|
45 عاما على رحيل الرئيس عبد السلام محمد عارف
عبد السلام محمد عارف (1921-1966) الرئيس الأول للجمهورية ألعراقية وثاني حاكم أو رئيس دولة أثناء النظام الجمهوري سبقه الفريق نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة ، ولد في 21 آذار ، 1921 في مدينة بغداد ، فترة الحكم 1963 ـ 1966 ، لعب دورا هاماً في السياسة العراقية والعربية في ظروف دولية معقدة إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي وشغل منصب أول رئيس للجمهورية العراقية من 8 شباط 1963 إلى 14 نيسان 1966 بعد ان كان هذا المنصب معلقا منذ انقلاب 14 تموز 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي أصبح بعد نجاح الحركة الرجل الثاني في الدولة بعد العميد عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء وشريكة في الانقلاب فتولى منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وهو برتبة عقيد أركان حرب ، ثم حصل خلاف بينه وبين رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم جعله يعفي عارف من مناصبه ، وابعد بتعينه سفيراً للعراق في ألمانيا الغربية ، وبعدها لفقت له تهمة محاولة قلب نظام الحكم ، فحكم عليه بالإعدام ثم خفف إلى السجن المؤبد ثم الإقامة الجبرية لعدم كفاية الأدلة ، في انقلاب 8 شباط 1963 التي خطط لها ونفذها حزب البعث بالتعاون مع التيار القومي وشخصيات مدنية وعسكرية مستقلة ، اختير رئيساً للجمهورية برتبة مشير( مهيب) ، فكان له ان أصبح أول رئيس للجمهورية العراقية ، ولد الرئيس عارف في في بغداد من عائلة مرموقة تعمل في تجارة الاقمشة متحدرة من منطقة خان ضاري احدى ضواحي الفلوجة وكان جده شيخ عشيرة الجُميللات وخاله الشيخ ضاري احد قادة ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الاولى ، نشأ في بغداد وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية عام 1934 ، التحق بالكلية العسكرية التي تخرج فيها عام 1941 برتبة ملازم ثان ، من ثوار ثورة مايس 1941 ضد الحكومه الخاضعة للاحتلال البريطاني ابان الحرب العالمية الثانية بقيادة رشيد عالي الكيلاني باشا رئيس الوزراء والعقداء الاربعة الملقبين ب"المربع الذهبي" العقيد صلاح الدين الصباغ والعقيد فهمي سعيد والعقيد كامل الشبيبي والعقيد محمود سليمان ، نقل إلى البصرة بعد الاطاحة بحكومة الثورة حتى عام 1944. نقل إلى الناصرية عام 1944 ، تير عام 1946 مدربا في الكلية العسكرية التي لم يكن يقبل فيها إلا الأوائل ومن المعروفين بروح القيادة والمهنية العالية ، قل إلى كركوك عام 1948 ومنها سافر إلى فلسطين ، شترك في حرب فلسطين الأولى عام 1948 عند عودته من حرب فلسطين أصبح عضواً في القيادة العامة للقوات المسلحة عندما أصبح الفريق نور الدين محمود رئيسا لأركان الجيش ، نقل عام 1950 إلى دائرة التدريب والمناورات، في عام 1951 ، التحق بدورة القطعات العسكرية البريطانية في دسلدورف بألمانيا الغربية للتدريب وبقي فيها بصفة ضابط ارتباط ومعلم اقدم للضباط المتدربين العراقيين ، حتى عام 1956 ، عند عودته من ألمانيا نقل إلى اللواء التاسع عشر عام 1956 بُلّغ بالسفر إلى المفرق ليكون على اهبة الاستعداد لإسناد القطعات الاردنيه إمام التهديدات الإسرائيلية التي كانت سبباً في الاطاحة بالنظام الملكي عام 1958 ، انظم إلى " تنظيم الضباط الوطنيين " عام 1958 ودعا إلى خليته الزعيم العميد عبد الكريم قاسم ، وكان عارف من المساهمين الفاعلين في التحضير والقيام بانقلاب 14 تموز1958 حيث أوكلت إليه تنفيذ ثلاثة عمليات صبيحة الانقلاب ادت إلى سقوط النظام الملكي ، كان يفضل صفة الثائر على صفة الرئيس ، فهو يتسم بشخصية كاريزمية مؤثرة في الاحداث وذو عاطفة وانفعال اثرتا على الكثير من مواقفه الوطنية والقومية وقد اسيء بسبب ذلك فهم مقاصده ، لقد تطورت شخصيته القيادية على مرحلتين :المرحلة الاولى بعد انقلاب 1958 حيث عرفت سياسته بالعفوية والبساطة والثورية شبيه إلى حد كبير بشخصية الرئيس الليبي معمر القذافي في بداية ثورة الفاتح وكثيرا ما كان يحي صديق قديم او شراء بعض متطلبات العائلة عند عودته من عمله وهو في سيارته الرسمية ، او القاء الخطب المرتجلة التي اثارت الكثير من الجدل والتي كان يتفاخر فيها بدوره الرئيسي في تنفيذ انقلاب 14 تموز ، فجراء قيامة بصفحة التنفيذ المباشر لأنقلاب تموز 1958 ، تغيرت شخصيته كثيرا وحاول محاكاة شخصيات القادة والحكام الثوريين وكانت صيحة العصر في مرحلة نشأته في الاربعينيات والخمسينيات ، هي لغة الخطابة الحماسية لذلك النموذج من القادة من امثال كاسترو وستالين وموسوليني وكذلك هتلر علاوة على القادة العرب المؤثرون الذين في بداياتهم سلكوا نفس الخطى في تبني لفة الحماسة في الخطابات المرتجلة كالملك غازي الذي عرف بخطاباته الرنانة التي كان يلقيها من محطة اذاعة خاصة به في قصر الزهور وجمال عبد الناصر والحبيب برقيبة وشكري القوتلي وحسني الزعيم وقادة ثورة الجزائر كأحمد بن بيلا ، اصيب عارف خلال الشهر الاول بعد نجاحه بقلب نظام الحكم الملكي بحالة من الخيلاء بسبب دوره في الحركة جعلته ولو مؤقتا ينفرد باللقاءات الصحفية والقاء الخطب الحماسية ، كما ان هواجسه من كتلة عبد الكريم قاسم بدأت تتعاظم حول بداية قاسم لابعاد الشخصيات الوطنية والقومية وباقي اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين وتقربه من التيارات الشيوعية والماركسية ، وهكذا بدات تتفاقم الهواجس الاخرى جراء التناقض الايديولوجي بين الكتلتين في الحكم ، ذلك الصراع الذي انتهى باقصاء عارف وكتلته القومية واحالته إلى المحكمة الخاصة وسجنه ، والتي خلالها واجه حملات التشهير والنقد اللاذع على اسلوبه في بداية الانقلاب وخطبه الارتجالية ، الامر الذي ادى به إلى تغير ملحوظ في شخصيته التي تركت الاحداث والهواجس بصماتها عليها فاصبح أكثر حذرا واقل ظهورا امام الرأي العام واكثر هدوءً وعمقا في الاحاديث السياسية والفكرية ، أما المرحلة الثانية فهي بعد توليه الرئاسه عام 1963 حيث عرف بشخصية متوازنة ومؤثرة ، حيث اصبح أكثر عمقا وتفهما للسياسة المحلية والدولية ، وبدأ يطرح مبادئه وايديولوجياته عن الاشتراكية الاسلامية ، وكذلك عن عدم امكانية تحقيق الوحدة العربية مالم تتحقق الوحدة الوطنية لكل قطر عربي ، انتمى للتيار العربي المستقل منذ بداياته في الجيش مثأثرا بالشعارات العربية لثورة مايس 1941 وامن بالوحدة العربية التي تستند على الوحدة الوطنية ، كماعرف بالتدين وبالنزاهة والتقشف على الرغم من تحدره من عائلة ميسورة ، وقد عرف الرئيس عارف بمهنيته العسكرية العالية وعرف ايضا اعجابه بالملك غازي والعقيد صلاح الدين الصباغ احد قادة ثورة مايس 1941 ، واعجبه كثيرا التكتيك السياسي لاول انقلاب عسكري في الوطن العربي والذي قام به الفريق بكر صدقي باشا ضد رئاسة الوزراء العراقية عام 1936 مع الابقاء على الولاء للملك غازي ، وكثيرا ما كان مع صديقه الرئيس المصري جمال عبد الناصر يدخل في نقاشات عسكريه وسياسيه حول انقلاب بكرصدقي وثورة مايس 1941ابان الحرب العالمية الثانية ومدى تاثر الضباط المصريين الاحرار بتكتيك انقلاب بكر صدقي والشعارات العربية لثورة مايس 1941 بقيادة رشيد عالي الكيلاني باشا ، عند تنفيذ انقلاب تموز 1952 وبالكيفية التي ابقت على النظام الملكي لمصر وتعيين وصي على العرش بداية الانقلاب كما كان معمولا به في العراق بعد وفاة الملك غازي الاول عام 1939 ، حصل المشير عبد السلام محمد عارف على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية ، كان يهوى التصوير الفوتوغرافي والزراعة المنزلية "أثناء الاقامة الجبرية" ورحلات الصيد والطيران ، على الرغم من أن صنفه سلاح المشاة ، إلا أنه لم تتح له فرصة قيادة طائرة لوحده الا مع طيار ، كان يعكف على قراءة الكتب التاريخية والفلسفية والعسكرية والسياسية إضافةً إلى الكتب الدينية والروايات العربية وكان متابعاً جيداَ للافلام العربية ويعشق المقام العراقي وناظم الغزالي الذي كان يرتبط به بعلاقات شخصية تعود إلى حرب فلسطين عام 1948 حيث زار الغزالي الجبهة للدعم المعنوي للجيوش العربية ، وكذلك كان من المعجبين بمحمد عبد الوهاب وأم كلثوم ، الذان انشدا "لثورات" العراق لاسيما أم كلثوم التي اهدته انشودة "ثوار لاخر مدى" عام 1963 بعد انقلاب شباط ، بعد أن انشدت "بغداد يا قلعة الأسود" بعد انقلاب 14 تموز 1958 ، وكان من محبي الرياضة ومن مشجعي كرة القدم حيث أوعز بعد افتتاحه لملعب الشعب الدولي لاستضافة وتنظيم البطولة الأولى لكأس العرب في بغداد عام 1966 ، كما كان معجباً بشكل خاص باللاعبين قاسم زوية وهشام عطا عجاج ولديه مراسلات خاصة مع الملاكم محمد علي كلاي ، كان يهوى جمع التحفيات والأسلحة الشخصية والمسابح الثمينة والسجاد ، وبسبب دراسته في ألمانيا وسفراته الطويلة والمتكررة لعدد من العواصم الاوربية اتقن بطلاقة اللغة الألمانية وتكلم الإنجليزية ، ألف عددا من الكراسات والمقالات المتخصصة المنشورة في المجلة العسكرية ، أهمها كراسة التدريب العسكري "حرب الاغمار" والتي بقيت تدرس في الكلية العسكرية/الحربية العراقية إلى وقت قريب ، حاز على عدد من الاوسمة والأنواط أثناء سيرته العسكرية لمشاركاته في حرب فلسطين عام 1948 وتفوقة في دوراته داخل وخارج العراق ، كان متزوجا وله خمسة أبناء ، وكان الرجل الثاني من القادة العرب بعد الرئيس جمال عبد الناصر ، قال فيه أبا إيبان وزير خارجية إسرائيل الاسبق "لاامن لإسرائيل بوجود حكام عرب مثل عبد الناصر وعارف " ، توفي الرئيس عبد السلام محمد عارف على أثر سقوط طائرة الهيلكوبتر السوفياتية الصنع طراز مي (Mi) في ظروف جوية سيئة وعواصف ترابية شديدة أدت الى سقوطها وارتطامها بألأرض ومن ثم احتراقها وقد كان يستقلها هو وبعض وزرائه ومرافقيه بين القرنة والبصرة مساء يوم 13 نيسان 1966 وهو في زيارة تفقدية لالوية (محافظات) الجنوب للوقوف على خطط الاعمار .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |