سماحة الشيخ الرياضي

 

هادي جلو مرعي

hadeejalu@yahoo.com

يدرس في المعهد الأزهري بضاحية من ضواح القاهرة,يحفظ القرآن ,ولم يتبق له سوى القليل من أجزاء ليتم الحفظ, لايملك هاتفا ولاجهاز تلفاز,ولايستخدم الأنترنت على الإطلاق,يتناول طعامه عند صديقه صابر,الذي يهيأ ( المسقّعة), ويشتري تذاكر مباريات كرة القدم,ويجهزسيارات لنقل المشجعين ومن بينهم حذيفة محمد الحفناوي بطل موقعة الجلابية الشهيرة التي إندلعت في ملعب القاهرة الدولي قبيل إنتهاء مباراة الزمالك المصري والأفريقي التونسي الذي ظفر بالنتيجة ,ليتلقى لعنات الفراعنة المندفعين من زوايا الملعب الكبير.

كان ليل السبت الثاني من أبرل الماضي حافلا بالذكريات والمشاعر الجياشة والتهم الجاهزة,الشيخ الازهري الشاب المولع بكرة القدم وبالزمالك المصري مثلي ,كان همه أن يقبّل حارس المرمى المفضل لديه ,وأحد المدافعين والمدرب,وفي تلك الليلة ذهب الى الملعب مرتديا الجلابية وهي لباس مشهور في مصر ويعتقد على نطاق واسع إن 70% من المواطنين في ذلك البلد يضعونه على اجسامهم,كان المشجعون يخوضون في الملعب مباراة تخريب لن تمحى من ذاكرة المصريين ,حين حطموا كل شئ بل ( لم يستثنوا شئ) كما كان يلهج الإعلامي العراقي فيصل الياسري في برنامج ( الملف) تسعينيات القرن الماضي ,حين دمرت طائرات التحالف كل شئ في العراق,من أجل حمل النظام العراقي على الإنسحاب من الكويت.

دخل الشيخ الشاب الى وسط الملعب يبحث عن الحارس المفضل الذي بقي في الساحة ليمنع جمهوره من الإعتداء على فريق الشراكة الثورية التونسي,وكانت جلابيته تخط الأرض وهو ممسك بها كي لاتوقعه ارضا كما كان الفنان المصري المشهور محمد رضا يفعل غالبا في أفلامه ومسلسلاته الدرامية,لم يكن الشيخ حذيفة يظن لوهلة إن الكاميرا التلفزيونية  تجري خلفه وهو يركض مشدوها حائرا لايلوي على شئ سوى سذاجته التي لم تخلصه من عباقرة الصحافة المصرية,ففي اليومين التاليين كتبت أشهر صحف القاهرة إن الشيخ كان يمسك بجهاز الموبايل في جيب الجلابية ويتلقى التعليمات من أزلام النظام السابق ليوجه الناس على التخريب وونشرت صحيفة أخرى إن الشيخ كان يحمل سيفا بيده,لكن الصورة تثبت إنه لايحمل لا سيفا ولاجهاز موبايل.

الصحافة المسكونة بنظرية المؤامرة بحثت عن خيوط تربط مثيري الشغب في الملاعب المصرية بالنظام السابق ,ولم تجد سوى العبد الفقير لله سماحة الشيخ الرياضي حذيفة محمد الحفناوي الذي لايجيد إستخدام الموبايل ولايعرف السيد أنترنت ,ولاعلاقة له بالتقنيات الحديثة ,ولايمك تلفجن في بيته المتواضع بضاحية القاهرة.

الصحافة صنعت من الشيخ البسيط نجما لامعا ,يتلقى الأسئلة مشدوها ,وتطارده كاميرات التلفزيون ,وتستضيفه القنوات الرياضية’ ليتحدث عن تجربته الحضارية الممتدة من أهرامات الجيزة الى ملعب القاهرة ,ومن خوفو العظيم الى عبد الواحد السيد نجم الزمالك المصري,الصحافة ترتكب الأخطاء وقد لاتشعر وتصنع النجوم ,وتورط بسطاء الناس,الفرق الوحيد إن الصدفة هي التي دفعت المصور التلفزيوني لتسليط كاميرته على جلابية الشيخ الرياضي.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com