الليبراليون.. وإنقاذ المرأة من سجون المتشددين !

 


ريم سعيد آل عاطف

 

تحاول التعلّم من الرموز الثقافية والفكرية الشامخة قيم الإنتاج والبناء ، ومحاكاتهم في التركيز على المساهمة والإيجابية بطرح المشاريع والرؤى المستقّلة النافعة دون الالتفات إلى الصخب والمهاترات وإشغال النفس بمراقبة الآخرين .

تجاهد في تربية نفسك وأطرها على ذلك ، ولكن لا تملك رغما عنك إلا انصراف ذهنك برهة لصوت أهوج مستفّز! خطاب متلبرل لا تكاد تحدّد عاهته الحقيقية ! أهي سطحيته وسوء فهمه أم عنجهيته، وتلك الفجوة الهائلة التي تفصله عن هموم الناس واحتياجاتهم الأساسية .

كاتبٌ ومقدّم لأحد البرامج الشهيرة يكتب مقالا يخبرنا فيه أن "للمرأة حقوقا نظامية وقانونية وإنسانية أكدتها المواثيق الدولية ، فعلى المرأة أن تحرص عليها، وأن تطالب بالمساواة مع الرجل"، ثم يضيف أنه "يعوّل على المرأة الخليجية في النهضة ويهنئها لانعتاقها من سجون العادات وحصون التخلف"، ثم لم يفته الحديث عن "المتشددين الذين يقودون حياة المرأة إلى الموت المبكر، ويتسببون في سجنها وتكبيلها وشللها وإعاقة حركتها، وأنهم أناس ضد الحياة والإنسانية" !!

تقرأ تلك العبارات القوية المثيرة فتأمل أن تكون وراءها قضيةٌ ملحّةٌ تستدعي المكاشفة والتنادي لنقاشها وحلها، ثم يصدمك ويحزنك غاية الحزن أن ذلك القلم ما تحرك إلا تفاعلا مع خبر إقامة بطولة نسائية خليجية لألعاب القوى!! وأن ذلك الغضب ليس إلا لعدم مشاركة فريق سعودي في تلك الدورة!!.هل يعقل أن النهضة، والحقوق الإنسانية للمرأة ، والانعتاق من الجهل والتخلف باتت كلها لا تعني عند ذلك الخطاب التغريبي إلا توليا لمقود السيارة، وعملا مختلطا، ومشاركةً في بطولة دولية للفروسية أو الجري والوثب العالي والقفز بالزانة ؟!!
يختتم الكاتب مقاله بالتنويه إلى أن "الرياضة ليست لتخريب فتيات الأمة، بل لإدخالهن في عمق العصر، وأنها ليست جريمة"، ثم يتساءل بحرقة : "لا أدري متى يمكن للمرأة في بلادي أن تشارك في مثل هذه البطولات البريئة؟"

وعجبي ! فلم يقل أحدٌ يوما ما إن الرياضة جريمة أو تخريب لفتيات الأمة؟! بل هي وسيلة مهمة وحضارية لصحة بدنية ونفسية مثالية حين تصبح سلوكا ونظاما ثابتا في حياة الإنسان، إنما الإجرام كل الإجرام في انحرافها عن حقيقتها وغاياتها باختزالها في تنظيم المسابقات والمشاركة في المنافسات المحلية والإقليمية. والجريمة الأخطر هي تحويلها إلى قضية وطنية كبرى وتصعيدها رسميا وإعلاميا كأولوية في قائمة الاهتمامات.

عذرا أيها الكاتب الفاضل! فلا أظن وصول إحدانا لمنصات التتويج تنفعك أو تنفعنا أو ترتقي ببلادنا أو تحسّن من الواقع البائس للمرأة في أية بقعة من العالم .

عفوا فسؤالك في غير محله ، وكان المؤمّل أن تسأل :

متى سيُرفع الظلم الواقع على المرأة من إهانة كرامتها وإساءة عشرتها واستغلال ضعفها وأنوثتها، أماً كانت أو زوجةً أو بنتاً ؟!
متى سنقضي على أسباب معاناة المرأة أو نخفف منها : كحوادث الضرب أو الانتهاك النفسي أو التهديد أو الابتزاز ، وعدم العدل بين الأبناء "الذكور والإناث" أو الزوجات ، وعضل النساء أو حجرهن ، وأكل أموالهن بالباطل "المهر ـ الورث ـ الراتب"، وهدر إنسانيتهن وحقوقهن عند الطلاق كالحضانة وغيرها ..؟!

متى ستنهض الدولة والمجتمع بدورهما في مكافحة الفقر الذي هو سبب لعنت وشقاء الكثير من النساء ، وتوفير العمل الموافق لطبيعة المرأة دون الإخلال بوظيفتها الأساسية كزوجة وأم ؟!.

متى يبادر المصلحون وقادة الرأي لتوجيه ومساندة أصحاب القرار في العمل الجاد على تقويم الأوضاع ، وسنّ الأنظمة والقوانين التي تحمي المرأة ومتابعة تطبيقها، وتسهيل الإجراءات الإدارية والقضائية لدفع المهانة والظلم عنها ؟!

متى يصبح الوحي الإلهي الحكيم هو مرجعيتنا في كل بلاد المسلمين ، منه نستمد تشريعاتنا ، وإليه نحتكم ، فلا عودة أو تمسك بأعراف وتقاليد جائرة ، ولا انسياق أعمى وراء زيف الثقافة الغربية ومنظومتها النفعية الهزيلة ؟ .

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com