مهزلة:أطباء مصر أمام النيابة العسكرية..!!
 

 

أسامة عبد الرحيم
usama.islamic@gmail.com

إن من ينكر لأهل الفضل فضلهم هو جاحد وجبان بكل المقاييس الإنسانية المتعارف عليها، وأهل الفضل الذين أقصدهم هم ملائكة المعطف الأبيض، هؤلاء الذين باتوا مع الثوار في ميدان التحرير منذ اليوم الأول شباب وشابات مثل الورد ، كانوا مثل نحل الخلية لا يكلون ولا يملون، لن أنسى منظر هذه الطبيبة المحفور في مخيلتي والتى لم اعرف اسمها قط وهي تشق الجموع وتنادي والدموع في عينيها طلبا للمساعدة من اي دكتور بين الجموع الهادرة ، لأن الجرحي والشهداء كانوا كثيريين يوم الأربعاء الدامي وعدد الأطباء لا يكفي والإمكانيات منعدمة، ثم بعد ذلك يتم مكافائتهم بتقديم بعضهم للمثول امام النيابة العسكرية للمحاكمة...!

أتمنى أن يصل هذا الكلام إلى رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، والحكاية كما روتها لي الدكتورة أسماء محمد من الأسكندرية توحي بأن الفساد لا زال متربعاً على عرش وزارة الصحة المصرية، فهل يصدق الدكتور شرف أنه بعد نجاح الثورة ورفع شعار التطهير يتم معاملة اطباء مصر في محافظة جنوب سيناء كما كان يحدث داخل زنازين أقسام الشرطة، وهل برأي رئيس الوزراء يشكل اعتصام عدد من الأطباء في محافظة جنوب سيناء بعد يئسهم وشعورهم بالغبن والظلم والإهانة تهديداً لأمن مصر، إلا أن يكون ذلك قد أزعج الجارة إسرائيل لا سمح الله...!

إن الطبيب في أي دولة تقع على خطوط العرض والطول للكرة الأرضية ينال كرامته في أي مكان يحل فيه لأنه يقدم أنبل خدمة إنسانية في الوجود، أمام الطبيب المصري فهو مستثني من ذلك قبل الثورة وللأسف بعدها أيضاً، يا دكتور شرف ما معنى أن ينهي الأطباء تكليفهم في محافظة جنوب سيناء ثم يتم إنتدابهم إلى محافظات اخرى وبالتالى تظل أسمائهم ومرتباتهم فى نفس المحافظة التى تم كليفهم فيها سابقا بينما عملهم فى محافظة الإنتداب، لماذا لا يتم الإخلاء لهم طالما ان تكليفهم إنتهى وقته، وعندما لم يجدوا صدى لإستغاثتهم لدى أي مسئول في الوزارة اعتصموا فكان جزاؤهم قطع المياه والطعام والكهرباء عنهم، وكأننا نعيد ما فعله النظام السابق بالمتظاهرين في ميدان التحرير قبل جمعة الرحيل والتنحي...!

هل تصدق يا دكتور شرف أنه تم تهديدهم بفض إعتصامهم بالقوة واللجوء إلى العنف، وإنذارهم بعمل محضر وتحويلهم للمثول أمام النيابة العسكرية، والأدهي من ذلك التلويح لهم بشبح عربة الترحيلات التى تنتظر الأوامر لتجمعهم إلى نيابة السويس للتحقيق معهم، هل أخفق الدكتور سامح فريد وزير الصحة الجديد في حل أول الأزمات الإدارية التى تبدو بسيطة، وأين المجلس العسكري من هذه التهديدات الموجهة لخير أبناء مصر والتى تتعارض مع الإتفاقيات الدولية التي تضمن للمواطن حق التظاهر و الإعتصام و الإضراب السلمي، إن أزمة هؤلاء الأطباء ليست فئوية قطعاً بل هي نتاج تعنت إداري واضح وتراخي محافظ جنوب سيناء الذى إمتد إلى مكتب د. محسن النعماني وزير الحكم المحلي ووصل ظله إلى باب رئيس الوزراء د. عصام شرف .

وبما أن شعار "الشرطة في خدمة الشعب" لا يسري على فئة الأطباء باعتبار أنه لم يثبت وراثيا ولا حتى بتحاليل الحامض النووي (DNA) أنهم من فئات الشعب المصري، فقد حضر مدير الامن إلى مقر إعتصامهم وقام بمسك احد الاطباء من لياقة القميص لتوقيفه ، ولا أدري هل كان مدير الأمن مغرماً بأغنية "قوم أقف وانت بتكلمني" التى تعلمها من العادلي، أم لأن الأصوات في جنوب سيناء بعيدة عن القاهرة تحدث مدير الأمن مع الطبيب باسلوب " ياولاد التيييييت" وأبلغ المعتصمين – مشكوراً- بعمل 5 محاضر لخمسة منهم سيمثلون أمام النيابة العسكرية في الغد.

يا دكتور شرف لقد تم قطع كل وسائل الإعاشة والحياة عن الأطباء المعتصمين ووصل الأمر إلى رفض توصيل العلاج لهم وفيهم مريض القلب و السكر و المصاب بحساسية الصدر، والمصيبة أن بعضهم حالته خطيرة جراء نفاذ الأدوية الشخصية معهم، وبعضهم فقد أهله الإتصال معه جراء نفاد شحن بطارية الموبايل، بربك يا دكتور شرف أخبرنا ما الذي يحدث في جنوب سيناء..وهل هذه تعهدات حكومتك لمصر ما بعد الثورة...؟!

نحن نطالب بسرعة تدخل المجلس العسكري وتدخل رئيس الوزراء ومحاسبة جميع المتورطين والمسئولين في هذه الفضيحة، ومن كان لا يستطيع قيادة وزارة بحجم وزارة الصحة يتعامل معها جميع المواطنين قبل الأطباء من جميع الفئات فليتركها وليرحل مشكورا قبل أن يغادرها مجبوراً، أم هل يحتاج الحل إلى اعتصام عام وواسع يبدأ في نقابة الأطباء بالقاهرة ويصل صداه الى شلل جميع المستشفيات في شمال وجنوب مصر ، وذلك أبسط رد وأكثره ديمقراطية وتهذيباً على الإهانات الموجهة للأطباء الشبان العزل المعتصمين في جنوب سيناء.

إن تصاعد ازمة هؤلاء الأطباء الشبان تنذر بفتح ملف الفساد في وزارة الصحة والذى لا يرغب الدكتور شرف بفتحه الآن ، فمعظم اطباء وزارة الصحة والعاملين فيها لم يقبلوا منذ البداية بإختيار الدكتور اشرف حاتم وزيرا لهم ، وهو الذى بدأ عهده بتعيين مستشارين للوزارة اغلبهم أصدقاء ومعارف يتعدي راتب كل منهم المليون في السنة، ويرفض الإجتماع بالأطباء للتواصل وحل الملفات العالقة وتحسين اداء الوزارة التى يتعامل معها 85 مليون مصري، ولماذا لا يستقل وزير الصحة اشرف حاتم السيارة التى منحها له الشعب ويذهب إلى محافظة جنوب سيناء لحل المشكلة سلمياً...؟!

ولماذا رفضت يا دكتور عصام بصفتك رئيس للحكومة مقابلة اللجنة التى شكلتها الجمعية العمومية والمكونة من 6 أطباء ثلاثة منهم من الشباب، ولماذا يترك ملف الأطباء ومعاناتهم مع التعنت الإداري إلى الحد الذى وصل بهم إلى درجة إغلاق مستشفى الدمرداش في القاهرة وتعدي البلطجية عليهم في السويس واخيرا حصارهم في جنوب سيناء، وأكرر سؤالي إلى الدكتور شرف..هل الطريقة التى تم التعامل بها مع اعتصام الأطباء في جنوب سيناء تجعلنا نستبشر خيرا بأننا بعد ثورة 25 يناير على الطريق الصحيح لأن نكون بلداً متحضراً وحكومة محترمة..؟!


 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com