بإختصار: بابا الفاتكان وعبر الزمان

 

كاظم جواد السماوي

kadhimjawad@bredband.net

 

الكرادلة من كل حدب وصوب إجتمعوا في قاعة منعزلين عن العالم  بكل هدوء وطمأنينة. الله وحده يعلم ان كان في ضمير اي واحد منهم نظرة تمييز له او لغيره على الاخرين . وانا لا اعتقد ان مثل هذا  الفكر كان يساورهم, لذلك اسفرت احدى اجتماعهم عن اختيار واحدا منهم, بعد محاولات قليلة غير موفقة , ليكون بابا الفاتيكان,. ورغم انه الماني الجنسية قبل ايام صار رئيسا لدولة اخرى اسمها الفاتيكان يصدر المراسيم ويعين السفراء ويستبدل الوزراء حسب الحاجة. ليس هذا وحسب بل وصار صاحب الكرسي الرسولي لاكثر من مليار مسيحي كاثوليكي في العالم على اختلاف جنسياتهم والوانهم واعراقهم. والكل قبله في المنصبين بكل ترحاب واحترام.

البابا الراحل كان بولنديا, وهو اول من خرق قاعدة المنصب الذي تسيده الطليان لقرون عديدة. وجاء البابا الجديد ليعزز هذا الاتجاه. بكل بساطة وبدون صراخ واحتجاج واتهامات متبادلة صارالامر مقبولا عند ذوي النفوس السمحة الهادئة والمتوترة على حد سواء. لم نسمع احدا دقق في عشيرته وقوميته ولونه وغيرها مما يثير الحساسيات عند امثالنا نحن.

فاول امر يصدر عن الكثير منا حال اسناد مسؤولية ضخمة لانسان في بلدنا, وربما ياسارع البعض قبل الاعلان مستبقا الحدث للتهويش, في الزعيق وحتى الطعن والشتم , ان هذا ينتمي الى اقلية كذا وطائفة كيت, او ان اصله الخامس عشر تعود الى السند وبلاد سمرقند وبخارى. ناسين ان الناس عندنا في زمن العقل الواعي قبل الف سنة واكثر حينما كنا اكثر وعيا لم يفكروا مطلقا  بان صلاح الدين كرديا او ابا حنيفة النعمان فارسيا او عبد القادر الكيلاني هنديا والبخاري والترميذي والقائمة تطول. والكل يعرف الاسماء وينسى عندالضرورة هذه الحقائق . فقط لان الناس الأول يرحمهم الله كانوا اكثر وعيا منا الان.

نحن ننبهر بما يحدث في الغرب, والكثير يحسدون غيرهم ممن يعيشون في هذا العالم الزاخر بكل شئ مبهر وحضاري. الا اننا لا نريد ان نفهم ان الغرب لم يبن بطريقة تفكيرنا المعاصرة وسوف لن نصنع تقدما طالما نظل سلبين تجاه الاخرين. ويستلم الامر تقديم تضحيات وتحمل مسؤوليات من ابناءه على اختلاف مستوياتهم. الغرب شيد كل القيم الانسانية السائدة الان  بعد التخلي عن السلبية و باصرار, وتحملوا الكثير من المعاناة قبل ان يصلوا الى هذا المستوى الرفيع من التطور, وخاصة في السلوك البناء. هم يفكرون بعقلية واعية, ونحن انفعاليون, مرة نبني واخرى نهد كل شئ بنيناه.

نحن مقدمون على مرحلة تتطلب العقل الرصين والعواطف الهادئة. ولندرك ان النظرة العنصرية والشوفينية ستشكل الحجاب المظلم الذي يودي بنا الى مزالق الخطر.

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com