أوصل دم التغيير إلى سوريا؟/2
 



بقلم : كمال ابو عيسى

 

الأخ العزيز يوسف فضل حفظه الله

حسنا يفعل أي كاتب ينتقد بشار الأسد والنظام السوري وبهذا يكون قد أرضى الشعب السوري الذي يحب ,ذلك أن النظام السوري يشترك مع نظيره الليبي في أن الأول ورث الحكم بالفعل والثاني فعل الأمر نفسه حيث أن أبناء العقيد هم الذين يحكمون فعليا في ليبيا, والنظامين اشتركا في كونهما أنظمة دموية قتلت المدنيين وقتلت المعتقلين السياسيين في السجون, وكلاهما يعتقل وينكل ويعذب أصحاب الرأي, وهما اشتركا في معاداتهما للمخططات الصهيونية والإمبريالية في العلن وتآمرهما مع الصهيونية والإمبريالية في السر, وحيث لم يفاجئنا دعم إسرائيل ومعها سوريا للعقيد ,فإن الاحتجاجات والمظاهرات في سوريا وتطورها سيكون مؤسفا ومحزنا لإسرائيل وستقدم إسرائيل كافة أشكال الدعم وبصورة أكبر بكثير من دعمها للنظام الليبي, وأيضا اشترك النظامين بقتل شعبهما عن طريق جيوشهما التي دربت لدعم أنظمتهما, وليس لحماية بلدانهما, وذلك من خلال الاستعانة بالمرتزقة ففي ليبيا كان المرتزقة من أفريقيا وإسرائيل وبمساعدة طيارين سوريون ,وفي سوريا سيكون المرتزقة من إسرائيل وحزب الله الذين بدأ ظهورهم في ضرب المتظاهرين في الجامع الأموي في دمشق , كذلك فقد تدخل النظامين للتآمر لصالح الغرب وإسرائيل في دول أخرى فليبيا تدخلت لإذكاء الفتن في أكثر من بلد أفريقي, وفي سوريا تدخل النظام في لبنان,وأثار الأحقاد والفتن في فلسطين عن طريق احتلال الأولى ودعم الانقسام في الثانية, هذا الانقسام الذي هو مطلب ورغبة ومصلحة إسرائيلية

إسرائيل قامت بضرب الفلسطينيين في غزة ردا على دعوة ومبادرة عباس لزيارة غزة, وطالبت عباس الاختيار بين السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس

وبالمقابل خرجت علينا بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بالأمس لتقول أن سوريا مستهدفة لأنها تدعم المقاومة, وإسرائيل سارعت لإطلاق تصريحات عدائية ضد سوريا وإيران, وطالبت المجتمع الدولي بالتعامل معهما كما تعاملت مع ليبيا التي دعمتها إسرائيل إلى جانب سوريا بكل قوة.
هذا التصريح الإسرائيلي سيستخدمه النظام السوري وحلفاؤه في إلصاق تهمة الخيانة والتعامل مع إسرائيل ضد كل من يتظاهر ضد النظام المقاوم لإسرائيل في سوريا منذ أكثر من أربعين عاما, تماما كما يفعل حزب الله وحماس وإيران في الإيحاء بصحة ما يقولون اعتمادا على مواقف الأعلام الإسرائيلي من مواقفهم, وأرائهم

كلما واجهت حماس ضغطا شعبيا يكون ردها بتوجيه دعوة لإسرائيل لقتل عدد من الفلسطينيين أو اللبنانيين من خلال إطلاق صاروخ على إسرائيل غالبا ما يقع في الخلاء ويسفر عن إصابة عدد من الإسرائيليين بالفزع والذعر في المنطقة التي يسقط فيها, في الوقت الذي تكون فيه حماس عاجزة عن حماية المواطنين المدنيين من أي عدوان , ويكون رد حماس هو التفاخر بوطنيتها كونها هدفا لإسرائيل , ويصبح القتل للفلسطينيين شهادة بوطنية حماس وبأنها مقاومة لإسرائيل
المقاومة أصبحت مهزلة وورقة تستخدمها إسرائيل ومعها معسكر الممانعة كفزاعة لإبقائها على الوضع الراهن الذي سعت جاهدة .
لتحقيقه , فتفتيت لبنان وجعله ساحة حرب هو هدف إسرائيلي حققته مقاومة لبنان, وتقسيم الشعب الفلسطيني هدف إسرائيلي حققته حماس , وحماية النظام السوري هو هدف إسرائيلي , وستفعل إسرائيل كل ما بوسعها للحفاظ عليه , وربما تقوم إسرائيل بافتعال حرب مع سوريا أو حزب الله , لتضع المتظاهرين في الزاوية , ويسهل اتهامهم بالخيانة وبأنهم يخدمون مخططات إسرائيل والصهيونية, كل شيء ممكن أن تقوم به إسرائيل وإيران وحزب الله لمساعدة النظام السوري من أجل منع التغيير هناك
وكما كان من نتائج حرب الخليج الأولى أن أمريكا أجبرت على الكشف عن أهم حلفائها في المنطقة وهو سوريا فإن الأحداث الحالية في سوريا وسعي الشعب السوري وتصميمه على التغيير نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية سيكشف حجم التعاون بين سوريا وإسرائيل وإيران , وسيكشف حجم استخدام قوى المقاومة لخدمة إسرائيل ومخططاتها, تماما كما تم كشف حجم التنسيق والتعاون بين إسرائيل والنظام الليبي الذي اشتركت سوريا وإسرائيل في دعمه
إن دخول السفينتين الإيرانيتين البحر المتوسط متجهة إلى سوريا لحماية النظام هناك ,بعد ثورة تونس ومصر واليمن,قابلته إسرائيل بالتهديد لتوحي بأن السفينتين تشكلان تهديدا لإسرائيل, وليس دعما للنظام ضد شعبه
إن ما يثير الاشمئزاز هو بث التلفزيون السوري المتواصل لاحتفالات الفرح بمكرمات وقرارات الرئيس , في الوقت الذي كان فيه أهالي درعا يصلون على شهدائهم الذين وصل عددهم إلى ما يزيد عن مائة شهيد حسب وكالات الأنباء, بدلا من إظهار التعاطف مع ذوي الشهداء وبدلا من استنكار الجريمة بحق الشعب السوري, وجدنا استهتارا بالشهداء وبذويهم ,إننا نتوقع دموية أكثر من النظام السوري , ونتوقع استهتارا أكثر بدماء الشعب السوري وكرامته ,ونتوقع استخدام النظام لأوراق كثيرة بمساعدة إسرائيل , وأهمها ورقة المقاومة , ربما ليجد ضالته أخيرا , ويكون بإمكانه تحديد وقت وزمان المعركة مع إسرائيل, لمنع أي مساس بالنظام ولمنع التغيير في سوريا,
وكما أن إيران وحزب الله وإسرائيل سيسعون لوقف أو منع التغيير في سوريا بكل الطرق والإمكانيات ,فإن الشعب السوري الذي قرر المضي قدما نحو تحقيق أهدافه في التغيير ونحو الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية , وبدعم واضح من المجتمع الدولي ومن الشعوب العربية , الذين يستنجدون بمساعدة ودعم الشعب السوري لتحقيق أهدافه, كما نجح إخوانه في تحقيق التغيير في كل من مصر وتونس
وبمقابل منع التغيير في الوطن العربي عموما وفي سوريا خصوصا من قبل المتضرر الأكبر من هذا التغيير إسرائيل وإيران كدولتين دينيتين عنصريتين, فإنه سيكون هناك دورا واضح لتركيا الدولة الكبيرة التي تربطها حدودا واسعة مع سوريا وسيكون بإمكان تركيا أن تلعب دورا متوازنا في دعم الشعب السوري , والوقوف ضد القمع والبطش الذي سيمارسه أعداء الشعب السوري , وستساعد الشعب السوري بالتعاون مع المجتمع الدولي في سعيه لتحقيق أهدافه في الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية, ومطلوب من تركيا أن تلعب هذا الدور الريادي في حماية ومساعدة الشعب السوري ,هذا الدور الذي بدأ بالفعل من خلال تفتيش الطائرات الإيرانية المتجهة لسوريا, وكذلك نتطلع لدعم الشعوب العربية لثورة سوريا وخاصة في مصر, الدولة العربية القائدة والكبيرة
وكذلك فإن تدخل المجتمع الدولي ومسارعته لإدانة القمع والقتل ووصفه بالوحشي هو خطوة ممتازة وربما ستكبح جماح النظام السوري وستجعله يحسب ألف حساب لكل خطوة يقوم بها,وكذلك فإن دور الإعلام المساند للشعب السوري مهم جدا خاصة وأن النظام يملك ماكينة إعلامية ضخمة خاصة القنوات التابعة والمؤيدة له في سوريا ولبنان , وما زال موقف الجزيرة التي ساندت الثورات في تونس ومصر واليمن وليبيا متذبذب وخجول , ولا يختلف حتى الآن عن تغطية التلفزيون السوري للأحداث في درعا , وهذا الموقف يضع علامة استفهام على جدية ومبدئية دعم الجزيرة للديمقراطية والتغيير , فعليها أن تقف مع الشعب السوري الذي يطالب بنفس المطالب المحقة التي طالبت بها الشعوب العربية الأخرى والتي دعمت الجزيرة مطالبهم, أم أن إشكالية المقاومة وتذرع النظام السوري بها ستكون ذو جدوى وتجعل الجزيرة تمتنع عن دعم الشعب السوري , إننا نراقب موقف الجزيرة ونتمنى أن يكون موقفها مبدئيا وليس انتقائيا في دعم الثورات التي لها جميعا نفس المطالب والأهداف
إن مسيرة الألف ميل نحو الديمقراطية في سوريا قد بدأت بخطوة أهالي حوران الأولى , ونسأل الله التوفيق والنجاح للشعب السوري الحبيب.
 

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com