|
أبو عهد الشطري :السومريون يتساقطون تباعا ..أبو ريام وعبد الأمير حنيش أنموذجا
أدركت منذ أن أدركت شهرزادي السومرية يقظة الوعي والتبصر نحو الآخر وملامح المشهد المجتمعي وخفايا الأمور وظواهرها , أن في مدينتي الشطرية الصغيرة ثمة أسماء وأسماء لم ولن تتكرر وكأنها ولدت وعشبة كلكامش من رحم سومري واحد .. أسماء جنوبية هم أعضاء في جماعة شطرية فوق العادة , قادرة أن تبوح بأوجاع المدن جهارا نهارا , وتؤمن إن لها يوميات أوجاع معلنة على مشاجب وطن الحرمس والبراغيث , وان لها تاريخ في العزلة والارتداد نحو الذات والانزواء في حلقات دوامة التفكير المفرغة, استشعارا بالنكوص وفقدان الذخيرة الحية لمواجهة المليشيات البوليسية للنظام البائد, أو إطلاق ساقهم للريح من مقاصل الأعراف والتقاليد والعادات الاجتماعية ,والاستغراق أحيانا في الخمرة حتى يدب دبيبها هربا من الحياة , أو نصب خيمة للبكاء وأخرى لتراجيديا العزاء على رموز ونصب وتماثيل وطن شطري صغير قذفتها سلاطين البعث وعصابات الفاشست إلى مأوى النفايات ومزبلة الزوال كتمثال "مشعل الحرية " الذي قلعته جنازير الفاشست إيذانا لعصر يغرق في الظلام , الظلام الشطري العتيد . يا أبو عهد الشطري ، نزولا إلى الفجيعة , وهبوطا إلى عالم سومر السفلي , وإيذانا لإقلاع الدهر جميع حسناته بلحظة يتقد فيها زيت الفناء , أعلن "حسين هاشم " نهاية هذه الحياة التعيسة والانتقال إلى دار الوحشة فغادر الذي يسمونه "وطنا" وهو يحمل سر المدينة الأعظم , سرها السومري الذي دفن و " مشعل الحرية " , هذا التمثال الشطري الذي قررت عجلات أزلام الزيتوني وطواغيته الصغار قلعه ثم حمله وقذفه مع جثث موتى الحيوانات على تخوم المدينة .. أعلن أن يهجر قبيلته الرمادية إلى منفى العزاء الأخروي , ليلتقي ابنته وصغيرته وفلذة كبده وقلبه ,التي هجرت عالمنا , عالم " الأنا " المفرطة ,إلى شواطئ البراءة في ملكوت الرب . ابنته التي أعلنت من على سريرها في مستشفى الشطرة عن فشل العلاقة مع " عراق ممزق " و " عراق مصطنع " و " عراق تافه " وخانع لأسياده القدماء من " مافيا الزيتوني " و" مافيا الطراطير " من حكومة القردة البعثية وجرذان المجتمع الانتهازية , وخانع لأسياده الجدد وثقافة عمامتهم الريزخونية وسقوطهم الأخلاقي في إنشاء إمبراطوريات للموتى ومملكة للفساد المالي والإداري ,فكانت شاهد أدانه على عصريين مستبدين أكمل الواحد الآخر بطبقاته السياسية الفاسدة ونزوعه المافيوي في الهيمنة والسيطرة والاستحواذ , فلا فرق بين سلطوي بعثي وعمامة ريزخونية , فكلاهما وجهان رديئان وقبيحان وساقطان لعملة فاسدة واحدة . ذهبت ابنته " ريام " إلى فضاء الآخرة وهي تذرف دمعة الله اليتيمة ودمعة وداع أخيرة بعيون توارات في محاجرها ووجه أهلكه مرض " عراقي " محض .. تناجي وتناشد وتعاتب أبيها " أبو ريام " وراعي حياتها وسادن حضرتها الطفولية من على سريرها وفراشها الأبيض في مستشفى مدينة الشطرة وتقول له : لماذا تركتني اذوي في قلب العاصفة , وقلب الموت دون أن تدنو مني قوارب النجاة ؟ ؟ وكيف سأعيش في عالم ملكوتي خال من ضحكة " أبو ريام " وصوت " أبو ريام " والليل الذي اقضيه بين جوانحه الدافئة وأنا أسيرة حنانه وأبوته ولطافته , فكل شي بأبي وسادن خيمتي البريئة هو جميل ويشع بريق وبهاء , وحتى استغراقك في نشوة خمرية كان يعكس ألوان بهيجة من الحنان والرأفة والرقة الأبوية الأصيلة . " حسين هاشم " الذي ينظر إلى الكنائس والأديرة والكاتدرائيات والجوامع والحسينيات على إنها نسق متساو في مناخ العبادة والرهبنة ,والى النساء الصالحات والطالحات الشاذات وربات البيوت والراهبات والمراهقات المستوفزات في خدورهن , على إنهن لون من ألوان الطبيعة المتناقضة والحياة المتضادة ,والى إن العالم يحترق بعود ثقاب أنثى في كؤوس اللذة الخمرية المتمردة , أقول حسين هاشم هذا كان يتطلع إلى تمثال " مشعل الحرية " الذي كان يواجه الجسر الذي أطلق عليه عامة الناس " جسر الحاج خيون " , بأنه شعلة الحرية وشعلة الديمقراطية المرتقبة وشعلة موت آخر الدكتاتوريات عتوا في التاريخ سيما وان هذا التمثال لم يصمد إزاء مؤامرات الدوائر السلطوية الخبيثة والمنحطة للاستعمار الداخلي فوجهوا إليه المكائن الجرافة وشفلات البلدية واقتلعوه من جذره وحملوه بعيدا بعيدا عن وجوده الرمزي . انحبست رؤيا " ابو ريام " وضاق بصره وبصيرته , بل أن الأفق الشطري قد ضاق به بما رحب واتسع , لهذا المشهد الكارثي في اقتلاع تمثال " مشعل الحرية " ورميه على تخوم مدينة الشطرة , فاستأجر سيارة " فولكا " قديمة ومنهكة للقاء الشهيد تمثال " مشعل الحرية " وقتيل نظرات التطلع للديمقراطية الحقة والتغيير المرجو , وأمر سائق السيارة أن يتوقف في فضاء مفتوح ومكان خال إلا من التمثال الشهيد , فنزل " أبو ريام " منكبا على التمثال الضحية ،جاهشا بالبكاء المر ونائحا قمطريرا يلطم الوجه والخدين والصدر , وسط دهشة سائق سيارة الأجرة الذي لا تدرك ثقافته البسيطة أن هذا النصب يمثل ضمير هذا الشعب المنكوب سيما وان هذا المشهد الذي لا يدركه إلا أصحاب النفوس السامية والأفق الواسع والسريرة الإنسانية التي تمور في أفلاك النقاء والصفاء . تمثال " مشعل الحرية " وشهادته الحزينة بجنازير بلدية الشطرة وبقرار من إقطاعيي الحكومة المافوية المستبدة , قد غدت ل " حسين هاشم " الهاجس المدمر الذي لا يغادر تفكيره وكسر عبثيته العلمانية وفوضويته في مجال الممكن الوجودي , واحتضانه لجثة النصب الشهيدة ليلا وتحت سماء صافية وبشهادة الكتل الظلامية التي يضج بها الأفق , وعلى ضياء أشعة مصابيح سيارة " الفولكا " القديمة ,سجل فيها اثر إنسانيا شكل حلقة من حلقات الاحتجاج على الآخر المستبد والآخر الطاغية حتى لو اندرجت ضمن تسلسل قائمة حسين هاشم العبثية .. إنها "العبثية الوطنية" التي لا ترقى لها أي سلوكية بشرية من سلوكيات المنطق والعقلانية التي ترضخ لأوامر العتاة من الطغاة . وفي ظل هذه الظروف التي تفاعلنا فيها لإحياء ذكرى استشهاد تمثال " مشعل الحرية " وإعادة الحياة إليه من جديد بدعم من معلمي القدير الأستاذ شهاب التميمي شهيد الصحافة العراقية , اجتمع الفاشلون والمتهتكون وشذاذ الآفاق وسقط المتاع كذباب المراحيض القذرة على طاولة الغدر والخسة ليخططوا بكيفية النيل من " عدنان طعمة " كاتب هذه السطور وثلم سمعته والحط من شخصيته وقدره فتبادلوا ادوار الشياطين لتهييج الرأي العام الشطري ضدي وفبركة الدعايات والأقاويل والأراجيف والأكاذيب ونجحوا نسبيا أن يزرعوها بخبث في العقول التي تناغمت مع عقولهم المريضة , بل نجحوا أن يجندوا جرذ من جرذان العشيرة التي انتمي إليها والذي اخذ على عاتقه حمل هذا الأكاذيب الكريهة والترويج إليها بين أبناء عمومتي والسعي إلى الطعن الحقير بسمعتي الشخصية . بل إن هذا الجرذ البشري الضال من عشيرة " آل منجل " ,المشوه , الشاذ ,المحتال , الخبيث ,المقنع , التافه , قد تحول إلى مبولة لهذه الأراجيف , فتركت لهذا الفاجر والانتهازي العشير وملحقاتها , لان " عدنان طعمة " قد فتح حسابه الإنساني في مصرف الحقيقة والبوح الحر والتاريخ والجمهور الواعي الشريف الذي أدمن على محبته . أقول يا أبو عهد الشطري , يا كاظم جبار الذي اختزل كل تاريخ هذه المدينة السمراء , أو قل الملحاء بفعل الطبيعة القاسية والبيئة المهملة ,ما أن سقط سومري مثل " ابو ريام " في العالم الأخروي , حتى تبعه سومري آخر من عشيرة " السماح " المعروفة وهجرة أستاذ اللغة العربية عبد الأمير محمد حنيش الى العالم السفلي وصولا إلى " سماء ثامنة " وبعيدا عن وطن مصنوع من الفقراء والازبال وتجار الموت والمافيات والشركات المخابراتية لدول الإقليم العراقي . في آخر لقاء جمعني بأستاذ عبد الأمير قرأ على مسامعي نص شعري شعبي يطلق عليه " أبو ذية " اختزلت مفرداته المركزة , كيف تعبث دول الجوار التي تنشر عصاباتها المخابراتية ومليشياتها في خصر هذا الوطن – المنفى وإنتاج سلالات وراثية متخلفة من العناصر المليشياوية . هذا الشطري المتسامح مع ذاته ومع الآخر امن بورعه وارتكاز شخصيته بان الدين نصيحة , فاسدي لي نصيحة كررها عدة مرات على مسامعي أن لا التفت حتى باختلاس نظرة للحاقدين وأعداء النجاح أو اعبىء بتقافز القرود القذرة المحسوبة ظلما على وسط شريف وراق مثل الوسط الثقافي في مدينة الشطرة .. وأباح لي سرا إن متشاعرا من حظيرة القرود قد تبعه ونادى عليه وراح يسدي له النصيحة بان لا يعمل في صحيفة " الجنوب " لأنهم خارجين عن ملته الغبية . إن بيت القصيد والمعنى المختزل في هذا المقال إن السومريون النشطاء في دوامة النقاء الإنساني وأصحاب الخلق السومري الرفيع يتساقطون تباعا إزاء سلطة الأشرار والأغبياء والمدعين والفجرة والقوادين والانتهازيين والسفلة الذين تظهر على شاكلتهم ونجاساتهم في كل زمان ومكان . أحياء سومر أو بقية الرب الصالحة أمثال : حسين الهلالي , لطيف شريف السماك , طالب خيون , خليل المياح , حيدر عبد الله النداف , جميل حسين الركابي , ضياء الساعدي , زيدون الشطري , أمير ناصر , عدنان ذياب , علي هاشم , احمد شاكر واوية , ياس الشمخاوي , عدنان عبد الزهرة النجار , أبو فراس العوادي , تحسين الركابي والقائمة تطول وتطول من شرفاء الأرض وملحه وحليب هذا الأديم الشطري .. أعدك بالوفاء لسومر .. سومر لا غيرها .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |