الحكومة العراقية أنتي التالية !!!
 

 

 

 

ناجي لطيف العسكري

www.nagi2009@yahoo.com
 

أن المطلعون على تاريخ شعوب العالم يجدون أن العالم العربي هو من أكثر الشعوب في العالم التي عانت في القرن العشرين، وان جميع ظواهر التخلف والانحطاط الحضاري الذي تمر فيه الشعوب العربية جاء من حكامها ، هولاء الذين جعلوا من شعوبهم ، شعوب متخلفة لا تفكر لان التفكير في هذه البلدان يعني السجن أو الإعدام واشغلوهم في محترك الحياة اليومية وكيف يكسبون قوتهم اليومي ( وعلى هذا فل يتنافس المتنافسون ) ، هذا ما جعل من القرن الماضي فترة سوداء في تاريخ الأمة العربية ، ولكن هذا الحال لم يستمر على الرغم من سيطرة الحكام وقوتهم والأساليب الهمجية التي يستخدموها عندما يكون هنالك صوت يعارض أو يعلو على صوتهم ، هذه سجونهم ممتلئة بسجناء الكلمة .
وما حدث في أواخر القرن العشرين من مظاهرات وثورات كانت جميعها تطالب بالتغير لإيمانهم الراسخ بان التغير هو الحل ، كانت الشرارة الأولى لتغير في إيران عندما ثار الخميني على نظام الشاه محمد رضا فهلوي وحضت هذه الثورة بتأييد الشعب الإيراني ونجحت في إسقاط هذا النظام وكانت هذه التجربة التي راح ضحيتها على يد جزارة طهران أكثر من 3000 شخص في يوم واحد وهو ما يلقب في إيران بالجمعة السوداء ولكن هذه الدماء التي سالت كانت وقود الثورة التي استمد منه المتظاهرين قوتهم وإصرارهم على التغير رغم قوة الجيش الإيراني الذي كانت في المرتبة الرابعة من ناحية العدد والتسليح .
ثم جاءت انتفاضة 1991 على النظام ألبعثي الذي كان يحكم العراق ولكن صدام أستخدم جميع طاقات لإطفاء شرارة الثورة في الجنوب، كانت الطائرات الحربية والدبابات تقصف جميع المناطق الجنوبية التي انتفضت ضد النظام ألبعثي على ما جاء به من ويلات وأهات إلى العراقيين ، مارس النظام الحاكم أبشع الوسائل والطرق لإخماد فتيل الثورة راح ضحيتها المئات من الإفراد الرافضة لسياسة النظام الحاكم في العراق ولكنه نجح في الأخير بعد إن قدم أبناء الشعب العراقي أروع الصور في رفضهم للظلم والاستبداد .
بعد ذلك ظهرت العديد من المظاهرات والاحتجاجات في العديد من البلدان العربية الرافضة لسياسة حكامها ولكن كانت تواجه بالقوة ويسد أفواه المتظاهرين بالرصاص، ويسجن الباقين ويعدم آخرين في محاكم همها الأولى إرضاء أسيادها وليس القانون.
بعد سنوات من الرضوخ ثار الشعب التونسي على سلطته الحاكمة بدعوى التغير، قدم من خلالها صورة الشعب الثائر الذي لبس القلوب على الدروع لصد رصاص الظلم، وإذا بالأمل يشرق ويتجلى في العالم العربي فتحترق لهذا الأمل النفوس ، وتنبض به العروق الظمأى . ليتضح للشعوب إن حكامهم يجلسون على عروش كارتونية يمكن بسهوله إزالتهم ليس كما أدعت أبواق الإعلام المأجور من قوة وشجاعة قياداتهم ، فهم يحتمون بالسيف والقوة لفرض حبهم في نفوس شعوبهم وما إن تسنح الفرصة حتى يثور الشعب ويقطع أوصالهم كما حدث في الثورات الأوربية عندما طالبوا ( أن يعدموا أخر الملوك بأمعاء أخر قسيس عندهم ) .
تقابل هذه الثورات بالرصاص وهذا أن دل على شي فانه يدل على ضعف موقفهم وعدم معرفتهم بان الدماء التي تسيل هي وقود الثورة فتتحول قطرات دماء الشهداء إلى منابع للثورة في كل مكان ، وهذا نابع من عدم ثقافة الحاكم العربي لذا تجد البلدان الغربية تستخدم جميع الوسائل في صد الثورة عدى القتل لمعرفتهم بان القتل سوف يقلب المعادلة عليهم ويحولهم إلى مجرمين بنظر شعوبهم وهذا ما لا يحمد عقباه في مجتمعاتهم ويزيد من فتيل الثورة .
قد علمتنا الحياة كيف نعيش جياع وعلمتنا بان الصبر مفتاح الفرج ولكن لم يعلمنا التاريخ وحضارتنا كيف نعيش بلا كرامة والذي اثأر بركان الغضب في البلدان العربية هو سلب كرامتها وتقيد حرياتها ، وهذا ما لا يمكن السكوت علية ، فالثورة التي حدثت في تونس ليس ثورة جوع أو فقر أو انتفاضة ضد البطالة التي أصبحت المرض الذي يصيب جميع الشباب في العالم العربي ، نعم هذه مسببات ولكن ليس هذه ما دفع الملايين إلى التظاهر فليس من المعقول إن الجميع بدون عمل أو جياع وإنما شارك في المظاهر عدد كبير من الأطباء والمحامين والنقابات العمالية، أذن ، هي ثورة ضد الاضطهاد الذي يمارس على الشعوب العربية ، وبعدما حققت الثورة التونسية أهدافها ، أزيلت عن الفرد العربي شباك العنكبوت التي نسجها حكامهم على عقولهم وثار في مصر وسوريا واليمن هذه البلدان التي تمتلك من الاضطهاد وسلب الحريات القدر الكبير ، وكانت اكبر هذه الثورات التي حدثت في مصر حيث قدم الشعب المصري وشباب مصر أروع صور التحدي والإصرار ، الشباب الذي عجز إباءهم على القيام به نزعوا لباس الذل والمهانة رفضوا الخنوع والاستسلام للحاكمين الجائرين وراحوا يحملون التغير في أوجه السلاطين مطالبين بتطبيق الديمقراطية في بلدان وحكم الشعب للشعب ، لم يطلبوا المستحيل وإنما طالبوا بحقوقهم التي ضمنها لهم الدستور الذي هم في ألامس من كتبوه ، ولكن الثورة المصرية على العكس من الثورة التونسية تحارب من عدد جوانب سياسية ، وعسكرية ، وإعلامية وحركات القومية التي تريد تمزيق هذا التلاحم ،وزرع الشقاق بين مكونات المصرية التي تهدف إلى تمزيق وحدة الصف ، أخذت الثورة منعطف جديد بعد خطاب محمد حسني مبارك فأنشق الصف المصري إلى مؤيد لحكم مبارك والرافض لحكمة وهذا تطور خطير جدا وتغيرت أهداف الثورة من إسقاط للنظام الحاكم إلى المطالبة بالوحدة المصرية وهولاء الذين يدعمون مبارك هم المستفيدين من بقاء مبارك في لسلطة لان خروجه يعني هدم لمصالحهم الشخصية وهو حسب ما يعتقد علماء الاجتماع أن المصلحة الشخصية فوق أي اعتبار وتتجلى هذه الصفة في قصة نبي الله نوح في الطوفان الذي أصاب قومه فقد كانت هنالك امرأة تحمل طفل رضيع فوق رأسها والطوفان كانت تدريجي وعندما وصل الماء إلى رأسها وكادت أن تغرق وضعت طفلها الرضيع تحت قدميها لكي يقيها الغرق ، ومن هذه القصة التي تعتبر عبره ودرساً في طبيعة البشرية بتقديم المصلحة الشخصية على جميع المصالح وهذا ما حدث في مصر والانشقاق الحاصل بين مكونات الشعب المصري ، ولكن إرادة الشعب لا تتغير ببعض الأشخاص الذين يقدمون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة ولكن الشباب الذي أستمر احد عشر يوماً في الوقوف بوجه الطغيان لا يمكن أن يرضخ من جديد ، وليفهم الحكام العرب والعراقيين على وجه الخصوص أن الشباب الذي ليس ضمن خططكم يمكن أن يزيحوهم من عروشهم مهما كانت قوية ومحاطة بالنار فان الشاب يحرق نفسه لكي يحقق مبتغاة وشباب في العراق الذي لم يحصل طول السبع سنوات على فرصة للعمل وعدم توفر درجات وظيفية يمكن أن يثور بوجهكم وعندها سوف ترضخون لإرادته ولكن عندها سوف يطالب الشباب ليس بتوفير فرص العمل بل يطالب بنزولكم من كراسيكم التي أنستكم العراقيين وتجمد أرصدتكم التي كنزتموها طيلة فتره حكمكم وعندها سوف تخرجون من العراق كما جئتم ويسقط صنم الترف والإسراف والغرائز الجامحة ، وسكوت الشاب العراقي لا يعني القبول وإنما يعني الانتظار ولكن الانتظار لن يطول . !!!!
وهذه الأقراص المخدرة التي تعطونها إلى الشاب العراقي بتوفير فرص العمل والتعيينات التي سوف تطلق في بداية كل سنة والخداع المستمر والتلاعب بعواطف الشباب لن يطول ، لان الفرد العراقي كشف خداعكم وهذه المرة لن يكون التغير عن طريق الانتخابات وإنما عن طريق الثورات بعد أن وجد أنها هي الحل بعد أن اكتشف إن الانتخابات لا تحقق التغير .





 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com