انتفاضة مصر صاعقة تهز العروش العربية


محمود الوندي

تشهد اغلب المدن المصرية احتجاجات جماهيرية ضد حكم الرئيس حسني مبارك بعد ان كسرت حاجز الخوف ، خرج مئات الآلاف من الشعب المصري في غالبية محافظات مصر التي تعلو فيها صيحة واحدة : تنادي  باسقاط النظام وتنحية  " حسني مبارك " ، وتطالب بإصلاحات سياسية وإرساء قواعد العدل والمساواة بين الناس أمام القانون وملاحقة المفسدين في مؤسسات الدولة ، لان هذه الجماهير تهفو الى حرية والعدالة الاجتماعية ، لانها تعاني من الإذلال والمهانة والجوع والتسلط القمعي ، إضافة الى تفشي الفساد الاداري والمالي في هياكل ومؤسسات الدولة ، وهذا يعني ان هناك تراكمات كثيرة من الغبن والغلاء والفقر والفساد والرشوة ، هذه التراكمات هي التي جعلت الشعب بجميع طوائفه ماضي الى اجتثاث السلطة الحاكمة .

إزاء ما يجري في مصر، يدل على حالة الارتباك التي تعيشها أجهزة النظام إزاء هذا المشهد غير المعهود منذ عقود في الشارع المصري ، لذلك تحاول الحكومة المصرية إلقاء اللوم على جماعة الإخوان المسلمين الذين لم يكن لهم حضور بالمظاهرات ، لتخويف المحافل الدولية وكسب ودهم تارة ، وتارة اخرى تتهم المنتفضين بالبلطجية ، ومحاولا التفاف مفضوحة لتهدئة الغضب الشعبي ، كأنها لا تدري عشرات الألوف الذين نزلوا للشوارع المصرية في محافظات عديدة بمصر لم ينزلوا استجابة لدعوة حزب أو جماعة سياسية ، ولا تحمل لونا سياسيا محدداً ، بل جميعهم من شرائح المجتمع المصري التي تملكهم الغضب ، ونفد صبرهم على الأوضاع الصعبة التي يعيشونها ، وحالة الاستبداد والقمع الممارس ضدهم .  

بعد ان وجدت الحكومة صعوبة في مواجهة احتجاجات جماهيرية ومطالب شعبية ، بدلا ان تلبي مطالب الجماهير بإحداث التغيير الذي يطالبون به ، محاولا بضرب الوحدة الوطنية ، عندما حاول مبارك بالتكتيك الشيطاني لتخويف المنتفضين ، لارسال مجموعة من اجهزته الامنية ومرنزقته بالملابس المدنية بمساعدة مجموعة منتفعة من النظام التي لا يزيد عددهم على بضع مئات بصفة انهم مؤيدين له عندما قاموا بتظاهرة هزيلة ومخجلة لابتزاز الجماهير المتحشدة في ميدان التحرير ، وقاموا بالاعتداء عليهم بالهراوات والسكاكين محاولا لتفريقهم . وفي هذه الحالة تحاول النظام تحويل التجمعات في ميدان التحرير في قلب العاصمة الى ساحات كر وفر بين المتظاهرين وبين ما يسمى من موالين للنظام  . 

أن تظاهرات المصريين الأخيرة زلزلت مقاعد المسؤولين الوثيرة الذين يحتكرون الحكم منذ بداية ثورة يوليو تحت مسميات مختلفة  ، وأربكت شفاههم المنتفخة ، ولم يقدر أحد منهم على مواجهة احتجاجات جماهيرية .. لذلك تعاملت الحكومة مع الأحداث الأخيرة وفقا لسياسة التجاهل والعناد التي اتبعها مع الشعب طيلة السنوات الماضية ، لعدم ادراكها اسباب غضب الشعب المصري حيث لم تستجب لمطالب الجماهير الغاضبة ، لانها ليس بمقدروها ان تفهم رسالة الجماهير وفحواها ، لذلك ارادت ان تسيسها لمصالحها الخاصة ، وهكذا النظام يتجاهل أن الخطر الذي يهدد أي نظام ليس المظاهرات ولا ضغوط المعارضة ، وإنما إغلاق عينيه عن رؤية الحقيقة وعدم اعتراف بخطأه ، لانه يظن أن القضاء على أحزاب المعارضة والقوى السياسية الاخرى نجاح له  .

هذه الانتفاضة تبدو أنها سوف لن تهدأ إلا بعد سقوط النظام المصري ورحيل حسني مبارك وتشكيل حكومة جديدة تحظى بالديمقراطية ، لانها تعبر في جوهرها عن احلام وطموحات المواطن المصري في الحرية والكرامة والتنمية البشرية والعادلة الاجتماعية  .

انتافضة مصر نقطة الشروع في بناء منظومة عربية ديمقراطية تمكن الشعوب العربية من مسح الصورة الرديئة التي رسمتها لهم انظمة الحكم القمعية والفاسدة وتزيل اثار التخلف والهيمنة ، واصبحت انتفاضة مصر ضوءا احمرا للانظمة العربية الدكتاتورية ، وسوف تنهي زمن المزايدات والترعيب والتخويف لشعوبهم ، انتفاضة مصر زلزلت مقاعد الحكام العرب القابضين على السلطة في بلدانهم ، لان دكتاتوريتهم متشابه وان اختلفت بلدانهم ، حبث نرى تصريحات تلو اخرى من قبل الحكام العرب حول إصلاحات سياسية واقتصادية وإطلاق الحريات العامة وإرساء الديمقراطية وقواعد العدل والمساواة بين الناس أمام القانون وسن قانون جديد للانتخابات وملاحقة المفسدين في مؤسسات الدولة ، وبهذه التصريحات الرنانة يحاولون خداع وتخدير شعوبهم من جديد ، هذه دلالة عن خوف حكام العرب من ريح الديمقراطية تهب على شعوبهم  ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com