|
كاظم فنجان الحمامي هذا السؤال نوجهه إلى الفضائيات العربية الحنونة جدا, والتي ماانفكت تتباكى وتذرف دموع التماسيح على أطلال المدن الليبية المدمرة, ونوجه السؤال نفسه إلى القادة العرب ابتداء من عمر موسى إلى شلغم وكوسا, ونوجهه إلى المنظمات الإنسانية كافة, والى (ساركوزي) قائد جمع الناتو, ونوجهه إلى قوات (درع الجزيرة), التي زعمت أنها هبت لنجدة الشعب الليبي المنكوب, وحلقت بطائراتها العنابية فوق سماء الأوديسا قبيل بزوغ فجرها الدامي, ونوجهه إلى مكتشف قشور السفسطة الخضراء, وملك ملوك القارة السوداء. نسألهم جميعا أين أختبئ الناس من حمم غاراتكم الوحشية, وبأي ملاذ احتموا من صواريخكم الناسفة, والى أين لجئوا من شظايا قصفكم العشوائي المجنون ؟ , لم نعد نراهم في التقارير الإخبارية المصورة, ولا نعرف عنهم شيئا منذ تفجر الأوضاع في صراعكم المحموم على منابع البترول, اختفوا تماما من نشرات الأخبار, ولم يذكرهم احد منذ أيام وأسابيع, وكل ما نراه الآن على شاشات الفضائيات هو المشهد الصحراوي المخيف للعمليات العسكرية, ومشاهد متفرقة لآليات حربية محروقة, جثث ممزقة, أشلاء بشرية متفحمة, مدن مهجور, بيوت خاوية, منازل خالية من ساكنيها, صناديق وأكداس من العتاد الحربي مبعثر فوق الأرض, مجاميع من المسلحين يدخنون السجائر بأعصاب مشدودة, ويطلقون النيران من أسلحتهم الأوتوماتيكية في الهواء تعبيرا عن سعادتهم الغامرة بخراب بيوتهم, سيارات مدنية ملطخة بالدماء تنطلق بسرعات جنونية وهي تطلق النيران في الجو, ومشاهد أخرى لراجمات ذاتية الحركة وهي تقذف صواريخها باتجاه الفراغ, دبابات مهشمة, طائرات محطمة, مدافع محترقة, لكننا مازلنا بحاجة إلى من يفسر لنا أين اختفى الناس, وأين ذهبوا ؟, وكيف استطاعوا النجاة مع أطفالهم في هذا التيه الصحراوي المميت, والى أي بلد فروا ؟, وكيف دبروا أمورهم المعيشية بعد تعطل المخابز, واختفاء المواد الغذائية من الأسواق, وغياب المؤسسات الخدمية, ونقص الإمدادات الطبية, وتوقف المواصلات, وانقطاع التيار الكهربائي, وانقطاع مياه الشرب؟. هل انشقت الأرض وابتلعتهم جميعا في جوف الصحراء؟, أم أنهم تبخروا وتلاشوا في ظروف غامضة لم يُعلن عنها حتى الآن. نحن نتكلم هنا عن شعب لا يقل تعداده عن ستة ملايين نسمة, اختفوا جميعهم من دون أثر, وكأنهم انصهروا وذابوا بين ثنايا أرض شهدت أعنف المعارك, وأشرس الاشتباكات, معارك حامية الوطيس نسمع ضجيجها, وتأتينا نتائجها الكارثية عبر الفضائيات المدسوسة والمنحوسة والمخلوسة, من دون أن نتلقى أية أخبار عن مصير العوائل المذعورة, والأسر الهاربة من هول الاشتباكات المتواصلة بين فلول الأطراف المتحاربة. إنّ التحليل المنطقي لنتائج الهجمات العسكرية العنيفة, التي تجري الآن داخل المدن الليبية, من شارع لشارع, ومن ضاحية لضاحية, تؤكد بما لا يقبل الشك تعرض آلاف الأسر الليبية للقصف العشوائي المتواصل, الذي سيخلف وراءه الآلاف الإصابات بين المدنيين الأبرياء, وأغلب الظن أن تعداد القتلى والجرحى وصل الآن إلى أرقام فلكية مفزعة, في حين انصبت اهتمامات وكالات الأنباء على نقل تفاصيل العمليات القتالية الضارية, التي تجري الآن عند مشارف المدن الليبية وداخلها, من دون الإشارة إلى مصير الناس العزل, ومن دون التحدث ولو بالتلميح عن أوضاعهم المأساوية المؤلمة. إلا أن نبتهل إلى الله العلي القدير أن يجعلها عليهم بردا وسلاما, ونناشد المنظمات الإنسانية كافة بضرورة الإسراع بإنقاذ السكان من حمم النيران المستعرة في مراجل هذه الحرب الغبية, التي افتعلها سفهاء العرب وأستغلها خبثاء الغرب, ونقول لغربان البين, ونقصد بها فضائيات الكوارث والمصائب, تبا لكم جميعا لأنكم أغفلتم أو تغافلتم عن مصير الناس, وانشغلتم بأخبار الناتو والبنتاغون, وأخبار ساركوزي وسوزي. وتجاهلتم النواحي الإنسانية, ولم تلتفتوا إلى ما آلت إليه أحوال الشعب الليبي المقهور. . . وقفة: قال صابر بن حيران: إنّ النكبات التي تحدث على الأرض العربية لم تحدث في يوم وليلة, لكنها حدثت لأن مجرما فعل, ومتخاذلا سكت, وهما شريكان في ارتكابها. .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |