العراق يتنفس,العرب يختنقون!
 

هادي جلو مرعي
hadeejalu@yahoo.com

لم تنفع الجهود الحثيثة التي بذلتها حكومات عربية تشهد بلدانها إضطرابات وتصاعد في العنف وإحتجاجات مطالبة بالإصلاح السياسي أو المشاركة في صناعة القرار ,عدا عن المطالبة بحقوق مشروعة في مجال التوظيف والخدمات العامة,لم تنفع تلك الجهود التي بذلت بعيد الغزو الأمريكي للعراق القادة العرب في دفع التأثير الذي ظنوه سيقوض وجود سلطانهم المتعاقد مع الزمن في دورة لاتنتهي إلا بالموت أو بتدخل خارجي كما حصل مع نظام صدام حسين.

عملت البلدان العربية المعنية على تقويض جهود إرساء الديمقراطية في العراق, ومنع أي تقدم في مجال البناء والإعمار والمشاركة السياسية وإنهاء الوجود الامريكي في وقت مبكر خاصة وإنهم لم يمانعوا وبعضهم ساعد في دخول قوات التحالف الدولي الى بلاد الرافدين,ثم إنهم عجزوا عن التفاعل والتصالح مع تغيير شهدته بغداد لم يوائم تطلعاتهم في عراق لايخرج عن دائرة الحكم العربي التقليدي الجامد المعطل لطموحات الشعوب العربية المحتقرة والتي تثور الآن مثل براكين نيوزلاند وأندونيسيا ولايوقف جبروتها كل آلة القتل والتدمير والإبادة.

كانت الحكومات العربية تخشى إنتقال عدوى الديمقراطية الى عواصمها لتكشف تطلعات شعوبها الى الحرية ,وفي سبيل هذا مارست التضليل الإعلامي ودعمت الإرهاب بكل وسائل الدعم, وصارت تدفع الحثالات من البشر من أصحاب اللحى المشذبة على طريقة بن لادن الى الداخل العراقي ليفجروا الأسواق والبيوت ويهجروا الناس ويبذروا الطائفية بأبشع صورها حتى خشينا من ذهاب الآمال في عودة العراق الى وضعه الطبيعي كجزء من المنظومة الإنسانية.كل ذلك من أجل إغراق الآلة الأمريكية في المستنقع العراقي ,ورفض القادة العرب الإعتراف بحكومة بغداد وعدوها فاقدة للشرعية بسبب وجود الإحتلال مع إن الوقائع تثبت بالدليل إن جميع البلاد العربية محتلة والكذاب وحده من يدعي عدم قدرة أمريكا في التأثير عليه أو إنه غير منساق لسياسة واشنطن.

بعد سقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وإنتقال الثورة الى مصر واليمن ,خرج العقيد العتيد أبو خميس القذافي بفتوى تأجيل قمة العرب التي كان مزمعا لها أن تعقد نهاية مارس 2011 بدعوى إن العراق بلد غير آمن ويشهد مشاكل أمنية وسياسية وبالفعل أجلت القمة ,وكما في الأساطير القديمة وفي غفلة من التاريخ تنتفض الشعوب العربية من المشرق الى المغرب لتبحث عن هواء جديد بعد أن ملت بقاء حكامها لثلاثين وأربعين عاما ,ولم يكن القذافي المولع بذكرى صدام حسين إلا أول من يثور عليه شعبه بالسلاح والصواريخ وإستعدى عليه المجتمع الدولي ,ثم دخلت الجامعة العربية كطرف في الصراع عدا عن إعلان بلدان عربية مشاركتها في الجهد الدولي لكبح القذافي,وأخذ الإعلام العربي الرسمي والآخر المستقل لكنه ممول من الحكومات يضرب يمينا وشمالا وفي كل الجهات ,وأخذ العرب يتخبطون في تلك المواجهة, وثارت العداوة كما في اليمن وليبيا ومصر وتونس وسوريا ضد الإعلام الممول من حكومات الخليج التي هيجت الشارع القاهري والصنعاني والطرابلسي والدمشقي ,مادفع الحكومات المتضررة لشن هجوم واسع على ذلك الإعلام.

ماحصل في العراق عام 2003 لم ينتقل الى بلاد العرب ,لكن بلاد العرب صارت تلتهب بنيران قدحت شرارتها حكومات لم تفكر بعقل مدرك ,ولم تفهم أن العراق إذا ماحدث فيه حادث مدعوم من مخابرات عربية او إقليمية فإنه سيودي بحياة الأبرياء من المواطنين ,وحين غفى الضمير إنساق القتلة الى دوامة التخريب والتدمير والإيذاء.

العراق يتنفس ويستعد للقمة ولاشأن له بمن سيمثل هذه الدولة أو تلك في مايو القادم فالمسؤولون العرب أكثر من الهم على القلب,بينما الأشقاء يختنقون ,ولعلهم يوما يتنفسون ولاتسرق منهم الثورات.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com