الإمام العسكري ودوره في عملية التغيير
 


ابوحامد يوسفي
من مكتب سماحة المرجع المدرسي


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته
نعزي الامام الحجة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه) وجميع الموالين والمؤمنين بذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في الثامن من شهر ربيع الأول، سائلين المولى العلي القدير أن يوفقنا للسير على خط الرسالة المحمدية، واتباع نهج أهل البيت الطاهرين.
وبهذه المناسبة الأليمة، وإحياءً لذكر الأئمة الهداة عليهم أفضل الصلاة والسلام، نرفق لكم المقالة التالية استلهاماً من كتاب (الإمام العسكري قدوة وأسوة) لسماحة المرجع الديني السيد المدرسي حفظه الله.
مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظلّه)
من الواضح إنَّ دَور الأئمة عليهم السلام هو إمتداد لدَور الأنبياء، ورسالتهم هي تلك الرسالة الخالدة التي بشَّرت بها كُتب السماء.. من الدعوة إلى الله، والترغيب في ثوابه، والترهيب من شديد عقابه، وسَوق الناس إلى اتّباع رضوانه، وتزكية نفوسهم من الرذائل، وتطهيرها بالحُبِّ والإيمان والخُلُق الفاضل، ثم تعليمهم شرائع دينهم.

وكان من أبرز مسؤوليات الأنبياء عليهم السلام “قيادة المجتمع المؤمن“ بما لهذه المسؤولية من علاقة بتطبيق أصول القيم الإلهية على مفردات الحياة اليومية، وبتمثيل تلك الأصول ضمن مواقف وفاعليات وأنشطة، حتى يصبح النبيّ والإمام من بعده ثم الصديقون قدوات وحججاً على الخلق، ليقطعوا عنهم حبل المعاذير والتبريرات، وليشحذوا عزائمهم بومضات من الإرادة، ومن هنا لا ينبغي ان نحدِّد دَور الإمام في الحقل السياسي بالمعنى الضيق للكلمة، بالرغم من أنَّ السياسة تمثـِّل تقاطع سائر الحقول، أو ليست الثقافة ذات تأثير على السياسة؟ أو ليس الإقتصاد والتربية والأنظمة الإجتماعية هي العوامل التي تصنع السياسة؟

ومن هنا يجب أن نفرق بين معنيين للسياسة: المعنى الخاص الذي يعني إدارة القوى الإجتماعية ذات التأثير في عالم الحكم والتي يقوم بها السلاطين والرؤساء السياسيون. وهذه هي السياسة المباشرة (المعنى الضيّق للكلمة). والمعنى العام والذي يعني صنع القوى الفاعلة في المجتمع والتي تؤثِّر بالتالي في عالم الحكم. وهي السياسة غير المباشرة، والتي يقوم بها -عادةً- المصلحون وأصحاب المبادئ التغييرية (وهذه السياسة بالمعنى العام).
ولا ريب أنَّ الأنبياء وأوصياءهم كانوا يقودون عملية التغيير وثورة الإصلاح بكلِّ أبعادها الثقافية (نشر الدعوة) والتربوية (تزكية النفوس) والإجتماعية ( تكوين التجمع الإيماني وتنظيم علاقاته) كما كانوا يتعاطون أحياناً السياسة بالمعنى الخاص حيث يديرون البلاد بصورة منفردة أو يشتركون في الإدارة مع سائر القوى.

كذلك قام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بإصلاح المجتمَع في مكة، وبنى هناك التجمّع الإيماني، ونظَّم علاقاتهم، ثمَّ شكَّل حكومته منهم في المدينة المنورة.

وخلال سني خلافته الظاهرية تعاطى الإمام علي عليه السلام السياسة المباشرة. بينما قام بدور إصلاحي قبلئذ عند حكومة الخلفاء من قبله، وفي ذات الوقت ساهم معهم بصورة أو باخرى في السياسة غير المباشرة.
والأئمة الأطهار عليهم السلام كانوا يقومون بالإصلاح بكل ما أوتوا من قدرة، ويصنعون قوة سياسية فاعلة في المجتمع، وذلك عبر قيادتهم المباشرة للمؤمنين الأصفياء من شيعتهم.
حتى انتهى الأمر إلى الإمام العسكري عليه السلام إذ قام خلال سني إمامته بإدارة الشيعة الذين أصبح وزنهم السياسي متعاظماً في عهد الإمام الكاظم واعترف بهم كقوة سياسية في العهود التي تلت قبول ولاية العهد من قبل الإمام الرضا عليه السلام، وحتى غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه.
كيف كان يدير الإمام الشيعة؟ وكيف تكوَّنت عبر الآفاق شبكة الوكلاء الذين كانوا يمثِّلونه؟ وكيف كانت تجري المراسلة بينهم وبينه؟

تلك الحقائق لم يبحثها التاريخ الذي اقتصر - مع الأسف - على وصف الملوك وغزواتهم وحروبهم وحتى ليالي مجونهم، بينما أهمل حياة الشعوب والتيارات التي كانت تجري في المجتمع.

إلاّ أنَّ الأحاديث التي سجَّلت الكثير من تفاصيل حياة الأئمة عليهم السلام، تعتبر مادة موثوقة نستطيع أن نستلهم منها بعض الحقائق.. إلاّ أنَّها تبقى لا تعكس وحدها كل الصورة التي نتشوَّق إليها لمعرفة حياة الإمام عليه السلام التي اتسمت كحياة غيره من الأئمة بطابع السرية المطلقة، ليس فقط خوفاً من الطغاة، وإنَّما أيضاً كإجراء إحتياطي للمستقبل والمتغيرات التي تحكمه، وكمنهج في تربية الناس على الحقائق الكبرى التي لا يحتمل قلب أغلب الناس ثقلها.

(تابع بقية الموضوع في كتاب: (الامام العسكري قدوة واسوة) الموجود في خانة المؤلفات من موقع سماحة المرجع المدرسي دام ظله على الانترنت).


العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com