تغتصب باسم الزواج


ناجي لطيف العسكري

naseria2010@gmail.com

لوحظ في الفترة الأخيرة كثرة الزيجات من فتيات في عمر الزهور يتزوجاً خارج المحكمة لان القانون العراقي يعتبرهن قاصرات ولا يحق لهن الزواج حتى بموافقة الأهل وعند رجوعنا إلى أصل هذه العادة وجذورها في العراق فوجدت هذه البدعة التي أصبحت ألان واجب لها جذوراً عميقة وخصوصاً في الحضارات العراقية القديمة ، فقد شجع سكنه وادي الرافدين في العديد من الحضارات الزواج المبكر فقد كان يعتقد أن الولد الذي ينشأ من زوجين قاصرين يكون ذو بأس وقوة وهذا ما احتاجت له الحضارات القديمة لأنها تحتاج إلى مقاتلين يدافعون عن حصونها ورجل يحرثون ويزرعون أراضيها فكان تشريع حمورابي يحض على الزيجات المبكرة من أجل أنجاب الذرية العديدة لزيادة عدد الأفراد ودخولهم نطاق الخدمة الحربية في حال التعبئة القتالية والحروب ضد المماليك والدويلات آنذاك.‏

وفي زمن النظام السابق أخذت هذه الظاهرة بازدياد وتوسع الرقعة الجغرافية لهذه العادة نتيجة عدة عوامل ومؤثرات كالاقتصاد والعادات والتقاليد والانحطاط الثقافي والاجتماعي ويمكن القول أن هذه الظاهرة موجودة كثيراً في مجتمعاتنا لأسباب عديدة قد تكون إحدى الأسباب التي ذكرناها لكن يجب علينا أن نعي تماماً إذا كانت النية من الزواج المبكر لدى العديد من الإباء هو كبح احتياجات الفتى والحفاظ علية من الوقوع في الأخطاء وخصوصاً في فترة المراهقة يدفعهم إلى تزويجه ولكن في هذه الحالة يمكن لأهل الفتى أن يجتازوا هذه المشكلة ولكنهم قد يقعوا في مشاكل اجتماعية وعائلية عديدة لا تحمد عقباها منها عدم قدرة الفتى على تحمل مسؤولية زوجته والأعباء المترتبة عليها من الإنفاق والرعاية الجيدة ناهيك عن المنعكسات السلبية المرضية الجسدية التي قد تصيبها نتيجة عدم قدرة جسدها على تحمل الحمل التي يمكن فيها أن تضع مولوداً يحمل تشوهات جنينية وخلقية ، وأشار آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة ( اليونسيف ) إلى انه في كل عام تموت أكثر من خمسمائة ألف امرأة في العالم خلال مراحل الحمل ، وان سبعين ألفا منها تحدث بين الفتيات المراهقات والشابات بين أعمار 15 إلى 19 عاما .

كما أن الزوج يمكن أن يكون قاصر التفكير وتصرفاته تجاه زوجته تكون طائشة وعبثية يمكن أن تتولد مشاكل قد تصل إلى حد الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله وقد يزداد انحراف الفتى بعد الطلاق أكثر بكثير لو لم يتزوج.‏ يولد بذلك فتى أو فتاة مليئان بالعقد . ويتخذ الأهل طرق غير قانونية من اجل إكمال الزيجة عن طريق شخص يسمى ( ملة ) وهو رجل دين أو (سيد) من اجل عقد القران لتبدأ حياة الجحيم لشخصين المتزوجين فالفتى لا يستطيع توفير احتياجات زوجته مادياً وحتى جنسياً ولاعتماد على أسراته من اجل توفير مستلزماته ومستلزمات زوجته ليصبح الفتى بين ليلة وضحاها رجل علية مسؤوليات والتزامات لا يستطيع التعايش مع هذا الوضع لتكون النتيجة المتوقعة الطلاق وحتى وان تحمل الفتى كل هذه الظروف تصبح الفتاة في خطر فجسمها وعمرها لا يتحمل الولادة فالمخاطر الكبيرة التي تنتج عن الزواج المبكر للفتيات قبل سن البلوغ عالية الخطورة. لان تكوين الفتاة الجسدي لا يكتمل قبل هذا العمر، ناهيك عن تعويق النمو العاطفي والانفعالي الذي لا يساعدها على تحمل مسؤوليات الزواج والأسرة فقد لا تتم حملها بفترته المحددة لأسباب فسيولوجية تتعلق بالضعف أو النحول ، وقد تتعرض للإجهاض المتكرر.. وتصاب بفقر الدم خاصة خلال فترة الحمل ، كما تزداد نسبة الوفيات بين الأمهات الصغيرات.. بنسبة اكبر من الأمهات العاديات، وذلك لقلة الوعي والمعرفة بالتربية وأمور التغذية هذا عدا المخاطر النفسية التي تتعرض لها الفتاة التي تتزوج قبل سن البلوغ، فالفتاة في مرحلة المراهقة لا تستطيع أن تبدي رأيها في أمور حياتها الزوجية بثقة وارتياح خاصة بعد حرمانها من التعليم ومن تعلم مهارات الحياة بشكل عام.. سواء في مجال العناية بالأسرة، والزوج والأطفال أو بالتعامل مع محيطها الاجتماعي والزج بها في آتون الزواج المبكر وهي مازالت غارقة في أحلام الطفولة. هناك دوافع ومبررات اجتماعية لمثل هذا الزواج فقد تعتبر الأسرة الفقيرة الفتاة الصغيرة عبئاً اقتصادياً وترى إن زواجها ضرورياً لتخفيف العبء عنها وتفكر العوائل بتوفير الحماية لها وجعلها في ذمة رجل يحفظها ويصون عرضها وبذلك تستريح من هم التفكير بمسؤوليتها وترتفع معدلات زواج الفتيات أكثر من الفتيان.. حيث أن الفتاة تتزوج بعمر اصغر عادة من الرجل.. لذا نرى أن الزواج المبكر يزداد بين الفتيات وتحرص العوائل على تزويج بناتها بهاجس الخوف من التعرض لشرفها أو الخوف من العلاقات المريبة مع الأولاد خاصة بعد انتشار الموبايل والتأثر بالفضائيات والعلاقات العابرة التي تستعرضها المسلسلات الدرامية في وسائل الإعلام المتاحة في البيوت .

ودائماً ما يصاحب الزواج المبكر ترك الدراسة لفتيات لتتفرغ إلى الحياة الأسرية الجديدة وغالباً ما يطلب منها ترك الدراسة وهذا بحد ذاته صدمه إلى الفتاة التي تحلم أن تصبح شي مهم من خلال أكمال دراستها فتتحطم أحلامها محطمتاً بذلك كل شي في حياتها فهنالك نساء تخون أزواجهن انتقاماً من ذلك الزوج الذي حطم حياتها وسلب منها طفولتها ، ونتيجة عمرها الصغير فإنها تتهم بنقص خبرتها وهذا ما يدفع الأهل والأقارب لتدخل في كل تفاصيل حياتها وبذلك تنشى حياتها الزوجية على أساس خاطئ .

الزواج المبكر ظاهرة شائعة ليس في العراق وحده بل هناك تقارير صحفية تشير إلى انتشار الظاهرة في مناطق كثيرة من العالم العربي والإسلامي لتشابه الظروف الاجتماعية والاقتصادية في هذه البلدان وفي مجتمعنا العراقي ما زالت اغلب العوائل ترغب بتزويج بناتها وأولادها مبكراً... وهم يعللون ذلك بقناعة تقليدية يلقونها على الظروف التي تعصف بالمجتمع العراقي ويرون أن تزويج البنات في سن مبكرة تأتي من باب المحافظة عليها والتخلص من مسؤوليتها، في هذا الظرف العصيب.

وفي كل هذه العوامل والظروف التي تمر في الأسرة العراقية التي أصبحت ألان الأسر متفككة وتعيش نوعاً من الحياة البائسة بعدما كانت الأسرة اطمئناناً لفرد والوعاء الذي يحتوي كل مشاكله الخارجية أصبح لان هو مصدر المشاكل ما يدفع الفرد إلى الخروج من هذه الجحيم إلى أماكن يعتقد بأنها سوف تعيد له القليل من الراحة النفسية.

وكنتاج لهذه الأخطاء الأسرية والمورثات الاجتماعية نجد كثرة حالات الطلاق في المحاكم وبعمار صغيرة جداً وهذه حالة خطيرة وخصوصاً في مجتمعنا الشرقي والنظرة السلبية لمرآة المطلقة والمشاكل المترتبة على الطلاق وبذلك أنتجت أمرآة مدمرة من أخطاء لا تتحملها سواء كونها أمراه في مجتمع رجالي ، رغم كل التطور ولكن بقت النظرة الدونية لمرآة وكيف أن العادات والتقاليد تلعب دور أساسي في حياتي كل فرد حتى الإنسان المثقف الذي يعتبره البعض مثلاً لتحضر ونبذه لعادات والتقاليد بينما هو متمسك بهذه العادات والفكر الشرقي بخصوص المرأة .
 

 

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com