|
2011عام التغير في العالم العربي م. محمود الدبعي/ السويد ودع العرب العام الميلادي 2010 دون أن يسجلوا في مذكراتهم أي إنجازات هامة تخدم أمنهم وتقدمهم وأستقرارهم ، لا بل كان عام ازمات وإن تكن انعكاساتها السلبية متفاوتة ما بين دولة وأخرى حسبما تتداخل العوامل المحلية مع الإقليمية والدولية . ففي لبنان كان عام المحكمة الدولية الخاصة بكشف قتلة الرئيس رفيق الحريري حيث كثرت التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن احتمال توجيه اصابع الإتهام الى عناصر من حزب الله الأمر الذي استدعى من هذا الأخير القيام بهجوم استباقي متهماً الرئيس سعد الحريري بالتواطئ مع المحكمة الدولية الخاصة و اتهم الأخيره بالتسييس وبتنفيذ رغبة اميركية – اسرائيلية تستهدف ضرب المقاومة اللبنانية. ولقد تلبدت الأجواء بغيوم داكنة والى خلق حالة من التوتر في البلاد ، و و مع دخول العام الجديد انسحب نواب حزب الله و أصدقائهم من حكومة الرئيس سعد الحريري و اشترطوا أن يكلف شخص آخر برئاسة الحكومة اللبنانية و رغم الزيارات المكوكية التي قام بها رئيس وزراء تركيا و وزير خارجيته بالتنسيق مع وزير خارجية قطر و بدعم من السعودية لنزع فتيل التوتر ، إلا أن لبنان مقبلا على التغير بشكل أو بآخر و غير ذلك فستكون النهاية مأساوية و يعود الإقتتال الداخلي أو تعود الدبابات والطائرات والبوارج الإسرائيلية لتدمر لبنان بحجة القضاء على قوة حزب الله في المنطقة. الأزمه اللبنانية مرشح لها ان تستمر حتى تتضح خلفية القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة و الذي سلم فعلا للنائب العام اللبناني . كما ستتضح نتائج المساعي التي تبذلها سورية والسعودية وقطر و تركيا من اجل درء شبح الفتنة الدموية التي أطلت برأسها على لبنان. وفي العراق امكن اجراء انتخابات برلمانية عام 2010 ولكن تعقدت الإتصالات من اجل تشكيل حكومة لمدة زادت عن الستة اشهر الى أن ولدت حكومة ركيكة برئاسة نوري المالكي ليست بمستوى الطموحات المطلوبة ، كما ليس من المعروف مدى قدرتها على تمثيل جميع الكتل النيابية و القضاء على الإرهاب المتفشي في البلاد ووضع حد لتفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين في ظل الفساد المستشري و مدى قدرتها على حماية أمن العراق وحدوده في حالة انسحاب القوات الأمريكية هذا العام من العراق. و رغم ذللك يشهد العراق تحرك استثماري على مختلف الصعد لإعادة إعمار العراق. وفي مصر تمت ايضاً عملية انتخاب مجلس الشعب أواخر عام 2010، ولكن كانت المأخذ انه جاء من لون سياسي واحد حيث اقصيت المعارضة و ضيق الخناق على الإخوان المسلمين... ومع انتهاء ازمة انتخاب البرلمان برزت ازمة أخرى هي حول من سيخلف الرئيس حسني مبارك المتربع على عرش الجمهورية منذ نحو 30 عاماً . ناهيك عن الأزمات الإقتصادية والإجتماعية . ولقد تلبدت الأجواء السياسية بغيوم داكنة عندما اطلت الفتنة الطائفية على شعب مصر و بدأ الأقباط المقيمين خارج مصر يشعلون فتيل الأزمة و يطالبون بحكم ذاتي لدولة الأقباط في مصر و زادة حدة التوتر عند قيام مجهولين بهجوم انتحاري على كنيسة قبطية في الإسكندرية اوقعت خسائر في الأرواح و الممتلكات و طالب بابا الفاتيكان الحكومة المصرية بحماية الأقباط ويشهد مطلع هذا العام مناوشات إعلامية بين الأقباط والمسلمين و وقعت حوادث عديدة وخرج الأقباط في مظاهرات ضخمة و هذا ا الوضع خلق حالة من التوتر في البلاد و هي تندفع الى التغير. وفي السودان عاش المواطنون كما الحكومة المركزية تداعيات قرار اجراء الإستفتاء الشعبي بداية العام الجديد 2011 لتحديد مصير جنوب السودان . وترك هذا الأمر تخوفاً لدى عدة دول غربية وخاصة الولايات المتحدة بأن تتراجع حكومة البشير عن قبولها بنتائج الإستفتاء الشعبي و الذي يلقى تأيد كبير من الجنوبيين. وترك الإستفتاء تخوفا لدى بعض الدول العربية و خاصة مصر التي عارضت أصلا إجراء الإستفتاء لأنه مقدمة الإنفصال الجنوب وهو بداية توجه دولي لتقسيم دول عربية أخرى . وفي اليمن نشبت حرباً طاحنة اكلت الأخضر واليابس بين الحكومة المركزية برئاسة عبدالله صالح والحوثيين ، ودارت معارك سياسية ونشب صدام مسلح بين السلطة