|
هاهي شعوب عزلاء, تتظاهر وتمارس حقها في ليبيا واليمن والبحرين وغيرها من الدول العربية المقهورة, ايمانا منها بأن العالم أصبح أكثر تطورا ووعيا, منهم شباب تعلم ودرس بأن الاحتجاج والتظاهر حق من حقوق البشر. شعوب تبكي الآن وتنزف دما طازجاً, نقياً, دما شابـّا ً بريئاً.. آه مما يحصل اليوم في ليبيا, وآه من الطغاة العرب, وآه من كراسي السلطة التي تـُبلد البشر وتجعل قتل الشعوب سهلا ومستساغا لقادة ظنوا انهم خالدون ابدا, متناسين ومتعامين عن ما يحصل وحصل أمامهم قبل أيام لطغاة سقطوا بعارهم كدكتاتور تونس ودكتاتور مصر ومن قبلهم صدام, والبقية آتية لا محال. شعب ليبيا يموت الان وفي كل لحظة تحت القصف العشوائي ولا من مغيث, لا لجرم ارتكب, ولا لسبب سوى انه شعب أراد الحرية وحياة افضل, ولأن الديكتاتور المجنون والجاثم منذ أكثر من اربعة عقود على قلوب ابناء ليبيا لا يفهم سوى لغة الدمار والقصف والإبادة, وكأنه يعيش في القرون الاولى, ولم يسمع بشيء اسمه الديمقراطية وحرية الشعوب في اختيار قادتها, ولأنه جبار يعرض أزياء مرضه وعمليات التجميل التي لم تستطع تجميله في قلوب شعبه ولا في قلوب العالم. رجل مصاب بعشرات الامراض النفسية والعصبية يريد البقاء وتوريث ابنه الذي ورث الجنون عن أبيه, وهاهو يخرج عليهم ليتوعد الشعب بالموت ويصر ان عائلته ستبقى ولو كان الثمن آخر ليبي على الارض الليبية, فأي جنون هذا, واي داء خطر على البشر جميعا!. اين العالم؟ أين المنظمات الانسانية؟ الشعب الليبي يستغيث, ويبكينا, فنحترق ألما, نحن العزّل الا من كلمة حق, ودموع, ومشاعر غاضبة, فأين القادرون على اغاثته؟ أين من يتشدق بحقوق الانسان من المنظمات الدولية, وأين احرار العالم ليوقفوا هذه المجزرة المرعبة, المبكية, المؤلمة, لقد بحّ صوتهم وهم ينادون, يستغيثون دونما مجيب.. لماذا يموت هؤلاء الأبرياء عشوائيا؟ لماذا تقصف البيوت وتدمر العوائل وتقطع الاتصالات بين ليبيا والعالم؟ أين المنظمات الدولية لتنقذ الشعب الذي اختطفه مجنون ليبيا؟ ابكاني وضعهم فتذكرت أهل العراق الذين تمثلوا قول مالك بن الريب: تذكرت من يبكي علي فلم أجد.. سوى السيف والرمح الرديني باكيا ومالك كان احسن حالا من الشعب الأعزل بمواجهة رصاص وطائرات وأسلحة الطغاة, فمن مات من الشعب العراقي مثلما يموت من الشعب الليبي وسواه اليوم من الشعوب العربية, أناس عزل, لا يملكون سيفا ولا درعا أو رمحا لتبكيهم وهي صماء... آه من معاناة الشعوب العربية وعقلية حكامها .. كان أهل العراق يموتون بصمت دونما يسمع أحد كيف يـُقبرون في المقابر الجماعية, ويبادون بالأسلحة الكيمياوية والغازات السامة كالحشرات وبلا ادنى تردد من نظام الطاغية صدام, بل كان حتى اشقاؤنا يكذبون موتانا؟ كيف يـُكذب الموتى؟ نعم حتى شهداءنا الذين بلغوا مئات الالاف كذبونا فيهم وكـُذبت تضحياتهم ودماؤهم ولأن الطغاة يتسترون على بعضهم. لم تستطع منظمة دولية تغطية أي من مصائبنا بسبب منعها, كما ان صدام قد اشترى بأموال البترول ذمما وضمائر عربية وعالمية لا تعد ولا تحصى ومنع المنظمات العالمية ومنع الاعلام العالمي من الدخول.. آه من عروبتنا التي يفتخر البعض بها وهي محض كذبة. عروبتنا وحكامها الذين أضاعوا فلسطين ودمروا شعبها وشردوه.. فها هو اليوم الشعب الليبي يستغيث ويباد بلا رحمة, ولا من مغيث. لماذا لا أحد يغيث الليبيين, ومثلما كنا لماض قصير نحن أهل العراق, حتى تدخلت جهات خارجية استغلت مابنا من موت وإبادة فجيشت جيوشها واحتلت وطننا, فُرُمينا بأشكال التهم. وحينما اقتص الشعب من المجرم صدام رفض الكثيرون ما كان واعتبروه شهيدا .. فيا للعجب حينما يفتخر العرب بأخلاقهم, و بالشهامة العربية, ولهفة المظلوم, ثم يتركون الشعب الليبي والشعب اليمني والبحريني اليوم وحيدين كما ترك شعبنا العراقي لعقود يموت موتا بطيئا, وبلا بواكي, وهاهو التاريخ يعيد نفسه, لكن, ليس في العراق فقط, انما في أماكن أخرى من اماكن وجودكم أيها العرب.. فماذا أنتم فاعلون؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |