|
حامد كعيد الجبوري
فلو أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي قبل أيام قلائل نشر لي موضوعا على الصفحات الالكترونية بعنوان ( من الهدم الى الهدم ) ، ومن المؤكد أن القائم على السلطة لا ينظر هكذا توافه من المواضيع الوطنية الجادة ، لأن بحساباته الورقية والعددية والمالية لا يجيد قراءة مثل هكذا مواضيع ، اليوم صباحا خرجت من داري على غير هدى ، ليس لي برنامجا محددا أقضيه ، كباقي أيامي التي ذهبت ، وأيامي القادمة أن كان لنا في العمر بقية ، لا مقهى ولو واحدة تؤوينا ، لا منتدى ثقافي ، لا تجمع معرفي ، لا نادي رياضي ، لا مسرح ، لا بيوت موسيقية ، أذن سأتنقل من محل صديق لآخر . المحطة الأولى:- كانت المحطة الاولى محل صديق شاعر خطاط ، ومحله بسوق غير متخصص ، باعة سكائر الجملة ، باعة أجهزة الموبايل ، محلات بيع المواد الغذائية ، يتوسط هذا السوق فرن ( للصمون ) ، وعلى ذكر السوق فأن هذا السوق أستملك من بلدية الحلة ومن أصحابه الشرعيين وحولته لساحة واسعة على أمل تجميل مركز مدينة الحلة ، وبالطبع كان هذا عهد الدكتاتورية ، ولأن كل فعل للدكتاتورية وخاصة أن كان به مردودا ماليا فأن أحزابنا العتيدة والعنيدة عليها أن تستفيد غاية الفائدة من مخلفات الدكتاتورية ، لذا فقد أعيد بناء هذا السوق على طريقة ( المساطحة ) ، وأجر من أهل المال التجار الجوف كما يسميهم الشاعر موفق محمد ، ونحن نتجاذب أطراف الحديث مع صديقي الشاعر الخطاط ، بدكان مساحته 2 في 2 م ، وإذا بصوت انفجار مدوي ولهبة من النار كادت تصل بلهيبها لمحل جلوسنا ، هرع الناس وأنا منهم هربا من تلك النار متناسين من بقي موجودا داخل فرن ( الصمون ) ، ومن حسن الصدف أن سيارة الإطفاء قريبة لأن قسم الدفاع المدني أتخذ من بناية عائدة للبلدية مقرا له ، حمدنا الله أن لا خسائر بشرية سوى خسائر مادية بفرن ( الصمون ) ومحتوياته ، وعرفنا أن مادة النفط التي زود بها هذا الفرن مضاف له كمية من الماء أدى لانسداد عيون ( الحراقية ) الكبيرة التي تستخدم لتسخين أرضية الفرن ، ودعت صاحبي بعد أن حملنا بلدية الحلة ، لمنحها أجازة فرن بمكان تجاري مزدحم ، ومديرية النفط بل وزارة النفط لعدم مراقبتها المنتج المحلي السئ . المحطة الثانية:- مكتبة لصديق أديب ومترجم قريبة لمحل صاحبي الذي غادرت ، سلمت عليه وبدأنا أطراف حديثنا كل يدلي بشكواه ومبتغاه ، قلت أين كنت أمس ؟ ، قال في بغداد لمتابعة معاملة خطف أخي ؟ ، طيب والى أين وصلت وتوصلت ؟ ، قال أحالتني مديرية الأمن الجنائي الى الأدلة الجنائية ، للتعرف على جثث المجنى عليهم ، وهي في مدينة الطب ، ذهبت هناك ، سلمت كتابي لأحد الموظفين ،اصطحبني لقاعة كبيرة فيها أكثر من خمسون جالسا وهو يتطلعون لشاشة كبيرة أمامهم يعرض فيها أجسادا مزقتها السيوف ، أو الرصاص ،أو النار ، رؤوسا بلا أجساد ، وأجسادا بلا رؤوس ، والناس تطلع لهذه الصور اللا إنسانية ، نساء تبكي بصوت مسموع ، ونساء تولول وتعول ، ورجال يخفون دموعهم ، يقول صاحبي لم أستطع أكمال رؤية تلك الصور ، وذهبت للموظف الذي سلمته كتابي وقلت له أعطني جوابا للكتاب ، قال الموظف هل رأيت الصور جميعها ، قلت نعم وأنا أكذب طبعا لأني لم أستطع أكمال متابعة هذه البشاعة ومن جلبها ، قال لي أنت ما عندك ؟ ، أجبته لاشئ يذكر ولكن هناك تساؤل بودي أن أطرحه للنقاش ، أجاب تفضل ، قلت أيام الحرب مع إيران ومقتل أغلب ضباط الجيش العراقي ومراتبه ، واستحداث وحدات عسكرية جديدة لديمومة الحرب ، وجد صدام أن عدد الضباط يتناقص فكيف له أن يستمر بحربه بل حروبه ، وبما أن نواب الضباط هم نواب للضباط ، إذن يمكن منحهم رتبا عسكرية للرفاق الحزبيين ممن أنهى الدراسة المتوسطة ، وفعلا أصدر الطاغية أوامره بذلك ليزيد أعداد الموتى من الضباط والعسكريين ، وكنا نتحدث نحن عن هذه التصرفات اللا قانونية ولا دستورية ، سقط النظام وزمره وجاء القادم مع الدبابات الأمريكية ، وصوّت الناس لدستور لا يعرفون ماهيته وخطورته ، ومن خلال هذا الدستور الذي وضعته أحزاب السلطة مقاسا لها ، بدأ منح الرتب العسكرية لمن هب ودب ، كل الأحزاب بلا استثناء قدمت أسماء لجهلة لا يحملون أي شهادة معينة ليمنحوا رتبا عالية جدا ، ومنهم من دمج مع القوات المسلحة ومنهم من أحيل للتقاعد ، ومنهم من أدرج ضمن دائرة مستحدثة تسمى دائرة شؤون العسكريين . مما تقدم ومن غيره نخلص الى ان القادم الجديد لم يكن له مع صدام حسين خلافا فكريا أو عقائديا أو غير÷ ، بل هو خلاف منفعي شخصاني ليس إلا .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |