|
وكان من أبرز مسؤوليات الأنبياء عليهم السلام “قيادة المجتمع المؤمن“ بما لهذه المسؤولية من علاقة بتطبيق أصول القيم الإلهية على مفردات الحياة اليومية، وبتمثيل تلك الأصول ضمن مواقف وفاعليات وأنشطة، حتى يصبح النبيّ والإمام من بعده ثم الصديقون قدوات وحججاً على الخلق، ليقطعوا عنهم حبل المعاذير والتبريرات، وليشحذوا عزائمهم بومضات من الإرادة، ومن هنا لا ينبغي ان نحدِّد دَور الإمام في الحقل السياسي بالمعنى الضيق للكلمة، بالرغم من أنَّ السياسة تمثـِّل تقاطع سائر الحقول، أو ليست الثقافة ذات تأثير على السياسة؟ أو ليس الإقتصاد والتربية والأنظمة الإجتماعية هي العوامل التي تصنع السياسة؟ ومن هنا يجب أن نفرق بين معنيين للسياسة: المعنى الخاص الذي يعني إدارة القوى الإجتماعية ذات التأثير في عالم الحكم والتي يقوم بها السلاطين والرؤساء السياسيون. وهذه هي السياسة المباشرة (المعنى الضيّق للكلمة). والمعنى العام والذي يعني صنع القوى الفاعلة في المجتمع والتي تؤثِّر بالتالي في عالم الحكم. وهي السياسة غير المباشرة، والتي يقوم بها -عادةً- المصلحون وأصحاب المبادئ التغييرية (وهذه السياسة بالمعنى العام). كذلك قام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بإصلاح المجتمَع في مكة، وبنى هناك التجمّع الإيماني، ونظَّم علاقاتهم، ثمَّ شكَّل حكومته منهم في المدينة المنورة. وخلال سني خلافته الظاهرية تعاطى الإمام علي عليه السلام السياسة المباشرة. بينما قام بدور إصلاحي قبلئذ عند حكومة الخلفاء من قبله، وفي ذات الوقت ساهم معهم بصورة أو باخرى في السياسة غير المباشرة. تلك الحقائق لم يبحثها التاريخ الذي اقتصر - مع الأسف - على وصف الملوك وغزواتهم وحروبهم وحتى ليالي مجونهم، بينما أهمل حياة الشعوب والتيارات التي كانت تجري في المجتمع. إلاّ أنَّ الأحاديث التي سجَّلت الكثير من تفاصيل حياة الأئمة عليهم السلام، تعتبر مادة موثوقة نستطيع أن نستلهم منها بعض الحقائق.. إلاّ أنَّها تبقى لا تعكس وحدها كل الصورة التي نتشوَّق إليها لمعرفة حياة الإمام عليه السلام التي اتسمت كحياة غيره من الأئمة بطابع السرية المطلقة، ليس فقط خوفاً من الطغاة، وإنَّما أيضاً كإجراء إحتياطي للمستقبل والمتغيرات التي تحكمه، وكمنهج في تربية الناس على الحقائق الكبرى التي لا يحتمل قلب أغلب الناس ثقلها. (تابع بقية الموضوع في كتاب: (الامام العسكري قدوة واسوة) الموجود في خانة المؤلفات من موقع سماحة المرجع المدرسي دام ظله على الانترنت).
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |