ينبغي طرد وكيل وزارة الخارجية العراقي عباوي لانتقاده رئيس الوزراء وبرلمانيين بشأن البحرين

 

 

 

د. حامد العطية
hsatiyyah@hotmail.com

 

صرح وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي بأن "ما صدر على لسان بعض السياسيين وأعضاء مجلس النواب العراقيين في توجيه انتقاد لاذع لبعض الدول في مجلس التعاون الخليجيي لا يخدم علاقاتها مع هذه الدول" وزاد على ذلك بأن " ماجرى في العراق اعطى للصراع طابعاً طائفياً..." وقد سارعت بعض وسائل إعلام الدول الخليجية لتلقف تصريحه وتداوله.

من يطلع على هذه التصريحات من دون معرفة قائلها يظن بأنها صادرة عن مسؤول في حكومة البحرين أو دولة خليجية اخرى، تفوح منه رائحة الحقد الطائفي على الشيعة.

لماذا تفوه عباوي، وهو للعلم مسيحي، بهذه التصريحات التي يدرك جيداً بأنها تضعه في المعسكر المعادي للشيعة، في العراق والمنطقة؟ وما السبب وراء اصطفاف عباوي الشيوعي السابق مع حكام الخليج الطائفيين المضطهدين لسكان دولهم من الشيعة؟ وهل يجهل ما فعله آل خليفة برفاقه الشيوعيين والماركسيين – السابقين - من اتباع جورج حبش في الستينات من القرن الماضي؟ وهل نسي أم تناسى التدخلات المتكررة لدول الخليج ومجلس تعاونها وبالأخص السعودية وبلسان وزير خارجيتها في شؤون العراق الداخلية وفتاوى علماء بلاطهم المكفرين للشيعة؟ ولم نسمع منه أو من رئيسه المباشر تقريعاً لسعود الفيصل أو غيره من المسئولين الخليجيين على تدخلاتهم السافرة ، ألم يكن من الافضل له ولرئيسه زيباري والجبهة الكردية المحسوب عليها لولاذوا بالصمت؟ الإجابات على هذه الأسئلة لدى عباوي وزيباري.

ويا ليت الدبلوماسي عباوي قرأ جيداً الاتفاقيات المبرمة بين دول مجلس التعاون، وقد اتيحت لي الفرصة لدراستها بتمعن اثناء تكليفي بدراسة استشارية للأمانة العامة للمجلس قبل سنوات معدودات، بل الأمر لا يتطلب سوى اطلاع عابر على فحوى تلك الاتفاقيات، ليتأكد له بأنها لا تجيز استعانة حكومة البحرين بقوات درع الجزيرة لقمع شعبها، حتى أن بعض الدول الخليجية ترفض دخول قوات درع الجزيرة أراضيها لأن معظمها من السعودية، ويخشى حكامها من غيلة وغدر آل سعود، ولو كان مطلعاً على تاريخ مجلس التعاون لتبين له مدى عمق واتساع الخلافات والصراعات التي تعصف بالعلاقات بين أعضاءه، في الامور الرئيسية والثانوية أيضاً.

والأهم من هذا وهذاك أن لبيد عباوي نسي نفسه، فهو مجرد موظف في الجهاز الإداري للحكومة العراقية، مهما ارتفع منصبه وعلت رتبته، كما يبدو بأنه جاهل بقواعد سلوك العاملين في الجهاز الإداري الحكومي في العراق وغيرها من الدول، وعلى سبيل المثال تمنع التعليمات الخاصة بالإدارة الحكومية البريطانية شاغلي الوظائف الإدارية العليا senior civil servants من الانضمام للأحزاب السياسية، وتحظر عليهم الإدلاء بأراءهم في القضايا السياسية الهامة، فما بالك بانتقاد موقف قادة سياسيين، بما في ذلك رئيس الوزراء.

الرئيس الأعلى للسيد عباوي هو رئيس السلطة التنفيذية، ورئيس الوزراء، وتصريح عباوي انتقاد صريح ومباشر لرئيس الوزراء المالكي، الذي هو الآخر احتج على قمع السلطات البحرينية للمتظاهرين وتدخل الدول الخليجية العسكري في الصراع الداخلي بين حكومة وشعب البحرين، وبالتالي ومن الوجهة القانونية والإدارية يعتبر تصريح عباوي تمرداً سافراً على رئيسه الأعلى، يستحق عليه أشد العقوبات الإدارية، وبالتحديد الفصل من وظيفته أو إنهاء عقده إن كان متعاقداً، كما أن رئيسه المباشر أي وزير الخارجية زيباري مسؤول تضامنياً مع مرؤوسه عباوي عن هذا التمرد الوقح، ويتحمل هو الآخر عواقب ذلك، والأجدر به تقديم اعتذاره واستقالته لرئيس الوزراء، هذا ما تفرضه القوانين والتعليمات الإدارية وكذلك الأعراف والتقاليد المتبعة في النظم الديمقراطية الحديثة.

والجريرة الأعظم التي ارتكبها عباوي في تصريحه هي انتقاده لبعض أعضاء مجلس النواب، وتلك جريرة لا تغتفر، لأنها تعد إهانة للمجلس برمته، إذ لا يحق لموظف حكومي توجيه انتقاد لأعضاء في المجلس، وقد فات الرجل بأن تعيين وكلاء الوزارات يتطلب موافقة المجلس، ووفقاً للمادة (61) من الدستور العراقي يختص مجلس النواب بالموافقة على تعيين السفراء واصحاب الدرجات الخاصة، وباقتراحٍ من مجلس الوزراء، وهذا ما تؤكده ايضاً المادة الخاصة بصلاحيات مجلس الوزراء في الدستور، وكما أن من صلاحية مجلس النواب الموافقة على تعيينه فمن صلاحيته أيضاً سحب هذه الموافقة وإقالته من وظيفته.

احتراماً للدستور العراقي، وتطبيقاً لمواده الخاصة بسلطات مجلس النواب والفصل بين السلطات واختصاص المجلس بالرقابة على السلطة التنفيذية، والتزاماً بالقواعد والممارسات الديمقراطية بشأن ممارسة أعضاء مجلس النواب لدورهم في توجيه عمل الحكومة وسياساتها الداخلية والخارجية، وتأكيداً على هيمنة رئاسة الوزراء على الوزراء وموظفي الحكومة، وتنفيذاً للقواعد القانونية والإدارية بخصوص واجبات وحقوق موظفي الدولة ينبغي طرد وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي من وظيفته بسبب اهانته لمجلس النواب وتمرده على رؤوساءه، وتوجيه وزير الخارجية زيباري لتقديم اعتذار خطي وعلني لمجلس النواب.

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com