|
ودع العرب العام الميلادي 2010 دون أن يسجلوا في مذكراتهم أي إنجازات هامة تخدم أمنهم وتقدمهم وأستقرارهم ، لا بل كان عام ازمات وإن تكن انعكاساتها السلبية متفاوتة ما بين دولة وأخرى حسبما تتداخل العوامل المحلية مع الإقليمية والدولية . ففي لبنان كان عام المحكمة الدولية الخاصة بكشف قتلة الرئيس رفيق الحريري حيث كثرت التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن احتمال توجيه اصابع الإتهام الى عناصر من حزب الله الأمر الذي استدعى من هذا الأخير القيام بهجوم استباقي متهماً المحكمة بالتسييس وبتنفيذ رغبة اميركية – اسرائيلية تستهدف ضرب المقاومة . ولقد ادت الى هذه الأجواء الى خلق حالة من التوتر في البلاد ، ومرشح لها ان تستمر حتى بداية العام الجديد حيث ستتضح خلفية القرار الظني كما ستتضح نتائج المساعي التي تبذلها سورية والسعودية من اجل درء الفتنة . وفي العراق امكن اجراء انتخابات برلمانية ولكن تعقدت الإتصالات من اجل تشكيل حكومة لمدة زادت عن الستة اشهر الى أن ولدت حكومة برئاسة نوري المالكي ليست بمستوى الطموحات المطلوبة ، كما ليس من المعروف مدى قدرتها على القضاء على الإرهاب المتفشي في البلاد ووضع حد لتفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين في ظل الفساد المستشري . وفي مصر تمت ايضاً عملية انتخاب مجلس الشعب ، ولكن كانت المأخذ انه جاء من لون سياسي واحد حيث اقصيت المعارضة ... ومع انتهاء ازمة انتخاب البرلمان برزت ازمة أخرى هي حول من سيخلف الرئيس حسني مبارك المتربع على عرش الجمهورية منذ نحو 30 عاماً . ناهيك عن الأزمات الإقتصادية والإجتماعية . وفي السودان عاش المواطنون كما السلطة المركزية تداعيات قرار اجراء الإستفتاء الشعبي بداية العام الجديد لتحديد مصير جنوب السودان . وترك هذا الأمر تخوفاً لدى عدة دول عربية من ان يكون الإنفصال بداية توجه دولي لتقسيم دول عربية أخرى . وفي اليمن نشبت حرباً بين السلطة المركزية والحوثيين ، ومعارك سياسية بين السلطة المركزية والحراك الجنوبي الداعي الى إعادة انفصال جنوب اليمن عن شماله ، ومعارك بين السلطة المركزية ومجموعات تنتمي الى تنظيم القاعدة الذي يبدو انه أتخذ من اليمن منطلقاً لإشاعة الإرهاب في شبه الجزيرة العربية . وفي فلسطين لا زالت الأوضاع تراوح مكانها حيث العزلة لا زالت مفروضة على غزة ، والضفة الغربية لا زالت ترزح تحت نير الإحتلال ، ومفاوضات السلام مع الإسرائيليين لم تحقق أي نتائج ايجابية ، كما ان المصالحة بين الفلسطينيين لا زالت بعيدة المنال . وفي المغرب العربي هناك التهديد الإرهابي من الجماعات الأصولية ، وهناك الخلاف المغربي – الجزائري حول الصحراء الغربية . وفي الصومال هناك توليد مستمر للأزمات والحروب القبلية والقرصنة . اما عن منطقة الخليج العربي فليس هناك ازمات فعلية على مستوى كل دولة على حدة ولكن هناك تخوف من المشروع النووي الإيراني ومن التصنيع العسكري المتواصل في ايران ، كما هناك تخوف من احتمال اقدام اميركا او اسرائيل على ضرب ايران الأمر الذي سيؤدي الى اشعال المنطقة برمتها . وبذلك يتضح ان العالم العري برمته يمر في نفق من الأزمات منها ما هو مرشح للحل ومنها ما هو قابل للتمدد الى سنوات أخرى مقبلة دون ان نأتي على ذكر الأزمات الجديدة المرجح لها ان تولد .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |