ماذا وراء استهداف الإسلام مجدداً في الغرب ؟
 


د. صالح بكر الطيار
listmaster@adel-mahmood5.com

بعد احداث الحادي عشر من سبتمر 2001 شاعت في الغرب موجة من العداء للإسلام دون تمييز ما بين المسلمين الذين يحثهم دينهم على رفض العنف والقتل ، وما بين من يتستر بالإسلام لأغراض سياسية ومصالح خاصة . ولقد ادرك الغرب لاحقاً حجم الخطأ الذي ارتكبه عندما عمم العداء ضد المسلمين فعمد الى القيام بحملات دبلوماسية وأعلامية لتصحيح صورة الإسلام لدى الغربيين وصورته هو التي تشوهت في أذهان المسلمين . وبعد مرور نحو العقد ظن الكثيرون ان الأمور قد اعيد تصويبها وأن ما اعترى العلاقات الغربية – الإسلامية من سوء فهم قد انتهى الى غير رجعة ، وأن هناك انماط جديدة من العلاقات قد تم التأسيس لها على قاعدة الأحترام المتبادل من قبل كل طرف لقناعات وأيديولوجيات ومبادىء الطرف الأخر . ولكن يبدو ان الغرب لا يجيد إلا ممارسة سياسة العداء للأخر إذا ما استدعت مصلحته الضيقة ذلك عملاً بالمبدأ الذي كرسه ميكيافيللي في القرن الخامس عشر والذي يقول " ان الغاية تبرر الوسيلة " . فبدون أي اسباب موجبة تجددت الأعمال العدائية للإسلام والمسلمين في اميركا وبعض الدول الأوروبية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الوقائع التالية : • نفذ في الولايات المتحدة الأميركية الواعظ الأمريكي تيري جونز تهديده الذي سبق وأطلقه قبل اشهر وأشرف شخصياً على عملية حرق المصحف أمام حشد يضم نحو 50 شخصاً في كنيسة في فلوريدا وقد نقلت عدسات كاميرات التلفزة المشهد المخزي الى العالم اجمع . • وفي بريطانيا اعتقلت الشرطة عضوا بارزا في «الحزب البريطاني الوطني» يدعى ساين اوينز بعدما أحرق نسخة من القرأن الكريم في حديقة منزله .وكشفت عن هذه الواقعة صحيفة «اوبزيرفر» التي قالت إنها حصلت على شريط فيديو يظهر فيه ساين اوينز وهو يصب الكيروسين على المصحف ويشعل فيه النار بحديقة منزله. • وفي فرنسا جرت حلقات نقاش بشأن الإسلام والعلمانية بدعوة من الرئيس نيكولا ساركوزي تحت شعار التقليل من مخاوف الفرنسيين من المسلمين الذين يصلون ايام الجمعة في الشوارع المحيطة بالمساجد والذين برأي ساركوزي يرتدي بعض نسائهم النقاب بما يتعارض مع مبادىء العلمانية . وإذا كانت الواقعة الأولى لا يمكن وضعها إلا في خانة عمليات التحريض على الدين الإسلامي التي تقوم بها حركات صهيونية بخلفية عنصرية متطرفة ، فإن الواقعتين الأخرتين لا يمكن فهمهما إلا انهما انجزا لأغراض سياسية ذات مصالح ضيقة . فالحزب البريطاني الوطني من الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تكن العداء للأجانب بشكل عام وللعرب والمسلمين بشكل خاص . وهذا الحزب هو امتداد لأحزاب يمينية اوروبية مشابهة في هولندا والدانمرك والسويد وفرنسا وإيطاليا وغيرها . والمرشح للإنتخابات المقبلة في بريطانيا المدعو ساين اوينز لم يجد من وسيلة لتعزيز فرصه بالفوز إلا من خلال الأقدام على حرق القرأن الكريم بخلفية ان مثل هذا العمل سيؤمن له اصوات الناخبين من اليمين المتطرف . ولنفس الهدف السياسي دعا الرئيس ساركوزي الى نقاش بشأن الإسلام والعلمانية بعد ان بينت استطلاعات الرأي انه يأتي في المرتبة الثالثة في الدورة الأولى من الإنتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2012 حيث يحتل مرشح اليسار المرتبة الأولى والمرشحة مارين لوبان زعيمة " الجبهة الوطنية " اليمينية المتطرفة الدرجة الثانية مما يعني احتمال خسارة ساركوزي أي امل بولاية ثانية . ويبدو ان الرئيس ساركوزي ، ومن اجل تحسين شعبيته ، لم يجد من وسيلة سوى تبني طروحات اليمين المتطرف التي تنتقد اقدام المسلمين على صلاة الجمعة في الشوارع المحيطة بالمساجد والتي ترى ان المسلمين في فرنسا والبالغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة لم يتأقلموا مع النظام العلماني الرافض لإرتداء النساء النقاب . وبذلك تخلى الرئيس ساركوزي عن وسطيته وإنحاز لأسباب سياسية بحتة الى جوقة المعادين للإسلام والمسلمين رغم علمه المسبق ان الذين يصلون الجمعة في الشوارع المحيطة بالمساجد انما يفعلون ذلك بسبب ضيق المساجد من استيعاب اعدادهم ، ورغم علمه ان النساء المنقبات في فرنسا لا يزيد عددهن عن الألف امرأة على ابعد تقدير . وهكذا بدا ان الإسلام تحول الى سلعة في الحملات الإنتخابية دون ادنى اعتبار لما من شأن ذلك ان يسيء الى العلاقة مع دول العالم الإسلامي ، ودون ادنى احترام لمعتقد ديني يمس اكثر من مليار مسلم في العالم .


 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com