المركزية والحراك الجنوبي الداعي الى إعادة انفصال جنوب اليمن عن شماله ، و دارت معارك بين السلطة المركزية ومجموعات تنتمي الى تنظيم القاعدة الذي يبدو انه أتخذ من اليمن منطلقاً لإشاعة الإرهاب في شبه الجزيرة العربية . و ترك هذا الأمر تخوفا لدى الأمريكان الذين طالبوا بقواعد عسكرية على الأرض اليمنية لمواجهة الإرهاب الدولي و قد يشهد عام 2011 مطالب دولية لإجراء استفتاء شعبي حول مصير الجنوب على غرار ما جرى في السودان. أقبل عام 2011 و في فلسطين لا زالت الأوضاع السياسية تراوح مكانها ومفاوضات السلام مع الإسرائيليين لم تحقق أي نتائج ايجابية على الأرض ، بل استمر بناء و توسعة المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية ، والقدس الشريف لا زالت ترزح تحت نير الإحتلال و تغير الهوية وهدم بيوت المقدسيين، كما ان المصالحة بين الفلسطينيين لا زالت بعيدة المنال . و العزلة السياسية و الإقتصادية لا زالت مفروضة على غزة ، و الحصار ارهق الشعب الفلسطيني و تهدد اسرائيل باقتحام قطاع غزه لإنهاء حكم حماس و تشهد الضفة الغربية خلافا سياسيا حادا بين عباس و محمد دحلان على خلفية اتهام الأخير بمحاولة إنقلابية على سلطة عباس المركزية . وفي المغرب العربي تهب رياح التغير، فالتهديد الإرهابي من الجماعات الأصولية وخاصة السلفية الجهادية التي تعتبرإمتدادا للقاعدة مستمر و يهدد أمن المنطقة، وهناك الخلاف المغربي – الجزائري حول الصحراء الغربية . و في تونس حدث تغير في كيان السلطة المركزية حيث فر رئيس البلاد زين العابدين بعد الإنتفاضة الجماهيرية و كانت الشرارة التي اججت الناس هي إقدام التونسي محمد بو العزيزي على إشعال النار بجسده امام مقر البلدية على اثر الإهانة التي تلقاها من شرطية ويعتبر سقوط النظام التونسي ظاهرة تاريخية فريدة من نوعها. هذه الثورة لها تداعيات خطيرة على الوطن العربي و قد يشهد عام 2011 مزيدا من الثورات الشعبية و قد تطيح رؤس جديدة إذا لم تتم المصالحة بين الشعوب و حكامها. وفي الصومال هناك توليد مستمر للأزمات والحروب القبلية والقرصنة . و يتخوف الغرب من تنامي قوة حركة الشباب المسلحة و خاصة بعد توجه العديد من الصوماليين المقيمين في أوروبا الى ساحة الحرب في الصومال و التحاقهم في حركة الشباب. و قد قتل العشرات منهم و عاد المئات الى أماكن إقامتهم في دول أوروبا. و في نهاية عام 2010 تمت عملية انتخاب مجلس الأمه في الأردن ، ولكن كانت المأخذ انه جاء من لون سياسي واحد يمثل الصبغة العشائرية ، حيث قاطعت جبهة العمل الإسلامي التي تمثل تيار الإخوان المسلمين الإنتخابات البرلمانية. و تشهد الأردن إضطرابات شعبية بسبب الأزمة الإقتصادية الخانقة و هناك تذمر شعبي من حكومة سمير الرفاعي بسبب ارتفاع الأسعار و الضرائب و التي لا تتناسب مع تدني دخل المواطن حيث اجور الموظفين منخفظة رغم الغلاء الفاحش. تشهد سوريا هذاه الأيام غزلا سياسيا فريدا من نوعه حيث صرح الشقفه وهو المراقب العام الجديد للإخوان السورين بأن الجماعة مستعدة لحل تنظيمها و العودة لسوريا و أنها لن تعود للنشاط السياسي بل ستركز على العمل الدعوي. و هذا تطور جديد و قد تشهد سوريا في هذا العام تغيرا إيجابيا ، إذا وافق الرئيس بشار الأسد على إلغاء القوانين التي تجرم الإنتساب لحركة الإخوان السورين و سوريا بحاجة الى ترتيب بيتها الداخلي حتى تتمكن من صد أي عدوان إسرائيلي محتمل على دمشق. اما عن منطقة الخليج العربي هناك ازمات إقتصادية فعلية على مستوى كل دولة على حدة وتعرضت إمارة دبي لأزمة إقتصادية خانقة اثرت على سوق العقارات و هناك تخوف جماعي من المشروع النووي الإيراني ومن التصنيع العسكري المتواصل في ايران ، و تدخل إيران في الشؤون الداخلية في العراق و عدد من دول الخليج ، كما أن هناك تخوف من احتمال اقدام اميركا او اسرائيل على ضرب ايران الأمر الذي سيؤدي الى اشعال المنطقة برمتها . وبذلك يتضح ان العالم العربي برمته يمر في نفق من الأزمات منها ما هو مرشح للحل ومنها ما هو قابل للتمدد الى سنوات أخرى مقبلة دون ان نأتي على ذكر الأزمات الجديدة المرجح لها ان تولد .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |