر من ( 80 ) ألف شخص وجرح أكثر من ضعف ذلك العدد

، القنبلة ألقيت في الساعة الثامنة و16 دقيقة صباحا وقبل أن تصبح الساعة الثامنة و17 دقيقة كانت هيروشيما في خبر كان ، صارت مدينة مدمًرة بالكامل ، لاحياة فيها ، الجثث متناثرة في ألأرجاء ، سحابة الدخان التي انبعثت من القنبلة غطًت سماء المدينة وأحالت كل شيء فيها الى ظلام دامس يشبه وجه أميركا القبيح ، سكان المدينة أفترقوا في الحياة لكن أميركا أرادت أن تجمعهم في الحفير وهذا مافعلته بالضبط ، الموت أخذ أشكالا مختلفة ، فذا مات مقطًع الاوصال وذاك مات بالسكتة القلبية أو الدماغيه وغيره مات بالنزف الداخلي ، الموت كان القاسم المشترك ألأعظم لسكان هيروشيما ، نساء حوامل فارقن الحياة من على بعد كيلومترات عن موقع الأنفجار ، أطفال أبرياء كانت تطهى أجسادهم وتنبعث منها رائحة اللحم البشري المطهو حسب الرغبة ألأميركية ، مباني شاهقة وجميلة أصبحت أكوام من الركام خلال بضع ثواني ، بساتين واشجار تحولت الى فحم يستعر خلال ثواني قليلة جدا ، أكثر من ربع مليون ياباني بين قتيل وجريح سقطوا خلال ثواني قليلة وبمعدل 500 قتيل وجريح في الثانية الواحدة ! كم من الدموع نحتاج حين نذكر أولئك الضحايا ألأبرياء ؟ وهل تكفي دموع العالم بأسره حين نستذكر تلك الفاجعة ؟ هذا هو التطبيق الفعلي لقوانين حقوق ألأنسان من قبل أميركا ، الخزي والعار على مر التاريخ لأميركا عدوة ألأنسانية ، واللعنة ثم اللعنة ثم اللعنة في كل وقت وحين لعالم الفيزياء عدو البشرية النذل البرت انشتاين .

وبتاريخ 9/8/1945 وحيث لم يفق العالم بعد من هول ماحدث في هيروشيما قامت الولايات المتحدة بإلقاء القنبلة الذرية الثانية على مدينة ناكازاكي اليابانية والتي أدت الى قتل أكثر من ( 40 ) ألف شخص وجرح أكثر من ذلك العدد بكثير ، وكانت تلك القنبلة قنبلة بلوتونيوم ، ولكون نازاكي تحاط بسلسلة من التضاريس المختلفة فلقد كانت شدة وهول الانفجار أقل مما كان عليه في هيروشيما .

تلك الجريمة هي أبشع جريمة عرفها التاريخ البشري ، جريمة ضد ألأنسانية والطفولة والحياة ، ألأبرياء الذين أصبحوا وقودا لنيران القنابل الذرية كانوا أشخاص عزًل من السلاح ، لاذنب لهم في ماأقترفته أميركا اللعينة ، ستبقى تلك ألأرواح التي أزهقت عنوَةً تلاحق الضمير ألأميركي المستتر وجوبا ولايستفيق الا حين يتعلق ألأمر بأسرائيل عند ذاك يكون ضمير أميركا حاضرا لرد أي أتهام يوجه الى أسرائيل حتى لو سفكت دماء العالم بأسره ، فسحقا لأعداء البشرية .

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com