|
د. حامد العطية خمسة حروب شنت على الشيعة في المنطقة منذ بداية عقد الثمانينات في القرن العشرين، أهدافها المعلنة أو الضمنية اجبارهم على الإذعان للنظم التسلطية، والرضوخ لمخططات القوى الاستكبارية في المنطقة، وثنيهم عن المطالبة بحقوقهم الأساسية ، وقد شنت هذه الحروب نظم عربية طائفية والكيان الصهيوني والحكومة الأمريكية وحلفاؤها، وتكبد فيها الشيعة خسائر جسيمة، في الأرواح والممتلكات والمصالح. أولها حرب الطاغية صدام حسين على جمهورية إيران الإسلامية، وقائمة شركائه في هذه الحرب الطائفية العدوانية طويلة، ضمت السعودية والكويت وبقية الدول الخليجية ومصر والأردن، وبمشاركة ومباركة امريكية، ومنذ الأيام الأولى للحرب جاهر النظام البعثي الصدامي بالأهداف والشعارات الطائفية للحرب، وصورها إعلامه بأنها حرب "العرب المسلمين" أو بالأحرى السنة على "الفرس المجوس"، وقد كان لهذه الشعارات أصداء تأييد واسعة في أوساط الطائفيين المعادين للشيعة، وخلفت هذه الحرب مئات الألاف من القتلى والجرحى من الطرفين، غالبيتهم العظمى من الشيعة. وبعد احتلال أمريكا للعراق، شنت الحرب الثانية على شيعتهم، شارك فيها طرفان، من دون تنسيق بينهما، أو هكذا يبدو على الأقل، ولا قاسم مشترك بينهما سوى العداء للشيعة، وهما الحكومة الأمريكية والقوى السنية الطائفية المحلية والإقليمية، وفيما استهدفت القوات الأمريكية بعض التيارات الشيعية الرافضة للاحتلال طالت هجمات الإرهابيين كافة الشيعة، وقد ساعدت القوات الأمريكية الإرهابيين، وعلى الأغلب عن قصد، عندما هاجمت القوى الشيعية التي تصدت للدفاع عن الشيعة المدنيين العزل، ومنعت القوات الحكومية من مطاردة الإرهابيين في مناطقهم، وتتفاوت تقديرات ضحايا هذه الحرب، وأغلبهم من الشيعة، بين مائة وخمسين ألفاً إلى مليون. الحرب الثالثة هي حرب تموز عام 2006م على شيعة لبنان، وكان الطرف المعتدي فيها الكيان الصهيوني، ومن وراءه بالطبع امريكا، وتتوفر أدلة كثيرة على الدور التحريضي للقوى الطائفية المعادية للشيعة، وحثهم الكيان الصهيوني على الاستمرار بعدوانه حتى تصفية المقاومة الشيعية، حتى أن علماءهم أفتوا بحرمة الدعاء للشيعة بالنصر على الصهاينة المعتدين، مما يكشف عن مدى الحقد الدفين الذي يكنونه للشيعة والتشيع. طالب الحوثيون الشيعة في اليمن بحقوقهم المهدورة، فكان جواب حكومة الطاغية علي صالح اعلان الحرب عليهم، ومهاجمة مدنهم وقراهم بالطائرات الحربية والمدافع الثقيلة والدبابات، فاضطر الحوثيون للدفاع عن أنفسهم بما لديهم من قدرات قتالية واسلحة محدودة، وصمدوا صمود الأبطال، مما اضطر حاكم اليمن للاستغاثة بالحكومة السعودية، المعروفة بحقدها الطائفي على الشيعة، فزجت بالجيش السعودي في أتون المعركة، مستهدفة المقاتلين والمدنيين العزل على حد سواء، وبغطاء دولي من أمريكا، وكانت النتيجة الانتصار الباهر للحوثيين، وتوسل الحكومة اليمنية بالقطريين للتوسط وحل النزاع سلمياً. نحن الآن نشهد الحرب الخامسة على الشيعة خلال ثلاثين عاماً، وهي حرب الحكم السني الطائفي في البحرين ضد شعب البحرين المسالم، والهدف منها قمع الشعب واجباره على التخلي عن مطالبه بحقوقه الأساسية، واقدمت الدول الخليجية الأخرى على ارسال قواتها للمشاركة في قمع المتظاهرين لمجرد أنهم شيعة معارضون للحكومة السنية التي استأثرت بالسلطة والموارد والأرض، ولم تستحي امريكا من التصريح بتأييدها لطغاة البحرين والخليج وسياساتهم الطائفية لتبرهن للعالم كله بأنها كاذبة ومنافقة ودجالة عندما تتباهى بدفاعها عن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. على أبعد تقدير، وسيكون ضحاياها شبابنا، فما الذي تقتضيه واجبات الأبوة والأخوة تجاههم؟ أن نكتفي بتحذيرهم؟ نقول لهم: اعدوا أنفسكم لحرب ضروس اخرى، أو بالأحرى مذبحة طائفية جديدة، يشنها عليكم "أخوانكم"، اشتروا أكفانكم، وودعوا احبتكم، وجهزوا أعناقكم لسكاكين أعداءكم، أو تخفوا، مارسوا التقية، أو حتى هاجروا إلى بلاد أخرى، فبلاد الله واسعة. كفانا إنكاراً للواقع المر، فالإنكار أمر منه، وهو لن يحل المشكلة، بل أول شروط الحل الاقرار بوجودها، ولن ننتظر مجلس التقريب بين المذاهب لحلها، كما اجزم بأن لو الشيعة حرروا القدس وفلسطين من الصهاينة فلن تموت الطائفية المعادية للشيعة، هنالك شيء واحد يردع أعداء الشيعة الطائفيين، وهو القوة، لذا علينا التزود بها، وبكل أنواع القوة، العقائدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والعسكرية أيضاً، ولنرسل رسالة جلية واضحة لكل اعداء الشيعة، ليعلموا بأنهم لو قرروا شن حربهم السادسة علينا فسيجابهون بجبهة شيعية موحدة قوية، وسنجعلها بعون الله خاتمة الحروب على الشيعة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |