|
متى تحتضن كل ابنائكَ ياعراق ؟
أحترت ، الى من أوجه السؤال ؟ الى من أقول متى يعود كل المغتربين ؟ الى من أقول متى يلتم شمل جميع العراقيين في وطنهم ؟ بعد ذلك لم أجد سوى العراق من أوجه له السؤال ، سؤالي ، متى تحتضن كل ابنائك ياعراق ؟ ومتى تجفٌ دموع المودعين والمغادرين ؟ ومتى نغلق سجلات المهاجرين ؟ ومتى يعود أحبتنا من غربتهم ؟ متى ، متى ، متى ، ألف متى تغلي في فؤادي ألآن ياعراق ، لكن لاجواب ! لاادري لماذا يجب علينا أن نعاني ونكابد ألم الفراق ؟ ونتنهد بحسرات تشعل الروح والجسد ونذرف الدموع التي تعبت منها العيون ، أوَ تعلم ياعراق كم حجم ألألم حين أذهب الى منازل أحبتي وأجدها موصدة ألابواب والشبابيك ؟ وعبثا أوهِمُ نفسي بأنهم فيها وأطرق الباب لكن ليس من مجيب ! ثم اعود مهزوما أسحب خلفي اذيال هزيمتي ! ثم ابعثر اوراقي لعلي أجد بعض من وريقاتهم تختلط بها ! في كل بقاع ألأرض يترك البعض أوطانهم أختيارا وليس أضطرارا ، فقط فيك ينعكس ألأمر ياعراق ، وحتى ان كان هناك من غادر اختيارا لايجد ألآن مايجعله يتمكن من العودة والبدء من جديد ، العودة تعني يتوجب وجود سكن وعمل وتأمين مقاعد دراسية لمن هم لازالوا يواصلون دراستهم لحد ألآن ، السكن هو المعضلة الكبرى التي تواجه من يريد العودة الى احضان الوطن ولن تتخذ خطوات ايجابية ملموسة بالمعنى المطلوب من قبل الجهات المعنية ، وحتى لو قال البعض ان وزارة الهجرة خصصت قطع اراضي سكنية للعائدين ، فكم من عائلة عادت واستلمت تلك القطع المذكورة ؟ وكم تحتاج العائلة العائدة من الغربة من الوقت والجهد لغرض متابعة ذلك في دوائر الدولة المختلفة ؟ التي تمتلء جدرانها بملصقات مكتوب عليها أتصل على الرقم الفلاني في حال تعرضك الى الابتزاز او التأخير ، وملصقات تدعو الى محاربة الفساد والرشوة ، وملصقات التدخين ممنوع ، وكل تلك الملصقات أفرغت من محتواها مسبقا ، وأن من يقوم بوضعها على جدران الدوائر يعلم ذلك جيدا ، هذا من ناحية السكن ، أما العمل فالحديث عنه طويل ويطول ، والبطالة التي تزداد يوما بعد يوم خير شاهد على ذلك ، فكيف يمكن للمغترب أن يعود ان لم يكن هناك ثمة مورد معاشي يقتات به هو وعائلته ؟ أم انه يعود ويسكن في العراء ويقتات على الهواء ؟ جانب آخر مهم جدا هو معادلة الشهادة الدراسية للعائدين من الغربة ، المتاعب التي يواجهها من يرغب في معادلة شهادته تفوق متاعب الحصول على الشهادة نفسها ، في ظل تنوع الطرق الملتوية التي يبتدعها البعض من موظفي الدولة لغرض عرقلة تمشية معاملات المواطنين لأسباب لايعلمها سوى الله سبحانه وتعالى ، أوَ تعلم ياعراق أنني أشعر بالغربة حين ابتعد عن منطقة سكني لفترة ساعات محدودة ؟ فكيف الحال مع من هم يعيشون في بلاد الغربة ؟ كيف الحال معهم حين يشتاقون لك ياعراق وحين يشتاقون لنسمة من هواءك ، كيف الحال معهم حين يشاهدون بلاد العالم تتعمر وتزهو بالبنيان وانت نصيبك الخراب ، والاسلاك الشائكة والجدران الفاصلة بين المناطق ، علما ان ألمانيا أحتاجت الى عقود من الزمن كي تزيل جدار برلين الذي كان يفصل شطريها الغربي والشرقي ، فكم من عقود الزمن سنحتاج ؟ حتى نرى جميع تلك الجدران الفاصلة قد أزيلت وعادت المناطق تعانق بعضها دون تفريق لهذا السبب أو ذاك ، أو تعلم ياعراق أن احبابك المغتربين يبحثون عنك في الخرائط ويطيلوا النظر الى العَلَمْ الذي يمثل لهم الانتماء لك ؟ فالى متى ستبقى في عيونهم قطعة من ورق واخرى من قماش ؟ ومتى ستفتح ابوابك ياعراق مشرعة لتستقبل كل العائدين ؟ بالحب وألأمل وتنادي بينهم حي على الرجوع ، كي ينعموا بخيراتك التي حرموا منها سنين طوال ، كي يلعنوا جوازات السفر والمطارات التي كرهوا كل مايذكرهم بها فرط مانالت منهم جراحات وفرط ماذرفوا فيها من دموع ، متى ستنتهي سنين القهر ياوطني ؟ متى تحتضن كل ابنائك ياعراق ؟ الى كل المغتربين اهدي تلك الكلمات داعيا من الله سبحانه وتعالى أن تنتهي سنوات غربتهم ويعودوا سالمين غانمين الى ارض العراق الطاهرة انه سميع مجيب .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |