لأنهم شيعة
زينب رشيد
baha@diginets.co.uk
لأن أغلبية أهل البحرين الثائرين على الظلم والجور والطغيان من الطائفة الشيعية الكريمة، فهذا يعني انهم كلهم عملاء لايران وخونة ومجوس وروافض وربما أكثر من ذلك.
ولأنهم شيعة، فلا مانع من أن تُجيش الجيوش وتزحف باتجاه البحرين، لتقتل أبناء البحرين وتفرق تجمعاتهم ومظاهراتهم السلمية، وقد شاهدنا صورا مروعة لجرائم فظيعة لا يمكن لمن ارتكبها أن يكون من الصنف البشري تماما.
ولأنهم شيعة، يحدث هذا الغزو السعودي والاماراتي يرافقه دعم قطري من خلال الصمت شبه الكامل للاعلام القطري، الذي لم يتردد لحظة بتجييش العالم ضد النظم القمعية التي لا تختلف عن النظام البحريني وربما تكون أفضل منه في أكثر من شأن، وقد سلط ذاك الاعلام الضوء وأعاد وكرر الاعادة عشرات المرات لصور ضحايا جرائم القذافي في ليبيا، وهو محظور عليه رسميا العمل هناك، بينما يتجاهل تلك الصور القادمة من البحرين التي امتلأت بها مواقع الانترنت وهي أكثر اجراما بكثير من الصور القادمة من ليبيا.
ولأنهم شيعة، فقد توحد ولأول مرة عرب الخليج وبادروا "بلمح البرق" بارسال قواتهم المدججة بأنواع الاسلحة لقتل شيعة البحرين، فيما رأيناهم سابقا لم يتفقوا على شيئ حتى مجرد الاتفاق على عملة خليجية موحدة. انه ادمان على قتل الشيعة أكده سابقا صمتهم المطبق على ما جرى في العراق من عمليات ابادة جماعية لأبناء الشيعة على يد نظام الديكتاتور البائد، ومن بعده على يد مسلمون سنة من كل الجنسيات وفي المقدمة منهم من أتباع الجنسية السعودية.
لأنهم شيعة، لا يتردد من يصفون أنفسهم بالمثقفين الليبراليين الأحرار بوصف مظاهرات أهل البحرين بأنها جزء من مؤامرة ايرانية صفوية مجوسية، هدفها القضاء على الحكم في البحرين واقامة دولة ولاية الفقيه أو فرع لها، دون أن يقول لنا هؤلاء هل من حق أغلبية أهل البلد - أي بلد - أن يقيموا ما يروه من نظام حكم وأن يكون لهم ما يشاؤون من علاقات أم لا، أم ان الحريات والحقوق التي يدافع عنها هؤلاء هي حكرا على أهل السنة، وما على الشيعة إلا أن يكونوا بأمرة أهل السنة وعبيدا لسادية بعضهم.
لأنهم شيعة، فيجب أن يصمتوا، وان تظاهروا فهم كما ذكرت عملاء وخونة، بينما شجعت ذات الدول والاسماء وتحفزت لدى أول مظاهرة هبت في سوريا ضد نظام الأقلية العلوي الطائفي هناك، وهذا جيد ومطلوب، لكن، مثلما هو حق لأغلبية الشعب السوري أن يستعيد بلده من نظام الأقلية الطائفي فهو حق أيضا لأغلبية شعب البحرين أن يستعيدوا بلدهم من براثن طغيان وديكتاتورية حمد ونظام الأقلية السني الطائفي، أم هو حلال هناك وحرام هنا؟
لأنهم شيعة، فهم متهمون بانهم "علقميون" في حين ان الطاغية هذه المرة هو من استعان بقوات اجنبية لتساعده على قتل شعبه الذي كان كريما معه حتى اللحظة ولا يطالب إلا بما هو حق له ضمنته وكفلته كل الأعراف والشرائع والمواثيق إلا شرعة "بنو وهاب" الذي لا يرون مؤمنا غيرهم ولا صالحا غيرهم ولا حق بالجنة لغيرهم وقبل ذلك لا حق بالحياة إلا لهم.
المجزرة التي حصلت وما زالت في البحرين ضد أغلبية أهلها مجزرة رهيبة، وهي لن تتوقف طالما قوات الغزو الخليجي تدنس أراضي البحرين، لكن ارتكاب مثل هذه المجازر لن يحل المشكلة ويُسكت أهل البحرين ويمنعهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة، فلا حلول أمنية لمشاكل سياسية، وهو الدرس الذي كان يجب على العصابة الحاكمة في البحرين أن تستخلصه من المثال التونسي والمصري وحاليا اللليبي، وشعب البحرين لا يقل أبدا عن تلك الشعوب في اصراره على نيل حقوقه كاملة غير منقوصة، وهو ان تأخر حدوثه قليلا فانه قادم لا محالة، وستبقى البحرين عزيزة كريمة ووطنا لجميع أبناءها، وسيذهب الطاغية ومن سانده عسكريا وماديا واعلاميا الى مزابل التاريخ، واسألوا مبارك وزين العابدين وفي الأيام القليلة التالية تستطيعون أن تسألوا معمر القذافي أيضا.
ختاما، لا بد لي من أن أتوجه بالتحية والشكر لدولة الكويت على موقفها النبيل، مهما كانت أسبابه، بالامتناع عن المشاركة في هذه المجزرة وهو شكر لا بد منه، ومن المؤكد ان شعب البحرين سيسجل لدولة الكويت موقفها، فنحن الان في عصر كتابة التاريخ باحداثه الحقيقية وليست المزيفة كما اعتدنا عبر مئات السنين، وكل شعب سيدون بالشكر والعرفان من وقف معه وبالخزي والعار من وقف بوجهه ووجه طموحاته وشارك في قتله فعلا أو صمتا. ملاحظة: الكاتبة مسلمة سنية
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب