|
منذ سقوط الخلافة العباسية في بغداد على يد المغول (656هـ 1258م) ولحد هذه ألحظة يعيش العراق في عشوائية و فوضى عارمة واضطرابات سياسية واقتصادية وغياب تام للنظام والقانون ذاق خلالها الشعب العراقي الويلات وقدم فيها دماء أبناءه ضحايا للسياسات الظالمة والمتعسفة او قرابين استشهاد من اجل الحرية والتحرر على مرالحقب الزمنية التي مرت عليه وكل تلك المراحل المظلمة التي مرت على العراق خلقت لدى العراق تراكمات وترسبات نعاني منها اليوم في ظل حكومة العراق الجديد التي نتأمل منها الخير للعراق والعراقيين ونتمنى ان تكون مرحلة التجديد فعلاً لا تسميةً تطوى خلالها كل الصفحات السوداء والمظلمة من التاريخ الغابر متجاوزين الفئوية والطائفية المقيتة . ولكننا لم نرى أي بوادر فعلية من الحكومة العراقية من اجل ذلك وما نراه هو تخبط وعشوائية في كافة المستويات وأعمال غير مدروسة تدلل عدم التخطيط الممنهج للمستقبل بصورة علمية . فكل حكومة يتم تشكيها ترافقها جملة من التغييرات المحورية والرئيسية تعم اغلب مناحي الحيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية . تعود فيها العجلة للخلف (تبدء من الصفر) ولم تكمل ما أسس له من خطوط عريضة رسمتها الحكومات السابقة (بعد 2003) على وفق السياسة العامة للدولة التي يجب ان ترسم بل إن هناك في كل مرحلة سياسة جدية تفرضها القوى الفائزة ولعل كل ذلك هو بسبب تلك الخلفيات التاريخية التي مر بها الشعب العراقي واهم تلك الرواسب هي غياب التخطيط العلمي والعمل بعشوائية وفوضوية . فعدم وجد قانون ثابت ومدروس يرقى الى خدمة جميع شرائح المجتمع و أطيافه و التجاوز والتعدي عليه من قبل ذوي النفوذ بالإضافة إلى التعديل والتغير المستمر على القانون ليخدم فئات وشرائح في كل مرحلة من المراحل تكون فيها بعض الشرائح هي الحاكمة او ذات النفوذ و تعدد التفاسير التي يمر فيها القانون العراقي فكل فئة تفسر القانون على ليلاها ،دليل على غياب التخطيط لعلمي القانوني بعيد المدى وذو الشمولية الأوسع والأعم . بينما غاب التخطيط الخدمي و السكاني العلمي المستقبلي الناجح في ظل نمو سكاني واسع يكون سبباً في عدم توفر الخدمات من (السكن والمستشفى والمدرسة والجامعة وفرصة العمل والشوارع ووسائط نقل )التي يمبغي توفيرها على ضوء بيانات متوفرة على ارض الواقع تقوم الجهات المعنية بدراستها وتحليلها باستخدام الأساليب العلمية لدراسة ذلك النمو على مدى فترات زمنية بعيدة المدى تكون على اقل تقدير 40 عام ليتسنى للجهات المختصة من توفير الاحتياجات السكانية على وفق تلك النتائج وعلى مدى تلك الفترة كما هو معمول عليه في الدول المتطورة . وما نراه اليوم هو غياب مثل ها كذا تخطيط و أحب أن أورد أمثلة على ذلك من اجل أن تتضح الصورة للقارئ أكثر، استيراد سيارات حديثة دون ان تتوفر لها شوارع و مراباة وان تم إنشاءها (الشوارع والمراباة )كمشاريع مستحدثة لا يراعى التطور المستقبلي فيها فتلاحظ ان مشروع يخطط له للقضاء على زخم مروري معين يستغرق عدة سنون لتنفيذه لم يقضي على الزحام المروري لا لان المشروع فاشل وغير ضروري لكن الفشل في غياب التخطيط لأنه لم يراعى فيه النظرة المستقبلية . أما المشاريع الجديدة التي تقوم على إنشاء و أكساء شوارع في الأحياء السكنية نلاحظ ان المواطنون يعانون كبيرة من تنفيذ هكذا مشاريع و طول الفترات الزمنية التي لا تقل عن ثلاث سنين على اقل تقدير بالإضافة إلى زيادة مبالغ المشاريع وقلة في الجودة في مثل هكذا مشاريع قياساً بمشاريع لمناطق غير مأهولة بالسكان ومع كل هذا تقع الجهات المسؤولة في نفس الخطأ فتوزع قطع اراضٍ للفئات المشمولة دون ان توفر أي خدمات في تلك المناطق للمواطنين لتعود الجهات ذاتها من اجل ان تنفذ مشاريع جديدة بعد ان شيد المواطنون الدور السكنية فيها . اما الشوارع فتوزع على القياسات القديمة (ضيقة ) ولتعاني من الاختناقات المرورية و بعد فترة زمنية قصيرة تنفذ مشاريع جانبية و مجسرات ويخطط لتنفيذ أنفاق من اجل تلافي ضيق الشوارع هذه كارثة حقيقية لأنهم ان لم يكن لهم مستوى من العلم يكون لهم عبرة من الحياة اليومية وملخصها بمثل (اعبر انهر ما دامه ضيق) والكارثة الأكبر هي بيع الشوارع الواسعة في الاحياء السكنية من قبل الجهات المعنية ولا اعلم لماذا ؟! فأين يا ترى اطلاع السادة المسؤولين الذين يذهبون ببعثات لخارج القطر من اجل الاطلاع على تجارب الدول المتطورة ؟!وأين أصبح اطلاعهم من كل هذه الأمور التي تحدث ؟! وهل تحول ذلك الاطلاعهم إلى سفرات سياحية؟! أما الواقع الزراعي او الصناعي فلا نرى أي تخطيط او تنظم زمني للنهوض بهذه القطاعات فهي تزداد سوءً في كل يوم يمر إلى أن أصبح العراق يعتمد على البلدان المجاورة في جميع المحاصيل الزراعية ويكاد يستورد التمور بعد ان كان اكبر بلد يصدرها في العالم ويمتلك 40 مليون نخلة على ضفاف أنهاره الممتدة من شماله الى جنوبه أما الصناعة فقد أصبحت حملاً كبيراً على عاتق الحكومة العراقية فهي تدفع مرتبات دون إنتاج وكأن لديها مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة (العاجزين عن العمل)ولم يمر القطاع الصناعي وزراعي بمثل هذه المحنه حتى في أيام الحصار اذ كانت هناك مواد عراقية تنتج وتباع في الأسواق من الإطارات (بابل، الديوانية )الأسلاك (الرافدين ) المنتوجات الصوفية والقطنية العراقية بالإضافة إلى معامل الأسمنت والمواد الإنشائية الأخرى ومعامل الأسمدة والحديد والصلب وغيرها من الصناعات العراقية لتي لم تعد موجودة في أسواقنا اليوم . وهذا نتاج واضح لعدم التخطيط الواقعي والإخلاص في العمل بدون بذل أي جهود للنهوض بهذا القطاع الذي يعتبر من اهم القطاعات في العراق لتوفر اغلب المواد الاولية فيه .وجل هم الحكومة هو خصخصة اغلب الشركات للتخلص من العبء الواقع على كاهلها متجاهلة جميع النتائج السلبية الناتجة من الخصخصة ولا اعلم ماذا سيجني العراقيون من الخصخصة في ضل هذه الأوضاع التي تتأرجح تحت أقدام العراقيين نتيجة غياب الأمن والقانون الصارم الذي يطبق على كل الفئات دون استثناء؟! اما في المجال التجاري والاقتصادي الذي لا يختلف كثيراً عن بقية المجالات فترى ان رؤوس الموال العراقية تستثمر في الخارج بينما تنفق الحكومة مليارات الدولارات من اجل جلب الاستثمار الأجنبي وأما المجال التجاري فحدث بلا حرج. ومن ما تبين ان هناك شيء مفقود في كل مفاصل الدولة العراقية دون استثناء لاي منها وهذا الشيء هو التخطيط العلمي المستقبلي الناجح لان التخطيط يقضي على العشوائية وعدم التنظيم ويضع الخطوات الأولى على المسار الصحيح فبهي نهضت الأمم وبهي تطورت الدول العظمى وهو الذي ينهض بالواقع العراقي ويرسم خطوط مستقبلة المشرق بشرط ان يكون الجميع مستعدون لتطبيقه (حكومتاً وشعباً) على ارض الواقع دون تدخل للمصالح الشخصية فلا مصلحة فردية أمام المصلحة العامة و هذا من مبادئ الشرع قبل القانون الوضعي .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |