|
في بيتنا اسير
كاظم جواد
السماوي
حينما سافرت الى العراق بعد 25 سنه بالتمام والكمال, وفي الثاني من كانون اول 2003 . الشئ الوحيد والجديد الذي وجدته في بيتنا المتداعي بعض الشئ من القدم, هو بلبلا رائعا محبوسا داخل قفص في فناء الصالة. وكنت استيقظ على تغريدته كل صباح. ووجدت ان بعض اهل بيتنا يتضايقون منه رغم عذوبة الالحان التي ينشدها مع كل خيط فجر, وحتى طلوع الشمس. ربما بعض الكسالى الذين يرجعون لفراش النوم بعد الصلاة على عجل تنغص عليهم ابداعاته, وهو يشعر ان هذا واجبه وعمله الذي خلق لاجله. وقسم اخر شديد التعاطف معة, والناس في تذوقهم فنون, ومع هذا هم يرون ان لوحدته وقعا مؤثرا في نفوسهم, وهم يودون له ان يحيا حياة طبيعية . سالت عن الطير وقصته, اذ ان من الغريب وجوده هنا, فلم اعرف ان احدا عندنا يربي طيورا, ايا كان صنفها. عرفت قصة الطير وتعلق ابن اختي محمد به, وهذا سبب كافي لتحمل وجود الطير. فكرة اطلاق سراحه راودتني, واعطاءه الحرية عندي افضل من مقترح تزويجه بالقفص . كيف.. ومالكه يعتز بوجوده ؟ عرضت عليه مقترحي ...قلت له يا عزيزي انني اعرف ان طلبي سيكون قاسيا عليك ولكن شعوري بمحبتك لي جعلتني اطلب منك اكرامي . انني عدت هنا اليكم بفضل الحرية. و سنستقبل عاما جديدا يتحرر الناس فيه من السجن والاعتقال التعسفي والخوف. وبشائر الحرية اصبحت في كل مكان من الوطن. لهذا ارى ان نبدا عامنا الجديد صباحا ومع بزوغ اول خيوط الشمس باطلاق سراح الطير. هدية منك لي . فرح الصبي بهذا, ورحب اكراما لي . فطلبت ان يقوم هو بفتح باب القفص بيده الرقيقة ذاتها التي سجنت هذا البلبل الجميل, ويتخلص من ان يشعر يوما انه ظل سجانا . وفعلا جرى كل شئ حسب الاتفاق, ولكن الطير خيب ظننا, ولم يترك القفص رغم المقدمات التي عملناها, باخلاء القفص قبل وقت كاف, من الماء والطعام وبالوقت الذي كان يعطى به سابفا. وانتظرنا ! وقلنا.. اتركوا كل شئ له, الابواب مفتوحة وجلسنا بعيدا نتناول الفطور, ولم يخرج صاحبنا من مؤاه . قمنا باخراج القفص الى فضاء الدار وتركناه على الارض عله يشاهد الطيور الحرة من عصافير وغيرها تحوم في المكان . وكنا نراقب من بعيد, ففي المحيط البعيد فطط طردناها قبل وقت لنهيئ الاجواء. وكنا خائفين عليه من عودتها . لا يوجد عيب في جناحيه وهو يتنقل بالقفص بحيوية, ورغم هذا لم يخرج وكانه استساغ الحبس! او ربما يشعر بانه لا يستطيع ان يعيش بدون العون. فهو لا يجيد سوى الغناء, الذي اداه ببراعة طوال السنوات التي عاشها في السجن منذ صغره. ولانني لم اطق مثل هذا الانتظار, واتوق لحريته, اخرجته بيدي برفق ووضعته على الحائط . بقي وقتا قصيرا حائرا يتلفت. لا ادري ماذا كان يفكر به ولكن اظنه قرران ينهي لحظات الوفاء لصاحبه. ثم وجد نفسه مرغما على الطيران . كي يعود الى طبيعته .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |