|
لمى خاطر
لم تكد تمضي أيام على محاكمة المتهمين بتنفيذ عملية ريمونيم القسامية (حدثت بتاريخ 5/9/2010م ) ، والحكم عليهم بالسجن مدة ثلاث سنوات بتهمة (تعكير العلاقات مع الجانب الإسرائيلي)، حتى أصدرت محاكم فتح العسكرية ذاتها في رام الله أحكامًا عسكرية بالسجن على 11 من مناصري حركة حماس؛ حيث تراوحت الأحكام الصادرة بحقهم بين ستة أشهر وثلاث سنوات، ليضافوا إلى عشرات قبلهم حوكموا محاكمات عسكرية على خلفيات لا ترتبط فقط بدور مقاوم لبعضهم، بل بنشاط تنظيمي أو طلابي أو حتى دعوي بحت، أو عمل في حملة انتخابات الحركة عام 2005 أو في إحدى المؤسسات المحسوبة عليها، قبل أن تستولي عليها فتح! ربما لا يكفي أن نقول إن إسلام حامد وعاطف الصالحي المتهمين بعملية ريمونيم هما أسيران سابقان لدى الاحتلال لكي يقتنع المكابرون بأن سلطة فتح تمارس نشاطاً أمنياً مشابهاً لنشاط الاحتلال، وتلاحق المقاومة وتحرق مراكبها، فاعتقالها الأسرى المحررين بات أمراً مألوفاً، وربما لا يكفي كذلك أن نذكّر بأن عملية ريمونيم قد نُفّذت ضد مستوطنين في الضفة وليس داخل حدود الخط الأخضر، أي أنها استهدفت ما تعدّه السلطة (استيطاناً غير شرعي) وليس جيرانها الذين تربطها بهم معاهدات والتزامات تقتضيها الشراكة في السلام! ولن تكفي كذلك كل براهين الدنيا لتدلل للمتعصبين للباطل على بشاعة النهج الأمني في الضفة الذي ما عاد معنياً بإخفاء أجندته أو تزويقها بشعارات المصلحة الوطنية العليا! لكن تزايد وتيرة المحاكمات العسكرية في الضفة لناشطي حماس بات أمراً ملحوظا، فيما يبدو أنه خطوة استباقية لقطع الطريق على أية مبادرة لإطلاق سراحهم على هامش أي اتفاق مصالحة قادم، أو لتبرير استثنائهم من حملة إفراجات متوقعة قد يعلن عباس بموجبها تبييض السجون من المعتقلين السياسيين، مع استثناء من أدانهم قانون دايتون بتهم (حيازة سلاح غير شرعي وغسيل الأموال)! فهاتان التهمتان هما المسوّغ (القانوني) الذي تتستر خلفه محاكم البهتان في سلطة فتح لتبرير إدانة ناشطي حماس والمقاومة وتسويغ اعتقالهم! بطبيعة الحال فهدف قيادة فتح الأمنية من استبقاء عدد من المعتقلين لديها لا يأتي فقط بدافع حاجتها لتلك (الضرورة الوطنية النفسية) باستشعار أن حربها على حماس لم تتوقف حتى بعد المصالحة، وليس كذلك لتشفي غليلها بإذلال عناصر الحركة، وتواسي (شرفها العسكري) الذي تعتقد أنه أُهين في حسم غزة، إنما لأسباب تعرفها قيادة فتح جيداً، وتعي بموجبها معنى أن تخلو سجونها من المعتقلين السياسيين، وكيف سيؤثر هذا على علاقاتها المختلفة بجارها الإسرائيلي، وبمموّلها الأوروبي، وبالوصيّ على عملها الأمريكي، ولذلك فإن بقاء السجون عامرة بالمخربين وأعداء السلام هو شهادة حسن السلوك التي لا تستطيع الأجهزة الأمنية التفريط بها، وإلا فإن تبعات ما ستلوّح به اليد الأمريكية والإسرائيلية معروفة تماماً، وهي أكبر من أن تستطيع قيادة فتح استيعابها، حتى لو كان المقابل تحرير فلسطين وليس إنجاز المصالحة وحسب! هل أدرك المكابرون والمطالبون بإنهاء الانقسام لماذا يبدو عدمياً وعبثياً أن يطالبوا بإنهاء الانقسام دونما غوص في تفاصيله، ودون طرح قضية الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني على رأس لائحة البنود المطلوب إنهاءها، قبل أن تنتقل الحناجر للهتاف: الشعب يريد إنهاء الانقسام؟!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |