|
الفساد الاداري هو أخطر أنواع التشرذم السياسية والاجتماعية والاقتصادية على المجتمع ، واخطر من الارهاب الدموي ، ناهيك عن ضعف النظام في إداء واجبه ، وكذلك له الدور المهم الى خلق المحسوبية والمنسوبية ، والتمييز الطبقي داخل المجتمع ، سيكون هو سبب الفقر والبطالة عن العمل وفقدان العدالة الاجتماعية وطمس الديمقراطية ، لان تهميش دور الجماهير ودفعها نحو المجهول ، وعدم تحقيق طموحاتها ومتطلباتها ، وكما يستغل للتحكم بإرادة الشعب من قبل الايادي الخبيثة الفاقدة لسيادة العقلانية وثقافة الافكار الديمقراطية في العمل السياسي ، إضافة الى خلق الفوضى الاجتماعي والاقتصادي والأمني ، الى جانب خلق الفراغ السياسي وغياب مؤسسات المجتمع المدني الحر في الدولة .. الفساد الاداري هو السبب في غياب منظمات المجتمع المدني بكافة تنوعاتها وانتشار الانتهازية والمحسوبية والفساد المالي ، يعني تسود الفوضى السياسية والامنية في البلد ، ويفتح الثغرة الخطيرة بين الحكومة وبين الشعب ( لان متجاهلا مطالبه ) ، ويكون هو ايضا السبب في غياب الديمقراطية وتهميش متطلبات وحاجيات الجماهير الاساسية ، وكما يكون السبب الرئيسي لتكوين المعارضة الشعبية على الساحة السياسية بشكل عفوي وعشوائي نتيجة الاحتقان والغضب لدى الشعب بعد وصول الامـر الى حـد الغليان والانفجار ، الذي يعول الشعب من خلال المسيرة الانتفاضة على تصحيح المسـار في الحكومة والسلطة ، والمطالبة بالاصلاحات السياسية واحترام حقوق الانسان ورفع سقف الحريات وتحقيق العدالة ومحاسبة المفسدين وكبح الفساد في مؤسسات الدولة .. هنا المصيبة !!! معظم المسؤولين في الحكومة يعترفون في اكثر من مقابلة تجري معهم بوجود الفساد الادراي والمالي داخل مفاصل الحكومة ، ولكن لم يقدموا على برامج اصلاحية واضحة المعالم ، وعدم استقطابهم في دعم الشعب للوصول به الى مرامه وتطلعاته ، إذن الاعتراف وحده لا يكفي ، طالما لم تطرح من قبلهم أي خطوات اصلاحية جادة وسريعة على الساحة السياسية لمصلحة العراقيين ، وإذا لم يترافق بخطوات عملية لاستئصال الفساد من جذوره ، وتقديم الفاسدين ( الكبار منهم على وجه الخصوص ) الى محاكم عادلة لاستعادة اموال الشعب المنهوبة من جعبتهم ، واكرر لا يفيد الاعتراف وحده امام وسائل الاعلام ومنها القنوات الفضائية إذا لم يقومون بتحسين وضع الشعب العراقي ، وتوجيه البلاد نحو الاستقرار وشاطئ الامان ...يخلق الفساد الاداري طغمة فاسدة وظالمة لا تريد الاصلاح الاجتماعي والاقتصادي في البلد ، بل بالعكس تمارس الارهاب بحق المواطن العراقي واحباط اماله ، وهذا ما أفضى الى المزيد من السلبيات داخل مفاصل الدولة ، قد استغلت هذه الطغمة الفاسدة كل الوسائط الديمقراطية (الانتخابات والبرلمان) لفرض نظام المحاصصة الطائفية بدلاً عن النظام الديمقراطي ، لذلك تكون هي السبب الرئيسي في إستمرار في دوامة الفوضى الخلاقة داخل مكونات الشعب العراقي ، بحيث تلتجأ الى استغلال سلطتها كأداة لكم الأفواه وضرب المصلحة الوطنية العليا ومحاربة المخلصين في إداء واجباتهم بصورة صحيحة ، وفي هذه الحالة تزداد التناقضات عمقا بين مطاليب الشعب من طرف ، وبين السلطة الحاكمة من طرف آخر .. ما يجري حاليا في اكثر المدن العراقية من الانتفاضة والاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير ، من المؤكـد ان هناك الكثير من المظالم والممارسات الخاطئة التي ستدفع الشعب في هذا الاتجاه ، وان ما يريده الشعب بالاصلاح داخل مؤسسات الدولة وإنهاء نظام المحاصصة وكبح الفساد المالي والإداري وتحسين المستوى المعيشي وتوفير الخدمات الأساسية ، لان السماسرة والانتهازيين وكبار المسؤولين الفاسدين الذين هربوا اموالهم الى الخارج ، ليس انتماءهم للعراق ، بل ولاءهم الحقيقي هو لمصالحهم الخاصة والمال الذي ينهبونه من عرق الفقراء والكادحين .. كنا متوقعين بان الاحزاب السياسية الذين استلموا السلطة بعد سقوط نظام البعث هم اولى النواة للتحولات المهمة سياسيا واقتصاديا وثقافيا واعلاميا في العراق ، ويعبرون عن آمال وطموحات الشعب العراقي بكل اطيافه في تحقيق العدالة الاجتناعية ، اضافة الى تقديم الخدمات الحياتية والانسانية الى المواطن العراقي ، ثم انطلاقهم على نشر الثقافة الديمقراطية بين المنظمات الإنسانية والمدنية الذين يتحملون المسؤولية الاجتماعية والوطنية ، لكن للاسف انهم أوصلوا العراق الى حال الإختناق ، واصبحوا أكثر بكثير من الفاسدين والمفسدين ، وكانوا كل البعد عن تطبق ديمقراطية ولم يحترموا يوماً حرية الإنسان وكرامته ، كما إنهم لم يسهموا في بناء الحياة السياسية الحرة والديمقراطية وأرضية صالحة لبناء المجتمع المدني المنشود والعدالة الاجتماعية .. المواطن العراقي منذ 2003 وهو يسمع وعودا بالاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يطالب بها ، ولكن اياً من هذه الوعود لم يطبق لحد هذه اللحظة ، واستمرت الاوضاع المزرية في العراق على مدى السنوات الثماني المنصرمة من الحكم الجديد فلم يتصحح اي خطأ ، بل تعظم الفساد الاداري والمالي وتفاقمت الاخطاء في نهش حلم الشعب العراقي وامنياته وتعمق نظام المحاصصة .. وهكذا اندهش !!! كيف سيستطيع السيد نوري المالكي من خلال مئة يوم ان يقوم بالاصلاحات الحقيقية ووضع مسار الصحيح المؤدي الى ما يريد الشعب من تحسين المستوى المعيشي وتوفير الخدمات الاساسية ، بالرغم من أن تشكيلة الحكومة الحالية التي ترأسها نوري المالكي ظلت غير مكتملة ، لا سيما الوزارات الأمنية الثلاث ، والحكومة ممزقة من الداخل ، والخلافات البينية داخل الكتل السياسية نفسها ، وكل طرف متربص لاخر ومتناهش فيما بينهم بضراوة ، وتأخذ بين فترة وأخرى مسارا مختلفا يتم خلاله تبادل المزيد من الاتهامات بين كل من الاطراف الحاكمة .. عندما يريد رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بقيام اصلاحات اساسية في حكومته ، وقبل كل شيء تحتاج عملية الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد المالي والإداري في هياكل الدولة ومؤسساتها ، عليه أن ينطلق بها رئيس الوزراء من نفسه والمحيطة به ( فالأقربون أولى بالإصلاح ) ، وثم أعضاء الحكومة ومسؤولو الدوائر العليا الإدارية والعسكرية والأمنية وقيادات الاحزاب الحاكمة ان ينطلقوا من انفسهم ومَن حولهم ، بمن فيهم أفراد من عوائلهم واقربائهم ، الى جانب تحرير عقولهم من فكرة الهيمنة والاستغلال ، وقدر اكبر من الشفافية مع تحقيق العدالة الاجتماعية ، واطلاق حرية الرأي والفكر ، وبعد ذلك البدء ببناء الاقتصاد الوطني والتصنيع وتحديث الزراعة وتشغيل العاطلين وتحسين الخدمات في ظل الحريات العامة وبناء النظام الديمقراطي الجديد تدريجا .. وهي الهدف الرئيس الذي تتجمع من خلاله كافة الفئات والشرائح الاجتماعية داخل المجتمع العراقي ، فهي الشعار الذي يرفعه الجميع دون استثناء ...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |