الخليج الرسمي والاعلامي .. الأعور الدجال ( على فهم السلف ) !

 


علي الابراهيمي
A1980a24@gmail.com

الثورة لغة , تكلم بها العرب اخيرا , واعلنوا انتفاضتهم على حكام الجور وشارات العسكر . كانت مقتصرة على بلد وحيد بين اخوانه , وفريد في عنفوانه , وهو ( العراق ) الذي لم تخمد اصوات ازيز الرصاص من اسلحة ابنائه حتى المقابر الجماعية , التي نفذ جرائمها الطاغية البعثي المقبور , بمباركة امريكية ودعم عربي صريحين , اثبتهما ما حصل عام 1991 من مجازر يندى لها جبين الانسانية ضد ثوار الانتفاضة الشعبانية . حينها فرضت ( الولايات المتحدة ) بالتعاون مع حلفائها العرب والاوربيين حضرا على الاجواء العراقية فوق كردستان , وتركت الطيران البعثي يعبث بارض الجنوب الثائر لايام , لا لشيء الا لانه يستمد عنفوانه وثورته من مسيرة الشهادة لابي عبد الله الحسين عليه السلام .
واليوم وبعد الانتفاضة الشعبية العربية ضد ( بن علي و مبارك والقذافي وصالح .. ) كان للاعلام العربي دوره الفاعل في مواكبة الاحداث والوقائع , بل وصنعها احيانا . و هو ينطلق في ذلك من توجهين :

1 – ركوب الموجة الثورية ومسايرة التحركات الشعبية – راغما – وجاذبا لروادها

2 – خضوعه لاجندات سياسية ناشئة من الخلافات العربية - العربية , لانه خاضع في الغالب لتأثير الحكومات ورؤوس الاموال .
ولم يكن شأن الخطابات الحكومية العربية ببعيد عن هذين التوجهين لذلك حاول مغازلة تلك الثورات بشيء من السكوت والصمت , لانه لايملك اكثر من ذلك ! .

لكن المثير للاستغراب هو موقف ( المملكة العربية السعودية ) التي صارت مأوى لكل ظالم ومرتع لكل طاغية , بل كان موقفها واضحا وجليا في دعم هؤلاء الطغاة الذين لفظتهم شعوبهم . وكل هذه المواقف السعودية تنطلق تحت دعم ( المؤسسة الدينية السلفية ) , التي توجب ( طاعة الحاكم ) ولو كان ظالما – ولو اخذ مالك .. – وحتى لو تسبب في كل ظلامة لابناء الامة ! . فرأينا ان موقف المؤسستين – الحكومية والدينية السلفية – في السعودية وقريب منها ( الامارات العربية المتحدة ) كان رافضا لجميع التحركات الثورية الشعبية العربية , وداعما لجميع الحكام الذين سقطوا او في طور السقوط , فواحدة تستقبل هؤلاء الظلمة – حلفاء اسرائيل – واخرى تستقبل عوائلهم . خصوصا ان الدولتين كان لهما نفس الموقف في الاعتراف بحكومة ( طالبان ) في افغانستان سابقا , رغم تخلفها والمجازر التي ارتكبتها بحق الشعب الافغاني .

وعند متابعتنا للاعلام الرسمي الليبي كان واضحا دور الفتاوى السعودية السلفية والمنهج الفكري للسلفيين في توجهات هذا الاعلام , لاسيما في اظهاره لمجموعة من رجال الدين الذين اعلنوا وقوفهم مع القذافي بضد الشعب الليبي الثائر , وقد سرد بعضهم تدرجه في الدراسة الدينية للمؤسسة الدينية السلفية في السعودية , وكذلك من خلال اتصال وبيانات بعض رجال الدين السعوديين السلفيين .

كل هذا لم يكن ليترك مصر وليبيا وتونس بلا ( اضواء الاعلام ) او ( خارج عدسات الكاميرات ) لان ( الخلاف العربي – العربي ) و خارطة النفوذ الجديدة لبعض الانظمة العربية كانا فرصة تأريخية لاظهار الظلامات الشعبية لتلك البلدان .

ولكن حين وصلت الثورة الى بلد خليجي ( البحرين ) وكان خلفها ( الشيعة ) - وهم اهل البحرين عددا و تأريخا – بل كانت انتفاضتهم سابقة على انتفاضة ( بو عزيزي ) التونسية رأينا الاعلام العربي ( الجزيرة , العربية ... ) غائبا عن الحدث بل غائبا عن الوعي , وصامتا كصمت القبور . ان كل ما حاول نقله ذلك الاعلام هو ( مبادرات الخداع ) لولي العهد البحريني ! . و انتفض الاعلام السلفي ( وصال , صفا ... ) ليظهر ( امراء البحرين ) على انهم صورة لخلفاء الاسلام العادلين ! , متناسيين ان ( بحرين آل خليفة ) هي مركز لقيادات اكبر ( الاساطيل الامريكية ) , وهي القوات التي يطالبون شيعة العراق بقتالها !؟

وحاولوا في اسوأ عملية خداع تأريخية اظهار الشعب البحريني بصورة الظالم , و امراء البحرين بصورة المظلوم . وانحرفت ( عدسات الجزيرة والعربية .. ) التي تغوص في تفاصيل الاحداث عن اخطر واكبر عملية ( تجنيس للاجانب ) على حساب الشعب البحريني بعد عملية ابادة شعوب الامريكيتين وزرع الاوربيين فيهما .

نعم , غاب – تقريبا – الموقفان العربيان , الرسمي والاعلامي , وتحطمت مفاهيم ( الديمقراطية , حقوق الانسان , صوت الشعب , ... ) على حاجز ( الطائفية الاعلامية ) و ( العنصرية المذهبية ) و ( وحدة اسلوب الحكم القمعي الخليجي ) , رغم ان الشعب البحريني كان اول من تظاهر والاسبق في المطالبين بالحقوق المدنية في هذه المرحلة النهضوية , وهو الاكثر ( سلمية ) بين الشعوب التي نهضت مؤخرا لدفع الظلم والجور , على الرغم من استخدام ( آل خليفة ) لكل اساليب القمع والجور والخداع .

والعجيب ان ( الاعلام السلفي السلطوي ) اتهم اهل البحرين الاصلاء بالتبعية للجمهورية الاسلامية في ايران رغم ان ( آل خليفة ) حولوا ارض البحرين الى ( مقهى امريكي ) حتى وصل الامر الى تكوين علاقات مشبوهة مع الجنود الامريكان داخل العائلة المالكة , وهي حادثة نشرها الاعلام ليوم واحد قبل زمن ثم اختفت في اليوم الثاني !

ولكن ما يخفف الصدمة ان هذا الاعلام ( السلفي ) هو ذاته الذي تغاضى عن لقطات الفيديو التي تجمع ( خادم الحرمين ) بالرئيس الامريكي واخرين وهم يحتسون ( الخمر ) الذي – بالتأكيد – جمعوه من عصر ( دم الشعوب ) .
وكذلك نرى ( الخليجيين ) عموما و ( السلفيين ) خصوصا يدعون الى اسقاط النظام الديمقراطي الوحيد في منطقتهم العربية و هو النظام السياسي العراقي بدعوى ( نقص الخدمات ) , وهي كلمة حق يراد بها باطل , لان العراقيين يمكنهم تغيير ساستهم عبر صناديق الاقتراع , ولكن كيف يغير السعوديون حكامهم ؟!

ويتناسى هؤلاء – الخليجيون والسلفيون - كليا ( الانظمة الوراثية القمعية ) المتحالفة كليا مع ( المحتل الامريكي ) كما يعبرون , حيث عبرت الجيوش الامريكية من خلال اراضيهم لغزو العراق , وهي نفس الانظمة التي وقفت بصراحة ضد مجاهدي الجنوب اللبناني في حرب 2006 داعية لسحقهم من قبل الجنود الاسرائيليين , بل افتى بعضهم في قناة mbc حينها بالقتال ضدهم وضد اخوانهم في العراق !
وهذا ما يدعونا كمراقبين لوضع كل علامات الاستفهام حول دور المؤسسة السلفية الحكومية والدينية في المنطقة وفي العالم الاسلامي عموما .
وفي الختام .. نرى ان ( السلفيين ) – حكومات واعلام ورؤوس اموال – مثلوا صورة ( الاعور الدجال ) بكل معانيها , حينما نظروا الى البحرين بعين والى البلدان العربية الاخرى بعين ثانية , رغم ان قضية البحرين اشد مضاضة لانه البلد الغني الذي يعيش ابنائه حالة من الفقر , وكذلك هو البلد العربي الوحيد الذي تمنح فيه الجنسية لكل من هب ودب – بشرط الا يكون شيعيا - .

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com