|
هادي جلو مرعي سيفرح كثيرون بإنهيار نظام الحكم في سوريا,ولعل إسرائيل ستبتهج أكثر من سواها,فلطالما كانت دمشق مصدر قلق للدولة العبرية,ومن عقدين من الزمن على الأقل. \\بعض العرب لايحب نظام الأسد, ومنهم من بدأ يقدم الدعم لأي حراك في الساحة السورية,وليس مهما نوع ذلك الحراك ,إن كان طائفيا ,أو سياسيا,وحتى الإحتجاج البسيط في الشارع ,على أمل أن يتحول الى كرة ثلج تكبر رويدا. عندما سقطت الأنظمة الشمولية في نهايات القرن الماضي ,كان الرابح الأكبر هو النظام الرأسمالي الذي وجد إنه تفرد بالعالم ,وبدأ بتمرير سياساته الخاصة,ومد نفوذه الى المناطق التي كانت جزءا من مساحة النفوذ السوفيتي الزائل.ووجدت أنظمة عربية إنها مكشوفة الظهر ,ولم يعد لها من ناصر في مواجهة الغرب المساند لإسرائيل ,وبقيت الحكومات العربية الموالية لأمريكا على حالها السابق لكنها طورته فيما بعد خاصة مع إنهيار نظام صدام حسين الى حال الولاء المطلق لواشنطن ودون تردد أو خجل كان باديا على سلوكها إبان المد القومي ,أو حين كانت شعارات النهضة تنطلق من مراكش وحتى البحرين ,وتجد صداها في كل العواصم العربية التي كانت تهتف بالموت للكيان الإسرائيلي الغاصب,وضعف حضور القضية الفلسطينية في وجدان العرب بعد أن حاروا في مصائب جديدة لم تكن في البال. بعد إنكسار العراق في حرب تحرير الكويت ذهب العرب الى مؤتمرات السلام مطلع تسعينيات القرن الماضي,وبدأوا بدفع الفلسطينيين الى مزيد من التنازلات,لكن فريقين عربيين بدا إنهما سيشكلان خارطة سياسية عربية مغايرة للمألوف,فدول المواجهة صارت جزءا من المنظومة المدعومة من واشنطن,وإنحازت دول عربية ومنها سوريا الى فريق الممانعة الذي صار الضد النوعي لفريق الإعتدال,ودخلت في الفريقين عواصم عربية ,إتخذت من قضية فلسطين ممرا الى قلب الولايات المتحدة الامريكية النابض بهوى إسرائيل. مايزال العرب برغم كل التغيرات التي عصفت بهم مطلع العام 2011 جزءا من فريقي الإعتدال والممانعة ,ولم يعد من الصعب معرفة الى أي الفريقين تنتمي هذه العاصمة العربية ,أو تلك,ويعرف المثقفون كذلك بمجرد النطق بأسم البلد العربي. إنهارت مصر وتونس ,وهاهي اليمن تكاد أن تلحق بهما ,بإنتظار ماسيحدث في المستقبل القريب,وهي دول كانت جزءا من منظومة الإعتدال المدعوم أمريكيا وأوربيا,وبقي الحديث عن مرتكز الممانعة العربية في وجه الحل المذل لقضية فلسطين والداعم الرئيس لحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين,سوريا التي يراهن الغرب عليها لضبط إيقاع الحركات المتمردة والرافضة لنفوذه,ويخشى لو إنهارت ان يفقد أهم الأعداء الضابطين لإيقاع الحراك المناوئ الذي قد يتحول الى تسونامي لايصد ولايرد ,والتعويل على إنهيار سوريا حماقة لايجب أن تمر لأنها ستثير عواصف التمرد في أماكن عدة ليس من السهل مواجهتها,وستحتاج الدول الغربية الى معجزة لمعرفة كيفية الوصول الى مكامن القوى والحركات المضادة في العالم العربي سوريا في هذه المرحلة بلا بديل ,عدا عن أن الغرب ليس له أن يفرط بالحكم السوري لمجرد نيل رضا أنظمة تابعة له مأتمرة بأمره,ثم إن النظام البديل في سوريا كما في اليمن وليبيا ليس واضحا ما إذا كان سينضم الى مجموعة الدول الموالية أم إن تنظيمات دينية ستستولي على السلطة فيها,فالأخوان المسلمون المتحفزون في مصر مثلا لهم نظراء في سوريا وهم أكثر رغبة في قلب الطاولة ,عدا عن وجود نزعة طائفية بين السنة والعلويين وقومية بين العرب والكرد ,والذين بدأوا رويدا ينساقون الى العاطفة المدمرة,وهو مالايتيح للغرب الراحة في إدارة الأمور. يبدو إن العرب بوعي أو بخلافه يسيرون الى الهاوية ,إسرائيل مبتهجة ,وحكومات عربية تتفكك وتأخذ بشعوبها الى دائرة التقسيم المذهبي والقومي,وسنجد إن أزمة المياه والموارد الطبيعية الأخرى ليست وحدها من ستضرب خاصرة العرب ,بل إن معها أزمة التقسيم والتوغل الإسرائيلي في عمقها الممزق,وكل الدول العربية بلا إستثناء تستعد لدخول نادي الدول المقسمة خلال سنوات قليلة مالم تجر الرياح بما لاتشتهي نوايا الإسرائيليين والغرب الحليف لهم ,ومالم يتنبه العرب لشر قد إقترب,وكفاية ياعرب نلعب بذيل الكلب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |